الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بددت حياتى ؟

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2020 / 9 / 18
سيرة ذاتية


سؤال صغير وخطير ، غالبا يسأله الانسان لنفسه فى نهاية الخمسينيات من عمره ، هذا السؤال يروح ويجىء من فترة لاخرى، ولكنه يصبح ملح ( بضم الميم ) ، واكثر تكرار اذا تخطى الانسان عتبة الستون عاما، لانه تقريبا وكما يقول المصريين لم يعد فى العمر اكثر مما راح.

ترى لماذا يثور هذا السؤال اصلا ؟
يتقابل الانسان بحكم العمل والحركة مع اناس كثر ويتبادل معهم اطراف الحديث ، وربما انا مثلا بحكم اننى اجتماعى بطبعى ، فهذا السؤال يروح ويجى بمناسبات عديدة ، مثلا تقابلت بالامس القريب مع شاب سورى ودود ، كان يعرض على ما يشبه عينة لنوع من العطر يبيعه ، بغية جذبى للشراء ، بادلته الحديث ، انت من سوريا ، فاجاب بنعم

قلت له انا زرت سوريا منذ زمن بعيد ، قال امتى ؟
قلت له مازحا فى اوائل الثمانينات ربما لم تكن ولدت ، قال ولا حتى ابى كان تزوج امى ، لقد كان عمر والدى فى ذلك الحين عشر سنوات ،

قلت فى نفسى يا للهول كما يقول يوسف بك وهبى ، ترى اين ذهبت حياتى ، وغرقت فى صمت بعد ان غادرته ، متفكرا ومتسائلا ترى هل بددت حياتى ؟

فى وقت اخر كنت بمكتب صديق ، ولا اعلم لماذا سألتنى فتاة المكتب وهى تقدم لى الشاى ، هو حضرتك عندك كام سنة ؟ واستدركت هى ، سؤال سخيف صح ، ما اعرفش ليه الناس بتسأله ؟

قلت لها فى اوربا والدول المتقدمة يستحيل سؤال الانسان عن عمره وخصوصا الانثى ، فامنت على كلامى ، وبادرتها قائلا تعتقدى عندى كام سنة ؟

فقالت تقريبا كده فى االخمسينات ، فاجبت منتشيا تقريبا صح ، برافوا عليكى ، لقد خدعها الشعر المصبوغ ، والقوام المعتدل فلم تدرك اننى لقد تخطيت عتبة الستين بقليل.

لعله يبدو اننى اخذ القارىء فى اتجاه بعيد ، حتى لا اجيب على السؤال المعضلة ، هل بددت حياتى ؟

فى مقتبل العمر فى عندما كنت فى الدراسة الثانوية كنت واحدى قريباتى نتنزه فى احدى الحدائق ونتحدث سويا ، قالت لى انت نفسك تطلع ايه ؟

قلت لها عندى حلم الا تضيع حياتى بشكل درامتيكى اخلص تعليم واشتغل واتزوج وانجب ثم اموت ، لا انا عندى طموح لا اعلم ماهو، لكن انا اريد ان اكون مشهورا وان اغير المجتمع بالكتابة ربما, بالساسة ربما . بالمال يجوز .
ومرت حياتى وانقضى على هذه الحادثة اكثر من خمسة اربعين عاما ، وما زال هاجس اننى لم احقق ما اريد يراوادنى ، واشعر اننى ما زلت بعيدا عنه تماما ، وهكذا لا يفارقنى الحلم فانساه ، ولا انا احقق الحلم .او اشعر اننى على دربه فارتاح

انساه احيانا ، ولكن ليس ابدا ، تاخذنى الحياة فى دروبها واكل العيش المر الذى يستنزفنى ووقتى ، لابقى على اسرتى واولادى ، ولكنى ابدا لا يفارقنى الحلم ، احيانا اشعر بحلم ان تأتينى ثروة مباغته تكفينى متاعب الحياة لاتفرغ للحلم ، ولا تأتى .
سلكت دروبا كثيرا ربما مثل اوليفر جولد سميث ( كاتب انجليزى ) ولكن اوليفر انفق ثلاثون عاما فقط ، قبل ان يهتدى الى طريقة ، ليكون بعدها احد كتاب بريطانيا العظام ، خلال الخمسة عشر عاما التى تبقت له فى حياته ، حيث توفى عن عمر يناهز الخمسة والاربعين عاما

وها انا قد تخطيت عتبة الستون بقليل وانفقت ثلاثون عاما . بحصاد متواضع . لم افشل كمحامى ولم انجح نجاحا مرموقا يشار له بالبنان

وفى مجال الثروة المالية مازلت احيا يوما بيوم محاطا بشهرة وهمية اننى متخم بالمال والعقارات، ولكنى فى الحقيقة لا املك شروى نقير

وانا فى مجال السياسة وصلت الى اعلى المناصب فى حزب سياسى حيث اننى نائب رئيس الحزب ، ورئيس للمكتب التنفيذى ،ولكنه حزب تتنازعه الخلافات بين اعضاؤه ولا يراد له ان يكون له صوت مسموع ، رغم ان مجاله البيئة وهى احوج ما تحتاجه بلادنا ، رغم ما انفقت فيه من مال وجهد ربما على حساب عملى كمحامى ، وعلى حساب اسرتى ، ورغم ذلك لم احقق فيه نجاحا يذكر كسياسى مشهور او صاحب رؤية رغم اننى كنت قاب قوسين او ادنى من ذلك .

فى مجال الكتابة عشقى الاول والاخير هأنا اشق طريقا لكتاباتى بعد ان كتبت لنفسى عشرات السنين ، وربما تكون الكتابة طاقة النور الوحيده والباقية .

ترى هل تكون الكتابة المنتظمة والفعالة ، الطريق الوحيد المتبقى لى لتحقيق ما اصبو اليه ؟

وهل يتبقى لى خمسة عشرة عاما مثل اوليفر جولد سميث ، تكون معبرا لى لتحقيق طموحاتى واحلامى ، ام يطوينى الثرى، ويكتب على قبرى( هنا دفن رجل كانت له امال لم يحقق منها شيىء, فليرحمه الله)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا