الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة في زنزانة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 9 / 16
الادب والفن


في هدأة الليل أراقبني ، وحالات الضّعف تأكل أغلب جسدي المهزوم .
ليس للندب مكان ، لا يعود الرّاحلون ، لن تعود السنون . لست ضحية فأنا من فرّط بالأمور . سلّمت قوتي للريح، سلبتها الرّيح ، لم أعد أعصف . بدأت أختبئ في بئر عميق.
هذه كلمات أغنية قادمة من نوافذ الليل تثير شجوني ، أردّ عليها بأغنيتي، تتحدّث أغنيتي عن القوّة التي كنت أمتلكها. تنازلت عن قوتي حتى هنت ، من تهون عليه نفسه يهان .من يهان مرّة يستسلم للذلّ.
الكلمات ليست لي . كلمات قادمة من بعيد من السجن. هناك سجين وسجان يتبادلان الأغنيات ، يريدان أن يستمرا في الحياة ، يسأل السجين امرأة تقيم في زنزانة أن تدلّه على الطّريق . تقول له: كن قوياً .
تسرد المرأة قصّتها يوم كانت تحمل معها جعبتها المليئة بالقوة ، وكيف وزّعت تلك القوّة على شخص لا يستحق:
كنت أملك كل الخيارات أيها السّجين ، لكنني خفت ، بقيت خائفة إلى أن انتهى بي الأمر في زنزانة ، لم أعد أخاف الأشياء . إن حدّثوك عن المستقبل قل لهم أنّه كذبة . لا تصدّق الأمل، الحبّ، و الأمنيات. في كلّ مرّة تضعف بإمكانك أن تحضر المرآة ، تستأصل الأماكن المترهلة في قوّتك.
هل أعرّف لك الغباء؟ هو أن تكون مثلي تحب العطاء ، عندما تفقد قوتك مثلما فقدت أنا قوتي يكون مصيرك الزنزانة. أنا اليوم سعيدة بالزنزانة، فليس لدي شيء أفعله خارجها ، أتكوّر عندما أنزف، لا أعرف مكان النّزف ، لا أعرف إن كان عليّ أن أعالجه، أم أجعل " القدر" يأخذ مجراه. فلتنزف كل الأشياء . أخاف الحياة.
يكمم السّجان فم السّجين، يجيب المرأة:
أنت مجرّد امرأة غبيّة . هل لك أن تقولي ماهي أسرار القوة لديك، ومن أنت؟
نعم أيها السّجان. بكل سرور . أرغب أن أتحدث عنّي حتى لو مع حفار القبور.
من أسراري : كنت أرغب بالهرب من بيت عائلتي منذ كنت في العشرين، لكنني لم أفعل ، خفت على مشاعر أمي ، و أن يحمّلهم المجتمع عبئاً لا يستطيعون أن يحملوه، فقدت بعض قوتي، رضخت للأوامر. بدأت أشعر بالصّقيع ، استبدلت الهرب بهرب من نوع جديد. استبدلته بالزواج من الحبيب. كان بارداً كهبات الثّلج- أعني الحبيب- ، كان عليّ أن أهرب ، لكنّني لم أفعل، بالعكس كنت أعمل، و أعطيه، فقدت عنصر القوة مع الحبيب.
فتح السّجان باب الزنزانة ، طلب من المرأة أن تجلس معه ومع السجين . تبادلوا أطراف الحديث ، بكى السّجان لأنّه قضى حياته كسجين، هو لم يخرج من السّجن أبداً .
من نوافذ الليل البعيدة كانت الموسيقى تتدفق ، المطر ينزل، رائحة التراب تنفذ إلى السجن .
تكوّر الثلاثة على بعضهم البعض منتشين برائحة الحياة القادمة من بعيد. غنوا أغنية الخوف: رغم جمال الحياة لم نر منها سوى الأمر المخيف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بحب التمثيل من وأن


.. كل يوم - دينا فؤاد لخالد أبو بكر: الفنان نور الشريف تابعني ك




.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: لحد النهاردة الجمهور بيوقفن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كل ما أشتغل بحس بن




.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو