الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاً ايها العاشق الكبير

زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)

2006 / 7 / 5
الادب والفن


بعد خضوعه لعملية جراحية في قلبه.. حيث اجريت له هناك, بعيداً عن فلسطين واللد ويافا, هناك, باحدى المستشفيات الالمانية.. توقف قلب فلسطين النابض في المبدع الكبير الاستاذ اسماعيل شموط.. فقلبه لم يعد يحتمل هذا الجرح الفلسطيني النازف كل يوم من جديد!

منذ ان تعرفت عليه بصورة شخصية.. وكان ذلك على هامش حفل التكريم الذي اقامته بلدية الناصرة.. اثر منحه وسام القدس عام 1997.. كتبت عن ذلك اللقاء اول مقالاتي في الفنون التكشيلية – الفلسطينية خاصة.. نشر في "الاتحاد" حصراً, في اواخر شهر كانون اول من ذات السنة, وذلك تحت عنوان "رحلة في الشريان".. ومن ثم توطدت اواصر الصداقية بيننا.. الاستاذ اسماعيل شموط والفنانة تمام الاكحل من ناحية.. وانا من الناحية الاخرى.. وقد داوم, كعادته في كل شيء يحبه, على الاتصال بي.. لم يكن يمضي بضع اشهر الا ويتصل بي مطمئنا او محدثاً عن امور جديدة وهموم تشغل باله.. الا وهي هموم ارض وانسان فلسطين!! كم كان احبته من حوله يطلبون منه الا يستمع لنشرة الاخبار؟؟ كي يحافظ على نوع من هدوء البال.. ولو ظاهرياً.. الا انه لم يكن يستطيع ان يترك اي شيء يتعلق بفلسطين ولا يعرفه.. وبما ان كل الوقائع حملت في سياقها مزيدا من النزيف الفلسطيني.. مزيداًَ من الالم والهموم.. فقد كان ذلك يتعبه كثيراً ويزيده كآبة والم!!

عاد منذ ايار الماضي الى عمان, بعد ان قضى في المانيا قرابة الشهرين, اذ خضع حينها لعملية جراحية لقلبه.. وحين عاد اتصل بي وطمأنني عن احواله.. تحدثنا عن امال واحلام كبيرة مؤجلة!! على امل ان يزول الاحتلال, كي نستطيع ان نفترشها على بساط ترابنا الابي.. في رام الله في القدس في الخليل في غزة.. وهنا في الجليل.. في يافا في اللد.. هي بعض من الحلم الفلسطيني.. في الاستقلال والحرية!!

عشق الراحل الكبير اسماعيل شموط فلسطين.. فحملها طي ريشته والوانه, وكان الفنان الفلسطيني الاول على الاطلاق.. ذاك الذي رسم المأساة الفلسطينية بكل ابعادها وماسيها الانسانية والتاريخية.. حتى عد بحق وامتياز رائد مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني الاول!!

لم يكن يرتاح.. ولم يصل الى حالة من الشعور ادعى بها انه انجز مهمته.. بل على العكس من ذلك.. فقد ثابر على العطاء الفني.. وقد انجز رائعة الفن التشكيلي الفلسطيني هو والفنانة تمام الاكحل.. تلك المجموعة من الجداريات التي حملت عنوان "السيرة والمسيرة".. والتي اعلن عنها منذ بداية تنفيذها انها وقف للمتحف الوطني الفلسطيني العتيد.. جال بها معظم عواصم العالم.. اطلع الناس على سيرة الماساة الفلسطينية.. وحلمه بالعودة والاستقلال والحرية.. واصدر كتاب عنها, احتوى مسيرة انجاز تلك الجداريات التي وصل تعدادها الى 19 جداية بالالوان الزيتية.. وقد ضم الكتاب تلك الجداريات مع شرح سيرتها ومسيرتها!

في المرة ما قبل الاخيرة التي تحدثنا بها.. وكان ذلك في اواخر اذار العام الحالي.. اخبرني عن كتاب الباحثة الاسرائيلية جانيت انكوري.. التي تناولت في بحثها موضوع الفن التشكيلي الفلسطيني.. والتي كتبت فصلا خصاً عن الاستاذ اسماعيل شموط وعن تاريخه واعماله.. وقد صدر البحث باللغة الانجليزية, حاولت ان انشر الجزء الذي تناول مسيرة الاستاذ شموط واعماله.. الا انه دون جدى, فقد كانت الصحافة المحلية متخبطة بموجة انتخابات الكنيست. وكنت انوي الى جانب ذلك ان انشر بعضاً من اخر اعماله واعمال الفنانة تمام الاكحل, تلك التي انجزت في سنة 2004, والاخيرة التي انجزت عام 2005 واوائل 2006.. لكن هيهات!!

يؤلمني حقاً هذا الغياب ايها العاشق الكبير.. كما المني الغياب المفتعل وانت بعد على قيد الحياة!! فبعد التنسيق معك توجهت بدوري في العام 2004 الى مهرجان اللد, واقترحت عليهم اقامة امسية تخص الفنان اسماعيل شموط.. نعرض خلالها نماذج من اعماله ونتحدث عنه.. ونعطيه فرصة لان يتحدث عبر الهاتف الى اهل اللد والرملة ويافا.. تلك الربوع التي تعشش ذكراها في رئتيه كما الهواء!! وقد توجهت يومها ايضاً الى بعض المؤسسات الاهلية, كي نقوم بزيارة الاستاذ اسماعيل شموط ونصور لقاء مطولاً معه, يحكي فيه عن تجربته الفنية والتاريخية والنضالية.. من اللد الى خانيونس الى القاهرة فروما فبرلين فبيروت فبغداد فعمان فبيروت فعمان.. لكنهم تأخروا بالرد.. الى ان رحل ليلة اليوم الثلاثاء 4 تموز 2006, عن عمر ناهز ال 75 عاماً.

وداعاً ايها العاشق الكبير.. يا من عشقت فلسطين بكل شيء.. ولم تساوم!! عشقت فلسطين.. فرسمت اول ملاامحها في وجنتيك.. وكتبت اول رسائلها عن تاريخ الفنون التشكيلية في مقلتيك.. وزودتنا باعمال وثقت تاريخ الانسان الفلسطيني وماساته.. عبر اكثر من نصف قرن.. ونثرت غبارك في كل ارجاء الدنيا!! ففي كل بلد من شرقها لغربها ومن جنوبها لشمالها.. بعضاً مما حمل بصمات يديك!!

وداعاً ايها العاشق الكبير.. ووعداً حملته اعمالك على مر الايام والسنين.. اننا عائدون.. وان "الارض حبلى والسنون".. وان ما تركته من ارث عظيم ستفخر به فلسطين على مر الزمان.. وستفخر به الانسانية على مدى الاجيال.. فمن له قلب كقلبك ايها العاشق الكبير.. لا يترك الدنيا ولا يزول.. انت باق كالارض والزيتون.. وستحمل شمس الحرية لحظة بزوغها على ارض فلسطين.. ستحمل اسمك بأحرف من حب ومن ياسمين.. اسوة بكل ابنائها الطيبين.

وداعاً ايها العاشق الكبير.. وحسبي انني حظيت بصداقتك وبحبك الابوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي