الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنمّر عند الأطفال

مارينا موسى رزق

2020 / 9 / 22
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ما هو التنمّر؟
Bullying, harcèlement
هو سلوكُ اعتداء، فِعلٌ مقصود مكرر، فيه تفاوت بين قوة المعتدي وقوة الضحية (فَردٌ يواجه جماعة أو شلّة، ضحية ضعيفة الجسم بمواجهة معتدي ضخم...) وبهذا يفرض هذا الفعل علاقة من نوع مسَيّطِر ومُسَيطَر عليه، وفيه رغبةٌ لدى المعتدي في تحطيم الضحية. تنغلق الضحية فيه مع المعتدي في علاقة تحكُّم لا مخرج منها.
يسبّبُ هذا السلوك للضحية أذيّات نفسية، جسدية واجتماعية. بينما لا يكسَب المعتدي من اعتدائه مكسباً مادياً (إلا أحياناً).
من أنواعه:
الضرب والأذى الجسدي
الأذى النفسي: كالإهانات والأذى اللفظي، الأذى الاجتماعي كعَزْل الضحية ومنع التحدث معها
الأنترنت: الرسائل المزعجة، حملات الإهانة والتشهير، الصور والأفلام المسيئة...

أين يحدث؟
في أيِّ مكان يتواجد فيه الأطفال والمراهقين، خاصةً المدرسة في مراحلها كافة، نوادي الرياضة وملاعبها، مجموعات الكشافة وغيرها من مجموعات نشاطات الأطفال. ويتمّ عادةً بعيداً عن أعين الكبار.
قد تشكّل بعض المدارس بيئةً صالحةً لنمو العنف بسبب ممارسة العنف فيها بشكل غير منطقي ولاعدل فيه من قِبل الكبار على الأطفال. أو أن تغضّ المدرسة الطَرْف عن سلوك الاعتداء والتنمّر فتمنحه نوعاً من شرعيّة الوجود، كما يحصل في تقبّل عنفِ كبار التلاميذ على صغارهم.

معلومات إحصائيةً
في فرنسة تلميذٌ من عشرة هو ضحية للتنمّر
في الولايات المتحدة الأميركية قد تصل النسبة إلى 40-80% من طلاب المدارس، خصوصاً المدارس في المناطق الأفقر، أو بين الطلاب مختلفي القدرات (المعاقين).
طالبٌ من كلّ 3 طلاب هو ضحية للتنمّر في أميركا. فقط 30% يخبرون بما يحصل لهم.
47% من الأهل في كندا يصرِّحون أنّ أحدَ أطفالهم هو ضحية للتنمّر.

الضحية
الضحية في غالب الأمر هي شخص هشّ لأسباب عديدة، منها:
- اختلافه عن الآخرين(عرقاً، لوناً، ديناً، توجهاً جنسياً.....)
-ضعفه (أعاقة جسدية أو عقلية، فقر، مرض ما...)
-غالباً أنثى

المعتدي
لا دراسات نهائية عن ملامح شخصية المعتدي لكن هناك بعض المقالات التي تعطي بعض الصفات العامة مثل الصفات التالية:
- شخصٌ منبوذ يبحث عن جلب انتباه الآخرين، ويكتسب بالاعتداء على الضعفاء نوعاً من جاذبية تؤهله للحصول على أصدقاء.
- شخص أناني ليس لديه تعاطف مع الشخص الآخر، ولا يراه أصلاً.
- في إحدى الدراسات عن مستقبل الأطفال المعتدين، وصلت نسبة تحولهم إلى سلوك إجرامي بعمر 24 سنة إلى نحو 60%.
- سُجلت اضطرابات نفسية لدى بعض المعتدين كاضطرابات الاكتئاب والقلق وغيرها.
- قد يكون المعتدي ضحية لعنف عائلي أو عنف من نوع آخر.
- غالباً ذكر

ماذا يحدث لضحية التنمر
تخاف الضحية الحديث عمّا يحصل معها إما بسبب تهديد المعتدي بتكرار الاعتداء أو لنقصٍ في عوامل الأمان العائلي والمدرسي، وأحياناً خوفها من عقاب الأهل، أو خوفها من إزعاجهم..
كلّما ازداد عُمرُ الضحية كان احتمالُ الصمت (عن تبليغ الكبار) أكبر، بسبب عامل الخجل من عدم القدرة على تدبير الأمر.

أهم العواطف التي تتنازع الضحية هي:
الخوف، الغضب، الحزن، العار، القرف، اليأس ....

ومن العلامات التي نلاحظها لدى الضحية:

علامات فيزيائية:
علامات جسدية كالكدمات والجروح وحتى الشعر المقصوص جزئياً أو كلياً.
أذىً مادي للممتلكات المدرسية (حقيبة، أقلام دفاتر....) أو للثياب ....

علامات نفسيّة:
وهي علامات معاناة الضحية التي تشعر بعدم الأمان وفقد الثقة، وبالشدة النفسية المستمرة وفرط التنبه....
و من أهم هذه العلامات:
تغيُّر السلوك : التأخر على المدرسة بحجج متنوعة، الفشل المدرسي
أعراضٌ نفسية جسدية:مثل المغص الصباحي أو الاقياء، أو آلام مختلفة...
إيذاءُ النفس: جَرْحُ الجسمِ بآلة حادة، نَزْعُ شعرِ الرأس، مُحاولةُ الانتحار ...
علامات الحزن: البكاء دون سبب أو لسبب تافه جداً، اللجوء للعزلة، فقد الرغبة في عمل أي نشاط، اضطراب النوم أو الأكل، التعبير عن الرغبة في الموت، العصبيّة
علامات القلق: الخوف، عدم الخروج من المنزل....
متلازمة الشدة النفسية بعد الرض: القلق، تكرار أخيلة وصور الاعتداء، كوابيس ...
استخدام الكحول والمخدرات

قدتغدو الضحية جلاداً نتيجة العنف المتكرر،فتبحث عن الانتقام، وقد تمارس العنف الشديد في المنزل. وقد تتعرض إلى تطور انماط شخصيّة مثل الشخصية المعادية للمجتمع أو الشخصية المتجنبة.

العواقب التالية للتنمّر
تأثر مستقبل الضحية:
-الفشل المدرسي هو أمر متوقع عند الضحية، بسبب تجنب المدرسة والشعور بالخوف فيها، خصوصاً الفشل في المواد التي يكون الاعتماد فيها على الاستاذ والتي تحتاج الشرح والتمرين كالرياضيات والفيزياء...
هذا يؤدي إلى تدنّي احتمالات الدراسة الجامعية وفرص العمل المستقبلية، وبالتالي خسارة اقتصادية فردية ومجتمعية (قد تصل إلى 19 مليار دولار سنوياً في بلد كالبرازيل، أو إلى 17 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية).
-الفشل في العلاقات وخاصةً في الزواج
-الاضطرابات والأمراض النفسية

كيف نتعامل مع التنمّر

تدبير الضحية
-أن يكون الأهل حاضرين وجاهزين لملاحظة أبنائهم وسماع ما لديهم بروح منفتحة ومتقبلة.
-الأهل هم الأقوى والأحكم في علاقة طفل- أهل ولا يستطيع الطفل التقدم في حياته إلا معهم وبواسطتهم. ومن المهم أن يعبّروا عن استعدادهم للقيام بدورهم كأهل بشكل دوري كأن يكرروا لأبنائهم جملاً من نوع : أنا أمك / أبوك وأحبك دوماً، مهما حصل معك سأبقى إلى جانبك وسأحميك، ويمكننا مواجهة أية مشكلة معاً، لن أتخلى عنك أبداً. تقال مثل هذه الجملة عندما يكون أحد الوالدين وحده مع الطفل، مع اتصال بصري مباشر ولمس لذراع الطفل أو كتفه. هذا النوع من الجمل يرسّخ روح الاطمئنان والثقة عند الطفل، على أن يُقرن بتقبل الأهل لأي شيء يمكن أن يحمله الطفل إليهم.
-سؤال الطفل عمّا يضايقه في حال وجود علامات للانزعاج لديه (مما تقدم ذكره).
-الاستماع بهدوء وجديّة لكلّ ما يقوله الطفل وتصديقه أولاً وأخيراً، حتى لو كان هذا الطفل (بالذات) معروفاً بالكذب يجب تحرّي القصة التي يرويها.
-تحرّي بعض التفاصيل دون إزعاج الطفل من أجل الحصول على الصورة كاملة.
-الردّ المبدئي على كلام الطفل لا يُفترض أن يعطي حلاًّ لكن يجب أن يحمل في طيّاته ما يحمل الطفل على الثقة بأهله. كأن يقول الوالد مثلاً: أشكرك على ثقتك بي إذ أخبرتني بما يزعجك، ومن الآن فصاعداً سنهتم (نحن أبويك) بتدبير الموضوع ولن تتحمل أية نتائج سلبية بسببه. أن أحبك وأنا هنا لأحميك وأساعدك. أيّ أن الأهل يعودان بالطفل إلى الإطار العائلي السليم وهو إطار يحترم التراتبية العائلية والتي تفترض وجود : طفل يحتاج المساعدة/ وأهل يلبّون.

إيقاف التنمر
-تعليم الطفل بعض أساليب الحماية الذاتية وطريقة طلب العون من الكبار الآخرين (كأساتذة المدرسة أو مدربي الرياضة أو قادة الكشافة) .
-تحرّي الأهل للمشكلة في موقعها (المدرسة، الحارة، نادي الرياضة...) ومع الكبار الموجودين في هذا الموقع، الذين يستطيعون تحرّي المشكلة مع المعتدي، وإيقاف الاعتداء. يُفترض إجراء مواجهة بين الطفلين ( الضحية مع المعتدي) وبحث أسباب الاعتداء ونتائجه وطرق إيقافه. وضع كلمات واضحة تصف ما حصل ومرافقة الطفلين حتى فهم ما حدث ويحدث. قد يحدث أن المعتدي لا يدرك تماماً عواقب اعتدائه ولهذا فجلسات المناقشة مفيدة في هذا المجال، وقد نصل منها إلى درجة من التعاطف مع الآخر عند المعتدي وإلى تحسن مستوى النظرة الذاتية عند الضحية، وإلى نوع من التعاضد بين الاثنين واحترام الآخر وقوانين الجماعة.
-يُفترض التذكير بالقانون وأنه لا يحقّ لأحد إيذاء الآخر، وأن المذنب يُعاقب (حسب قوانين المدرسة وعقوباتها).
-من الممكن من ثم تعامل المدرسة مع أهل الطفل المعتدي إن كانت هناك ضرورة.
-إن كان لابدّ من إيجاد حلّ مباشر في حال فشل ما سبق، فقد يتعلق هذا الحلّ بإبعاد المعتدي عن الموقع الأساسي، وفي حال تعذره يمكن نقل الطفل الضحية من هذا الموقع مباشرةً.
-اللجوء للتقييم النفسي ومن ثم العلاج النفسي في حالة الضرورة، وعدم محاولة حلّ المشكلة عائلياً ومدرسياً فقط.
-حتى لو كان رد المدرسة سلبياً أو غير كافٍ، فمجرد لجوء الأهل إلى عدالة المدرسة يحمي الشعور بالتراتبية والعدالة المجتمعية عند الطفل. وحتى لو فشلت المحاولة وانتهى الأمر بنقل الطفل فمجرد قيام الأهل بمحاولة حماية الطفل يترك لديه شعوراً بالثقة بهم ويؤكد محبتهم له.
-في حال كون المشكلة من النوع الخطر يُفترض اللجوء إلى الشرطة وإلى القانون،، خصوصاً في البلدان التي تُطبق فيها قوانين حماية الطفل.

الوقاية من التنمّر
توقع التنمّر والبحث عنه
الحديث عن التنمّر مع الأطفال في المنزل، في المدرسة وفي كلّ أماكن تجمع الأطفال، بشكل متكرر ودوري.
بحث حالات تنمّر افتراضية، تمثيلها، الكتابة عنها، رسمها...
توفّر معلومات مطبوعة عن الموضوع بشكل ملصقات وكتيبات.
توفر رقم ساخن يمكن للطفل أو للأهل استخدامه لطلب النصيحة أو طلب المساعدة.
تطوير قوانين حماية الطفل في البلدان التي لا تتوفر فيها مثل تلك القوانين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي