الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تتوحد أنثى التلقي ليلى حسين مع أنثى الحكي زينب الحناوي!

محمد القصبي

2020 / 9 / 20
الادب والفن


تباغتني الكاتبة ليلى حسين بما أبهجني ..فيوضات حقولها الوجدانية بعد تخصيبها بسطور روايتي المثيرة للجدل "مالم تقله النساء"..
وحين سألتها: لماذا لاتعبر عن استقبالها المحموم هذا في مقال ؟ قالت: الخوف ..الرواية رغم مصداقية كل حرف فيها إلا أن جرأتها صادمة حتى للعديد من النخبويين..
ثم تختتم إجابتها بما أراه أنيميا في الثقة غير مبررة : في الحقيقة لاأجرؤ على تنظيم أفكاري تلك ونشرها في مقال..
..ومايراه البعض في رواية مالم تقله النساء اختراقاً جريئاً بل وقحاً .. لما يجري على أَسِرَّة الشرعية والذي ينبغي أن يظل صندوقا أسود غير قابل للفتح أبداً ..حتى لو تلوث فراش الزوجية هذا بتقيحات عقد الذكورة وتحول إلى كفن للأنثى الجسد والروح والوجدان..فغير مباح لها إلا الصمت..صمت الموتى ..حتى نهاية العمر..!!
لكن د.زينب الحناوي أستاذة الأدب الانجليزي في جامعة المنصورة قررت التمرد ..قررت أن تتقيأ وحل مستنقع غرف النوم الذي تجبر على تجرعه كل ليلة من قبل زوجها وابن خالها هشام الغزولي أمير جماعة أحباء الرسول السلفية الذي قبلت به زوجا لأسباب عائلية .. إلا أنه ما كان بالتمرد الكامل ..تمرد زينب الحناوي كان مكبلاً بجبن الأنثى المتكلس في جينومها مع قهر الذكر لها منذ آلاف السنين ..فحين قررت أن تطفح بكل عذاباتها العاطفية والجسدية في رسالة لأستاذها د.سامي الجبالي استهلت رسالتها بتلك الحروف المرتعشة:
أستاذي د/ سامي الجبالي
مع آخر كلمة سطرتها في رسالتي هذه..أراني مدفوعة للعودة إلى البدء لأدمي ورقتها الأولى بنزف انشطاري بين رغبتين حادتين ..
أن أمزق أوراقي تلك وتظل صرختي حبيسة مخدعي ..
أو..
أن أرسلها لك وحدك لتمزقها بعد قراءتك لها ..
إلا أن رغبة ثالثة تراودني..أن تطير أوراقي عبر كل الأسيجة لتمطر الرجال بحقيقتي.. لكنها رغبة ما زالت في بدء تكورها برحم أحلامي .. وأمامها أجيال وأجيال حتى تتحول إلى كائن مكتمل جدير بالانبثاق ..فلا الفلاحون في قريتي بوسط الدلتا ولا ركاب المترو في عاصمة بلادي ..ولا حتى مثقفو الأتيليه وقهوة ريش في القاهرة..لا أحد مهيأ بعد للإنصات الى صراخي ..
أرجوك ..مزق أوراقي تلك ..بعد أن تفرغ من قراءتك لها.. إن غلبتني الرغبة الثانية وأرسلتها لك ..
....لكن الرسالة لم تصل إلى أستاذها ..فقد عُثِر عليها ضمن أوراق أخرى في شارع لاظوغلي بالقاهرة عقب اقتحام متظاهرين مبنى مباحث أمن الدولة يوم الأحد الموافق 6 مارس 2011...
وكانت الشرطة قد عثرت على جثة د.زينب يوم 5 أكتوبر 2009 في مطبخ شقتها بعد تلقي بلاغات من الجيران عن سماع صرخات استغاثة من داخل الشقة، وتبين من التحقيقات أنها قُتِلت طعناً بالسكين ،وقُيِّدت القضية ضد مجهول كما ذكرت الصحف حين ذاك..
أوراق الرسالة التي تم العثور عليها في شارع لاظوغلي كشفت عن أن خلافات حادة دبت بينها وبين زوجها الذي قرر الزواج من ثانية ..وهروباً من تهديداته لها لاذت بشقة صغيرة في المنصورة هي وطفلتها شادن..!
هذا الذي لم تقله النساء وقالته زينب الحناوي في رسالتها يراه بعض الذكور "قلة أدب" ولا ينبغي نشره ..وحين كنت بصدد تنظيم ندوة حول الرواية في المجلس الأعلى للثقافة في أمسية رمضانية بمشاركة مجموعة من النقاد والكتاب والإعلاميين الكبار ..د.شريف الجيار ..الراحل المتميز ربيع مفتاح ..شوقي عبد الحميد..د. أشرف توفيق..منى ماهر ..عادل سلامة .. عاصم القرش ..محمود رمزي ..سيد صديق..جانيت توفيق ..وآخرين.. إزاء هؤلاء الذين استقبلوا صراخ زينب الحناوي بعقل مستنير..تساءل بعض الزملاء الصحفيين: كيف يمكن مناقشة رواية مثل تلك في شهر رمضان ..شهر الورع والتقوى ؟!
هل تأذن لي الكاتبة ليلى حسين في البوح ببعض بوحها عن الرواية؟..
هذا ماقالته لي عبر رسائلها المتتالية على الواتساب:
• -ها أنا قضيت مع بنت الحناوي صديقي محمد القصبي 110 صفحة .. دور النشر كان لها حق تتردد في نشر الرواية .. 🦋
-القراءة مرهقة جدا خلال شاشة الموبايل .. أما كان أفضل أن ترسل لي نسخة ورقية و اعطيك خمسة جنيه ..؟ من أين اتيت بهذه الجرأة و هذه التفاصيل .. تفاصيل دقيقة لحياة الريف .. و شخصيات واقع معقد لا يخلو منها المجتمع .. حلم البنات بالفارس في عالم مغلق و آول دقة قلب .. فزع الأنوثة و تداعيات الخوف .. رغبة الآباء في الولد الخليفة السند حامي راية العائلة و اللقب و الأرض .. التحليل النفسي للشخصيات كل على حدة و كأنك تعيش الشخصية بكل تناقضاتها و أبعادها .. لقطات تاريخية عميقة للحياة المصرية و إفراد مساحة لنظريات علماء النفس و إطلالة العم فرويد رضي الله عنه! و رفاقه على أعماقنا و فضح دقائق التركيبة النفسية .. يا نهار كحلي غامق .. الحب قسرا و قهرا و البحث عن الحماية و القوة .. و الخيانة الفكرية أحيانا .. يا عقل المؤلف الشرس الشرير ! ..
-أقحمتني في عنف الجماعات الدينية و جلابيبهم القصيرة القاصرة تماماً مثل عقولهم .. المعتقدات و الموروثات أكثر نفوذاً و تأثيراً في الحياة من العلم و الشهادة الجامعية .. بين السطور تطفو علوم الثقافة والسياسة و التأريخ و العلمية و التشريحية للأنثى فكريا و بيولوچيا و نفسيا .. بل للمجتمع كله .. كم أنت مرهِق في تعرية الجسد و ثقافة بدلة الرقص .. رغم أني أهيم بالرقص منذ طفولتي إلا أنني لم افكر لحظة في اقتنائها أو تكون إحدى القطع الهفهافة في خزانة ملابسي و التي تحرص الفتيات على شرائها باعتبارها من أساسيات جهاز العروسة .. يا واقعة طين .. لازم الجوازة تكون على واحدة و نص .. يا دماغ أجدادك!
-يا سيدي أنا لا أكتب نقدا و لا تحليلا .. أنا فقط أدردش" مع صديقي واسع الأفق و الثقافة يسير السرد .. نافذ الحوار ..حاضر الرؤى ..صديقي هذا فاجأني في روايته و قد أخترق الحجرات المغلقة مرتديا " طاقية الإخفاء " أو بدا كالجني يخترق المسام و تلافيف الوعي و اللاوعي .. أخشى أن أقلب عليك الطاولة في نهاية المطاف و انتقب و ادعو عليك و على دماغك .. كان وجهك يلوح في ثنايا السرد .. ملامحك الحقيقية و انطلاقات قرينك السافر .. هذه هي قريتك المعصرة ..مسرح أحداث الرواية .. !إنها تعصف و تعصر
تعصر كيان مجتمع .. كحبات الزيتون المر يهرس بين حجرين .. لا أدري هل كان "الغنام" واقعا مصغرا لعالم البلطجة و الفتوة في حرافيش "نجيب محفوظ" .. ؟! ..
-الرواية تباغتني بحالي ..أنا كأنثى لم أبحث يوما عن عنترة .. عن العملاق مفتول الذراعين .. و إن كان هذا حلم بعضهن .. هذا المارد الذي ينطلق من القمقم و المصباح .. ترى هل أنا أنثى متخلفة أو معقدة؟! .. أو ربما لم أكن أنثى على الإطلاق؟! .. هل توقف بي العمر عند مرحلة الطفولة.. الحلم و سرمدية الحياة في مدائني الفضلى ؟ .. أتعجب جدا من حالات الارتباط المشهودة في الواقع و قوائم الاختيارات التي تحكمها صفقات .. صفقات الأمان .. و الحماية و المال الذي تسيد الموقف .. الزواج صفقة تجارية و " الحب يأتي لاحقا " أو لا حب على الإطلاق .. مؤكد أنا لم أكن من الأسوياء .. كنت أبحث في اللاوعي عن مخترق لعقلي و قلبي .. عمن يشاركني دقائق حياتي و يحترم صغائر أموري و يقدس تفاهاتي .. الحب توحد .. الحب قبل الجسد ..
-أصدقك حين تقر أن الفجوات الرئيسية في الحياة تبدأ من غرف النوم و تدار من غرف صناعة القرار التي يدار منها العالم .. تنشب أفكارك في رأسي بإسلوب هادر حيناً و ناعس حيناً عندما تشدني إلى عالم عظماء الشعر و رقة المشاعر و عذب الحروف .. عالم الحب الأسمى .. الشعر سيدي الأديب بصمة روح .. أما الكتابة الإبداعية بوجه عام كما أشار لي صديق هي الدهاء و الخبث و المكر في بوتقة واحدة .. لذلك لم أتحقق على ساحة الكلمة .. فأنا اكتب مشاعري بتلقائية .. بتمرد و كل ما املك من صدق ..
-لا إله إلا الله .. يفنى العبد و يخلد الله .. طعنت الدكتورة زينب الحناوي .. و قيد الحادث ضد مجهول .. عالمنا مليئ بالموتى و حوادث القتل.. و القاتل دائماً مجهول!
-في المعصرة و بلقاس و شربين .. بين ثنايا الحروف تنفذ ملامحك و أسنة دماغك بين السطور .. رغم مافي الرواية من جرأة افزعتني إلا أنني اقتربت من وجهك الآخر صديقي المبدع ..
- تلك انطباعاتي الشخصية .. بالطبع لا ترقى لمستوى مقال محكم الإحساس و الفكرة ..فاعذرني
...........
أختي العزيزة المبدعة ليلى حسين :لاتغضبي لأني نشرت بوحك لي حول هذا الذي لم تقله النساء وقالته زينب الحناوي..وما بوحك إلا امتداد لصراخ زينب الحناوي ..جريمة أن أواريه أدغال محمولي.. محجوبا ب"باس ورد" عن العالم الذي من حق ليلى حسين عليه ..من حق زينب الحناوي ..أن ينصت لصراخهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي