الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبب الخراب بسبب الأوصياء على الناس ضحايا الغباء وجلادو غيرهم الاوفياء!

كرار حيدر الموسوي
باحث واكاديمي

(Karrar Haider Al Mosawi)

2020 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ما بالكم يا شرفاء العراق.. مازلنا نسعى لإخراج أنفسنا من عنق الزجاجة.. لنرميها في طوفان الفساد.. والقتلة؟.. أحقاً أنا استمع كل هذا الصراخ.. من أجل أن يقال ليً من يعتقد انه يفهم.. ليطالب بانقلاب.. ورجل قائد.ـ من هذا الرجل القائد؟ وكيف؟ هل انتم اخترتموه؟.. أم يذيع علينا بياناً منمقاً.. قائدٌ يخطب لا نعرفه.. أو حتى لو نعرفه.. وشعب يصفق.. يصفق لكلمات رنانة وواعدة.. بلا ضمان!!ـ كما إن الدعوة الى إقامة نظام رئاسي.. تصب في ذات الاتجاه.. أي في خلق رئيس.. يقود البلاد نحو الفردية مهما كانت صفاته.. ما دامت البلاد قائمة على نظام هش.ـ يا سادة: البنى التحتية تدمر.. لكن تعاد بهمة الرجال والشباب والنساء من أبناء العراق الحقيقيين.. وليس بعراق النفاق.. وسراق المال العام!!.. أو ممن يدعي انه الرجل الهمام.ـ مرت كثير من الأوطان والشعوب في حروب ومحن وحصار اقتصادي.. وخرجت منها.. وأعادت عافيتها.. من بناء وإنشاء وتعمير وازدهار.. ليس في القائد.. بل بقوة وذهنية كل الشعب.ـ إلا العراق.. لم يتعافى ولَم يعد سالماً أو قادراً على التعافي.. رغم الثروة الكبيرة التي منحها الله له.. بعد انتهاء الحصار.. وانتهاء نظام دكتاتوري دموي جثم على الصدور لمدة خمسة وثلاثين سنة.. والسبب هو تحطم البنية التحتية.ـ البنية التحية السالمة.. هي أساس أي مجتمع متحضر ومتقدم.. وانهيار هذه البنية التحتية.. هو انهيار لأخلاق وقيم المجتمع.. وعندما تتحطم وتنهار الأخلاق والقيم.. لا يبقى موضوع لنكتب فيه أو نعلق عليه.ـ الصديق (مأمون ألدليمي).. تحدث عن واقع لا يمكننا تصوره.. فيقول: (زرتُ مؤخراً كوبا.. وهي تحت حصار اقتصادي قاسي بحري.. وجوي.. وبري.. لمدة 60 عاماً.. المباني لم تصان منذ 60 عاماً.. السيارات نفسها منذ 60 عاماً.. وهذا الحال مع كل شيء في كوبا).. ويضيف قائلاً: (إلا إن البنية التحتية سالمة.. بلد مكافح.. وشعب مضحي ومتعاون مع بعض.ـ تسير في شوارع الفقراء بعد منتصف الليل بلا مشكلة.. اترك حقيبتك في أي مكان.. وعد بعد ساعات تجدها في مكانها).ـ (لذلك تعمدً منْ في صالحه خراب العراق.. من تحطيم البنية التحتية.. ومعها تم إنجاز الهدف في تحطيم القيم والأخلاق.. وهذا اخطر أنواع الحروب.. وآثاره اكبر من قنبلة نووية). (انتهى كلام الصديق مأمون ألدليمي)…….ـ أقول.. وأقول.. وأقول: نحن ألان يا سادة دخلنا عشرينيات الألفية الثالثة.. طفل ألنت اليوم لم يعد يسمع قصص البيبية.. أو الأم.ـ طفل اليوم ياسادة: يقدم كل دقيقة أفكاراً وخططاً.. ويناقش الآباء.. بعلمية.. وعقلية تدهش الكبار.ـ فلم يعد العالم يتوقف على قائد.. فالكل قادة.. كلُ من موقعه.. وعمره.. وسعة تفكيره.ـ سادتي.. أين هذا القائد الذي يستطيع أن يقنع نخبة العراقيين والشعب.. أو أكثرية الشعب؟.. لننظر لتاريخنا القريب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ـ (عبد الكريم قاسم).. على سبيل المثال في أواخر خمسينيات القرن الماضي وأوائل الستينيات.. لم يستطع بكل خطاباته اليومية.. وانجازاته الكبيرة إقناع شباب الستينيات.ـ خلال سنة واحدة من عمر الثورة استقال جميع وزراء الثورة.. ولم يبق منهم سوى وزيرين احدهم قدم استقالته ثلاثة مرات ولم تقبل.. وخلال السنة الأولى من الثورة.. لم يبق من الصف الأول من الضباط الأحرار في مواقع القيادة العسكرية للجيش أو المواقع المدنية.. فإما جالس في بيته.. أو محال على التقاعد.. أو معتقل!!ـ ووصل عدد المعتقلين والسجناء السياسيين في عهد قاسم: من الشيوعيين والديمقراطيين والقوميين والبعثيين والأكراد أكثر من 24 ألف!! والغالبية شباب بعمر الورد!!ـ وضمن هؤلاء المعتقلين.. كل قيادات الأحزاب الوطنية والقومية في السجون.. والكثير من الضباط الأحرار في المعتقلات.. أو محالين على التقاعد.. أو أعدموا.. فعمت الفوضى الشارع العراقي.ـ وانقسم الشعب بين مؤيد لقاسم.. وبين معارض.. وصراع دموي منذ أواخر 1958 واستمر الصراع دمويا حتى بعد إعدام قاسم!!ـ مثال آخر للقائد..(علي صالح السعدي).. يقود البعث العام 1963.. بكل دمويته.. وعنجهيته وحرسه القومي.. الذي عاث في الأرض فساداً.ـ ولم يستطع (السعدي) أن يقنع العراقيين.. ولم يستطع إسكات المعارضة والرفض لنظامه.. ووصل عدد الذين أعدمهم أكثر من 3000.ـ والمعتقلين خلال فترة حكمه القصيرة.. أكثر من 30 ألف.. من الشيوعيين.. والقاسميين.. والعسكريين.. والقوميين.. والأكراد.. وشرد أكثر من 70 ألف الى خارج العراق..ـ ولم يستطع أن يحقق الأمن في البلاد.. فسقط بتسعة أشهر غير مأسوف عليه!!ـ مثال ثالث.. (عبد السلام محمد عارف).. القائد الثاني لثورة 14 تموز 1958.. الذي صفق له الشعب بكل طوائفه في اليوم الأول للثورة.ـ وبدل أن يقيم حكماً وطنياً وعربياً كما يدعي.. أقام حكماً عشائرياً عسكرياً صرفاً.. هكذا تأسس الحكم العشائري تحت ظل قائد عسكري وطني !؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟مثال رابع.. (أحمد حسن البكر): رفض بشدة تعين (ناجي طالب) الشخصية الوطنية العسكرية النزيهة رئيساً للوزراء.. مؤكداً بالفم المليان: (لا يجوز تعين رئيس وزراء شيعي للعراق).ـ وهكذا بدأ القتل والاغتيال لأقرب الناس له.. ولكل المنافسين.. وكان صدام يده اليمنى في التنفيذ.. ليسير الحكم باتجاه عشائري تكريتيٍ.. وطائفي!!ـ مثل أخرا وليس أخيرا.. (صدام حسين).. بكل جبرته الذي فاق فرعون.. عندما سمح لبعض مناقشيه.. ضاعت أفكاره.. وتوقف عن الموضوع الذي من اجله جمعهم.. كنتُ أنا أحد الحاضرين.. استغربتُ هذا الرجل سكت وينظر الى محدثيه.. وكأنهم يرمونه بقنابل من العلم.. وهو كأسير مشدود بالحبال يتلقى ضربات العلماء المدوية!!.ـ هذا القائد (الهمام).. (إذا قال صدام قال العراق).. وصلت مقابره الجماعية لأكثر من 3000 مقبرة جماعية مكتشفة حتى الآن.ـ وأسراه في حروبه العبثية وأولها (الحرب العراقية ـ الإيرانية) ما زالوا يقبعون في إيران.ـ فكيف اليوم.. تريدون قائداً.. وأي قائد هذا.ـ هل هو قيادي سياسي من أزبال ما طرحته قاذورات البشرية؟؟ـ أم ممن يتاجر بالدين ويسرقنا؟؟ـ أم ممن ناضل نضاله السياحي.. واشترته الدول المضيفة بدراهم معدودة.. ومتمسك بقوة بجنسيته الأجنبية.. يبيع العراق من اجلها.ـ أم عسكري قاتل داعش.. إلا انه لن يصلح قائداً لحزب.. فكيف يصلح أن يكون قائداً للشعب؟؟ـ وإذا رفضتم قائداً إسلاميا بعد 17 سنة من التدمير والتجهيل والقتل والفساد.. بالتأكيد تريدونه علمانياً مدنياً!!ـ فالشيوعيون على سبيل المثال لا الحصر من العلمانيين يا سادة.. أصحاب الفكر والنظرة السياسية كما يقال.ـ قادتهم اليوم لا يستطيعون في هذه المرحلة.. بكل ما أوتوا من إقناع قواعدهم غير القانعة بتحالفاتهم.. على الرغم من إن التفكير الهادئ والمعمق قد يعطيهم جزءً صغيراً جدا من حق التحالف.ـ لكن هذا التحالف مات كما مات تحالف قبل 2003.ـ أي قائد يا سادة.. يستطيع إدارة دولة في عشرينيات الألفية الثالثة “2020”؟؟؟؟؟؟؟؟ـ اليوم يا سادة أي بلد يحتاج الى جيش من: المفكرين.. والاقتصاديين.. والتكنوقراط.. والصحة.. والتخطيط.. والتعليم.. والسياسة.. والإدارة.. والمالية.. وفي كل في اختصاصهم.. وكلهم قادة!!ـ نحن يا سادة.. بحاجة لفرز أعداء العراق.. من طائفيين.. وسراق.. وقتلة.. وتجار دين.ـ ونقول لهم: أنتم “أعداء العراق”.. ولا ننتخبهم.. ولا نصفق لهم.. ولا نردد أمامهم.. “علي وياك علي”.. وعلي بريء منهم الى يوم الدين.ـ نحن يا سادة بحاجة لحزب جماهيري حقيقي يولد من معاناتنا.. وليس نؤسسه لانتخابات.. ولا يؤسسه من يعتبر نفسه يفتهم.ـ بل حزب دائمي بقيادة شابة معروفة ونزيهة.. وفكر علمي وواقعي.. وتاريخ لقيادته ابيض لهم ولأسرهم.. مثبت بالوقائع.ـ وبرنامج عراقي لأمة عراقية.. وليس لمكون.. أو لطائفة.. ننقذ البلاد والشعب.. وننقذ ثرواتنا.. وبغير ذلك.. نحن في الطوفان
حين أشفقت الجبالُ والسماواتُ من حمل الأمانة.. دقّ الإنسان على صدره بكل ثقة وقال أنا لها، فنفخ الله تعالى من روحه في صلصال آدم وأعلنه خليفةً له على الأرض أمام الملأ الأعلى، ومنحه الحرية المطلقة في إرضائه وحتى إسخاطه في حدود إرادته الإلهية العليا، وسلك له من الأرض فجاجًا وأنبت له فيه الزرع والنخيل والأعناب وعلّمه الأسماء كلها ليكون مستعدًّا لاستلام مقاليد السيطرة.. يروض وحوشها ويكتشف أسرارها ويمدّن غاباتِها وأدغالَها ويكون لائقًا بحمل الأمانة الثقيلة التي لا يستسهل حملَها إلا من كان جهولًا ظلومًا.
إن فطرةَ الأفضلية المزروعة في النفس البشرية (الناتجة عن اختياره خليفةً) أهم أسباب بقاء وتطور النوع البشري إلى يومنا هذا، لقد جُبل كل واحد منا على هذه الفطرة فهي من مكونات تركيبتنا الأساسية، أي واحد منا تكون روحه في جانب والعالم كله في الجانب المقابل، له حياة كاملة عميقة في روحه وفكره ومشاعره وحياة مقابلة يطل عليها من نافذة عينيه وجوارحه.. رؤية نفسه أفضلَ أبناء نوعه شعور متجذر في أفعاله وانفعالاته لا يستطيع التخلص منه بسهولة، وهنا تأتي رسائل الله المباشرة الواضحة عبر رسله الكرام لتوجيه هذه النزعة إلى الطريق القويم.. ليصبح التنافس على غايات نبيلة تقلّم المخالبَ الحادة لهذه الفطرة بالقناعة والرضا والزهد وتحفظها من شرور الكبر واحتقار الآخرين وتمنعها من السقوط في أوهام مركزية الكون وجنون العظمة والخلود الأبدي.
حين يقتنع الإنسان بأنه مركز الكون وأن كل شيء يدور في فكله وأن أي شيء يحصل له علاقة مباشرة به فإنه سيصلى جحيم التعاسة التي لا تبردها كل بحار الدنيا
إن أصعب رحلة يخوضها المرء على الإطلاق هي رحلة الخروج عن ذاته! قليلون جدًا من يرون أنفسهم من الخارج بمصداقية ويرون ما حولهم بوضوح، أما أغلب الناس محبوسون في سجون (الأنا) ولا يفلتون منها، من كل الجهات تحدهم أسوار الغواية.. يعتاشون على الوهم ويتزودون بالعبث ويشربون الفراغ صباح مساء في كؤوس من العدم ولا يتقدمون خطوةً واحدة على طريق الإنجاز، تذهب أعمالهم أدراج الرياح ولا يتذوقون طعم الحياة الصافي ويزِنون كل شيء بميزان الأنانية.
حين يقتنع الإنسان بأنه مركز الكون وأن كل شيء يدور في فكله وأن أي شيء يحصل له علاقة مباشرة به فإنه سيصلى جحيم التعاسة التي لا تبردها كل بحار الدنيا، ولن تكون التعاسة مختصة به وحده بل سوف تلحف نيرانُها كل القريبين منه إلى أن ينفضّوا من حوله، حين يرى الإنسان نفسه مركزًا للكون سينصبّ نفسه تلقائيًا وصيًّا على الآخرين، وصيًّا على أفكارهم وأعمالهم وأقوالهم ومشاعرهم ومعتقداتهم ونظرتهم إلى العالم وهو في الحقيقة ليس إلا ضحية شيطانه ونفسه الأمّارة.
إذا وضع نفسه في خانة (رجال الدين) فإنه سيرى الناس جميعًا أقل منه إيمانًا، سيكفر من يشاء ويزكّي من يشاء، سيمنح نفسه حق إعطاء صكوك الغفران أو بالأحرى سيصيبه داؤه بالجنون الذي سيوصله إلى محاولة ممارسة صلاحية الإله بالحكم والحساب والعقاب، ولسنا بعيدين عن هذا النموذج بالعكس إنه الأكثر رواجًا عندنا (من الأوصياء)، أناس نصبوا أنفسهم آلهةً من دون الله يكفرون غالبية الأمة ويجدون في أنفسهم حق الحساب والعقاب فيخربون البلاد ويقتّلون العباد ويسفكون الدماء ويهلكون الحرث والنسل.
و إذا وضع نفسَه في خانة (رجال الدولة) فإنه يرى أبناءَ شعبه عمالًا لديه أو خدمًا عنده حتى، يخوّن من يشاء ويبني المعتقلات ويزج إليها بشباب شعبه لأنهم يدعون إلى الفوضى برأيه ،جيب الدولة جيبه الخاص لا فرق بينهما وثرواتها ثرواته الثمينة وجيشها حارسه الأمين ومقدراتها ملك شخصي لأبيه وأولاده من بعده.. النزاهة عنده أن يظل حاكمًا إلى أن يمل منه جسدُه، والحنكة عنده أن يسرق هو وحاشيته ويغرق البلاد في الديون والجهل والفقر والمرض، وحب الوطن عنده أن يموتَ الشعب ويظلَّ هو ليحمي الوطن!
وإذا نصّب نفسه حاميًا للمجتمع فإنه سيعطي نفسه حق تصنيف الناس، سيستلذ باحتقار عادات مجتمعه، ويستنكر أي صوت إلا صوته ويسفّه كل رأي إلا رأيه، ويرمي بالتهم جزافًا كل من لا يتماشى معه في الرأي والأيدلوجية، فهو الفاهم العالم الذي لا يزلُّ أبدًا وما الناس إلا جهلة عليهم الانصياع إلى أوهامه! لا صواب إلا ما يقول حزبُه فالآخرون كلهم مخطئون متآمرون على حضرته مدعومون بأفكار خارجية لتدمير نظرياته العبقرية! هو الوحيد الذي يريد البناء والجميع يريدون الخراب والدمار
إن من سوء حظ الشعوب أن يصل واحد ممن تحدثنا عنهم إلى مركز صنع القرار (الديني أو السياسي أو الاجتماعي)، لأن هذا إن حدث فإنه إيذان ببدء سنوات عجاف سوداء ملطخة بدماء الأبرياء ومخضبّة بآنات المسجونين المظلومين.. سنوات خاوية من الإنجازات مكتظة بالديون والفقر والجهل والمرض وقلة القيمة أمام شعوب الأرض.
يا له من مرض مزمن لعين، إنه غشاوة سميكة على العين، حتى أن المصاب به لا يحتاج إلى الوصول إلى مركز صنع القرار ليمارس جنونه، فقد تجده وحيدًا منبوذًا إلا أنه وفيٌّ لمرضه وجنونه، يسفّه فرحة شعبه بحدث جميل وهو بالكاد مُتابَع من قبل شخصين على مواقع التواصل، يحقّر من الموهوبين المبدعين وهو لم يقرأ في حياته كتابًا ولم يسعَ يومًا إلى الحصول على معلومة وإلى اكتساب خبرة أو تجربة، مثَلُه كمثل الذي يقلل من شأن لاعب كرة قدم عظيم وهو بالكاد يستطيع المشي من ثقل كرشه!
الأوصياء على الناس ضحايا أنفسهم وجلادو غيرهم، وما عرف التاريخ دكتاتورا ظالمًا إلا كان واحدًا من هؤلاء عدا أنه وجد فرصة لممارسة جنونه، إنه الداء الأزلي يا سادة، بأعراضه وأسبابه ذاتها.. من يوم أن غزا قلبَ قابيل إلى اليوم ما يزال ينغص على البشرية حياتها، لا بأس بأن تطمح لتصبح الأفضل وأن تسعى في سبيل ذلك ما استطعت، الثقة بالنفس ضرورة ملحة للتطور والانتماء لعقيدة أو لأيدلوجية ليس شيئًا محرمّا، لكنه من الخبل أن ترى نفسك أفضل من مليارات البشر فقط لأنك أنت أنت ولا سبب آخر.. كثير منا يريدون أن يكونوا الأجمل أو الأغنى أو الأقوى، لكن العاقلين فينا يتصارعون ليكونوا الأعلم والأتقى والأنقى! وهنا يا رفاقي يكمن الاختبار.
لانكاد نخرج من مأزق حتى ندخل في اخر وماتكاد تنطفئ فتنة حتى تشتعل اخرى ولم يرَ العراق الخير ولا السلام منذ الاف السنين والى الان وربما لن يراه لأجل غير مسمى!! . فماهيَّ العلّة في ذلك؟ هل حقا اننا شعب لانستحق العيش بسلام ؟ وان السلام يفسد اخلاقنا وحياتنا وربما نتمرد على كل شي ونكفر بقيم السماء لاسامح الله.ام ان القدر منحنا محيط متخم بالحاقدين وجيران سوء لايهنئ لهم عيش الا بخراب ديارنا وموت ابنائنا. فقد وردت في الاخبار عن تاريخ العراق القديم والحديث الكثيرمن المصائب والفتن والحروب التي مرت بها البلاد منذ ايام السومريين وحتى يومنا هذا, ويبدو ان القدر قد صنع لنا في هذه الارض بالتحديد مواصفات لحياة معينة باحداثها وتفاصيلها ... احتلال , حروب , موت ,فيضان , دمار , فتن , وباء , جوع , قحط... الخ من الكوارث الطبيعية والمفتعلة.وقد جاء في الترجمات للشعر السومري عن اشكال الخراب والموت الذي حلَّ بسومر واور منذ الاف السنين .واليكم مقاطع من قصيدة سومرية:
((ولم يعد ابناء اور يقيمون في منازلهم, لقد اصبحت ارضاً غريبة
وذبل النبت على ضفاف دجلة والفرات
ولم يعد احد يسلك الطرقات والدروب
وآل مصير المدن والقرى العامرة الى خراب ....
اور , في داخلها موت , وفي خارجا موت
في داخلها نموت من المجاعة
وخارجها نقتل بسلاح العيلاميين
لقد اكتسح العدو اور , فلنصمد بوجه الموت))
الموت والخراب والحروب وحكم الطغاة من السمات الاساسية لبلاد وادي الرافدين وليست حالة طارئة وبذلك يكون الشعب العراقي ومن يعيش على ارضه جدير بهذا المصير الجهنمي ولاتناسبه حياة اخرى افضل ولو بقليل مما هو علية ومن يدّعي غير ذلك فهو رومانسي واهم ومبحر في عالم الفنطازيا والخيال.
قرات في مجلة اليمامة التي تصدر في السعودية في بداية التسعينات مقالاً لوزير التعليم العالي السعودي بعنوان( الحجاج القائد المفترى عليه) ... وقد اورد الوزير في مقالته المزايا الصائبة والناجحة لسياسية الحجاج القوية في ادارة بلد مثل العراق و قيادة شعبه المتمرد حسب تعبيره... وكذلك اورد الكاتب تندر العراقيين على الحجاج وكرههم له في طرائفهم الخيالية حول غرق الحجاج وانقاذه من قبل احد العراقيين وعندما سأله الحجاج عن السبب الحقيقي في انقاذه. رد العراقي, ان الغرقى في الشرع الاسلامي يذهبون الى الجنة, وأشار الوزير في معرض حديثه ايضا الى المقبور صدام كمثال اخر للقيادة الناجحة والمناسبة للشعب العراقي رغم ان حرب الخليج الثانية لم تكن قد وضعت اوزارها بعد وقتذاك ويفترض ان صدام قاد للتو حرب مدمرة ضد الكويت والسعودية لكن الوزير لم يخفي حبه وشغفة بالقائد المقبور والقى بالائمة على الشعب العراقي وطباعه الشرسة والتي لاتُقهر الا بالحديد والنار, وقيام التمرد الاخير في أشارة الى ( الانتفاضة الشعبية 1991) دليل على خروجه وتمرده ضد قياداتة (((الشرعية))) عندما تتسنى له الفرصة المناسبة, هذا ما تجلى به المغزى والهدف من مقالة الوزير وهذا رأي اغلب الكتّاب والمثقفين العرب.
الان وبعد سقوط الصنم وبعد تاريخه الطويل الاسود من الاضطهاد والقتل والخراب والحروب وغيرها من المؤشرات التي اعطت بما لايقبل الشك الدليل القاطع على عدوانية واجرام صدام وبعثه الفاشي بحق العراقيين وكنّا نأمل ان التغيير سوف يغير الحال ,ولكن ماذا كانت النتيجة وماهي المصادفات العجيبة التي ساقها القدر مرة اخرى لتصب من جديد نيران الغضب والموت والخراب على رؤوس ابناء العراق للنيل منهم ومن وصبرهم الطويل وليكتمل بذلك مسلسل الفناء العراقي السرمدي.
اسمحوا لي ان اكون فضاً غليظ القلب هذه المرة لأطرح هذه المصادفات كاستفهامات تحتاج الى توضيح ومصائب واشكلات تحتاج الى حلول منطقية , فانا عراقي وكل العراقيين اخواني.
لكن من الذي يقتلنا ؟ ومن يحاول استلاب قيمة حياتنا في العيش كباقي البشر؟ ومن هو عدونا الحقيقي؟ نحن أعداء أنفسنا ام الاخر ؟
تساؤلات بريئة جداً
هل هي مصادفة ان يُعتبر سقوط النظام بسبب عمالة الشيعة للاحتلال؟
وان يُعلل خراب العراق الحديث منذ نشوءه ولحد اليوم بسبب الشيعة !!
وان يكون الذبح والتفجير والارهاب في فترة حكم الاحزاب الشيعة!!
وان تكون الحرب الطائفية بسبب الشيعة وفرق الموت والذباحين منهم!!
وان يكون مقتدى وتياره الصدري مجرد ميلشيات مجرمة تعمل بامرة الاطلاعات الايرانية!!
وان يكون الحكم الشيعي ضعيف وعميل وفاسد ادارياً وعبارة عن مجموعة من اللصوص!!
وان يكون الجلبي عميل لايران وامريكا من قبلها, وسارق مع انه من العوائل الغنية!!
وان يكون الجعفري شخصية غير قادرة على قيادة العراق وانه رجل طائفي وأدائه ضعيف !!
وان يكون المالكي دكتاتور لم يشهد العراق مثله من قبل وعميل للامريكان وايران بنفس الوقت!
وان يكون قيادات الشيعة اغلبهم اميين وشهاداتهم من سوك مريدي!!
وان يكون حزب الدعوة حزب فاشي ومجرم وعميل لايران وان لم يبدِ ذلك !!
وان تكون زيارات القادة الشيعة لدول الجوار مجرد مراسيم لتقديم فروض الولاء والطاعة!!
وان تكون وثائق ويكيليكس تخص القادة الشيعة والحكومة الشيعية حصراً!!
وان يُكشف المستور في البنتاكون ولا يكشف طريق سيرالارهابيين الى حواضنهم في العراق!!
وان يكون كل الاعلام العربي ضد العراق في فترة حكم الشيعة !!
وان يحوّل الاعلام العربي الارهابيين في العراق الى مجاهدين في سبيل الله!!
وان يصمت اغلب المثقفين العراقيين عن الارهاب ويلقون باللوم على الحكومة فقط!!
وان تضم القائمة العراقية كم هائل من البعثيين وتفوز بالصدفة ايضا بمقاعد اكثر من غيرها !!
وان يقلق الحكام العرب على العراق وشعبه ومستقبلهما بعد سقوط النظام تحديداً!!
وان يترك الامريكان قضية تشكيل الحكومة لتدخلات العرب رغم خسائرهم في حرب العراق !!
اعادة صياغة الاستفهامات
أليست هذه كلها مصادفات تثير التساؤلات والحيرة ؟ كل هذه يحدث بالصدفة خلال سبع سنوات ! وبالصدفه وحدها نكتشف بان سبب خراب العراق وحروبه ودماره هم الشيعة مع ان تاريخ العراق منذ حضارة سومر واكد وبابل واشور يقول غير ذلك.أنا لاادعي اكتشاف علل واسباب الانفجارات الكونية ولااريد قلب الحقائق لاستدرارالعطف, لكني اتسائل ببراءة عن مايحدث لنا في العراق ولماذا يحدث كل هذا ؟ اكيد سأجد من القراء من سوف يحلل دوافعي النفسية لهذا الطرح وانها محاولة مني لجلد الذات كما يفعل الشيعة في عاشوراء او انني اتهم الاخرين بطرف خفي... ومن هذه الخرابيط. اقول لهم لا... لم اقصد هذا بل يجب ان نقف كلنا امام المرآة ونحدد الخلل ومواطن العطب فينا اولا ونقول للاعور بصراحة عفواً سيدي.. انت اعور.. وليس هناك مايغير هذا الواقع. وليس كما تُحرّف الحقائق من قبل البعض ,ممن يضعون حرف (دال) قبل اسمائهم بان الشيعة من دمروا البلاد وعمالتهم ضيعت علينا سيادتنا وعراقنا الحر!! بل ويذهب غيرهم الى ابعد من ذلك ليبين ان اسباب اضطهاد الشيعة كان الشيعة انفسهم وعلمائهم وهذا ماجعلهم يرزحون تحت نير الظلم ومهمشين طوال السنين الماضية
بمعنى ان المجرمين لم يقتلوني ولم يقتلوا اهلي !! انما نحن من ضغطنا على اصابع المجرمين (الابرياء) كي يفجروا رؤوسنا برصاصهم البعثي. ونحن من حرّكنا سياط الجلادين في الهواء كي تُلهب ظهورنا في الامن العامة. ونحن من اندسسنا خلسةً في المقابر الجماعية كي يُتهم الاخرين بدمائنا. ونحن طلبنا من الاخرين تهميشنا وابعادنا عن الخير ومصادره. ونحن من رفضنا ان نكون في المواقع القيادية في الدولة. ونحن من اعلنا الحروب (المقدسة) ضد الجيران لنسوق ابنائنا قرابين طاهرة لمذابح العروبة ومعابدها. ونحن من طلبنا رفع معدلات القبول بالجامعات في ثمانينيات القرن الماضي حتى نضطر للالتحاق بالجبهات النازفة موتاً ورعباً. ونحن من طلبنا من الحكومة تجويعنا وتخفيض رواتب آبائنا اوتقاعدهم كي نبقى نعاني شظف العيش والحرمان او نترك الدراسة للعمل لنُعيل اهلنا ونحفظهم من العوز والفاقة وذُل السؤال. ونحن من جندّنا وزرعنا قرب بيوتنا عيون السلطة لتعد الانفاس علينا..... ونحن من بنينا اوكار للحزب بين بيوتنا المهترئة لنجتمع فيها مع الرفاق ونناقش معهم بحرية العبيد شؤون البلاد! ونحن من طلبنا تجفيف الاهوار وتدمير الحياة في الجنوب.... ونحن من طلبنا ان تكون مياه الشرب في البصرة مالحه!!....ونحن من طلبنا ان تترك مُدننا دون اهتمام ودون مجاري الصرف الصحي... ونحن..... ونحن ......نعم نحن فعلنا كل هذا فهل انتم راضون الان ياأصحاب حرف (الدال) و(الالف) يااصحاب الطرح الموضوعي والعلمي.
هل هذا هو منطق الاشياء لديكم وهذه هي حلولكم الناجعة لمشاكلنا وقضايانا العراقية وهذا ماتؤمنون به ياسادة ؟ تبررون للمجرمين والطغاة وعهود الدكتاتورية بهذا المنطق الحاقد الغريب والشاذ عن ابسط مبادئ الانسانية. بهذا المنطق تعزون اهالي الضحايا من اخوانكم العراقيين, وتهدهدون قلوب الثكالى والارامل بالقاء الائمة عليهم وعلى مواقف ازواجهم وابنائهم الوطنية في التصدي للظلم ومواقفهم السابقة ضد الاحتلال البريطاني من قبل في عشرينات القرن الماضي. وتعيبون عليهم تخلفهم في اتباع رجال الدين وهل هذا مبرر لتقصيهم عن مواقع القرار وسبب كافي لتحرمهم حتى من ابسط حقوق المواطنة؟أن صح ادعائكم... وتبحثون عن مبررات واهية تشرعنون بها كل المجازر الدموية وحفلات الرقص الشيطاني في زنازين البعث الصدامي ضد ابناء الوطن.
ختاماً اقول لكم ان سبب الخراب في العراق ليس الفقراء بفقرهم وبساطتهم وليس بتصديقهم رجال الدين واتباعهم حاملي زوراً رسالة السماء ولا بكائهم ونحيبهم على الحسين كان سبب دمار البلاد وانحدارنا الى الدرك الاسفل من التشرذم والضياع .اقولها لكم بصدق وامانة ان السبب الرئيسي هو انتم يامن تدّعون الوعي والمعرفة وطريقة تناولكم لآلامنا وجراحنا بايادي غليضة وقلوب خشنة لاتفقه من الرأفة شي وليس فيها مكان يتسع للاخرين. فقد وجد الطاغية من امثالكم من يؤسس لحكمه الدموي ووجد من يرقص في محافله المرعبة ووجد من يجمّل له قبحه ووحشيته ليتمادى في غيّه اكثر واكثر حتى اوصلنا وايّاكم الى هذا اليوم البائس من الفرقة والتناحر فيما بيننا.
اقول كفاكم تنظيراً وتعليلاً... انزلوا الى الشارع وادعموا شعبكم وبدأوا مثلما بدأ غيركم في اوربا وامريكا قبل سنين طويلة بدل الوقوف بعيداً تشيرون باصابعكم المتورمة ترفاً الى مواطن الخطأ. بعملكم تبنون الحياة الكريمة لمواطنيكم ولوطنكم وتؤسسون لمستقبل ابنائكم وابنائنا لا لتدعمون الرئيس الفلاني ولا القائد العلاني فانهم ذاهبون طال حكمهم ام قصر ولا يبقى الا العراق وشعبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف