الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجوم أمطار الصيف

سمر يزبك

2006 / 7 / 6
الادب والفن


من هو النجم المفترض في العملية العسكرية «أمطار الصيف»؟

الكاميرا تجازف. وعلى رغم الخوف من تهشيم عينها، «العدسة»، تبحث في وجوه الضحايا والقتلة عن بارقة أمل، للعثور على ما يمكن تفصيله، وتحويله إلى دراما يستطيع المشاهد متابعتها. ليس مهماً من هو البطل، فدائماً كان هناك أبطال ونجوم، ودائماً كانت هناك تسميات مختلفة لساحات الموت. تلاحقها الكاميرا، خائفة من التحول إلى مشاهد منفعل، والتخلي عن حيادها في نقل الحدث، واثبات أنها الآن الأقوى.

الكاميرا لا تعرف هل الجندي الإسرائيلي المختطف، غلعاد شاليت، هو الذريعة الأهم لإسرائيل حتى تطلق أحصنة الموت المعتادة. دباباتها وآلياتها الحربية تُغرق قطاع غزة في الظلام. وصورة النيران التي تأكل محطة الكهرباء، إسوة بالأطفال الخائفين وأمهاتهم، تفشل في التحول إلى صورة النجمة. الدبابات نفسها تحوّل ليل مدينة رام الله إلى نهار دائم، فتمتنع المدينة عن النوم، ولا تحظى الكاميرا بصورة لوجه المختطف، فربما تحوّل إلى نجم لو تمكنت من سرد حكايته.

وعلى رغم ظهور صورة المستوطن القتيل إلياهو آشير على بعض المحطات الفضائية، إلا أن الكاميرا تناولته بقدر من الحيادية، مقارنة بوجوه الشهداء الفلسطينيين الذين لم يكونوا بحاجة إلى العدسة كي يخرّوا مثل النجوم. وأما في المشاهد الخاصة باعتقال واختطاف النواب والوزراء الفلسطينيين، حيث ظهر أحدهم ظهوراً عابراً خجولاً، فإن الكاميرا اكتفت بالمراقبة من بعيد، من خلف ظهر الوزير أو النائب. لم نعرف، نحن الذين نراقب الموت عبر الشاشة، هوية الشخص الذي كان معصوب العينين، إذ اختفت اللقطة حين توقفت الكاميرا عن العمل، لأنّ الكاميرا تخاف أيضاً، وتحذر، وتحتمي. رأينا في المقابل وجوه جيران النواب والوزراء، ومرافقيهم، تتحدث أمام الكاميرا، ثمّ تشابهت الوجوه على أغلب المحطات.

وفي مشهد آخر يقول رجل عجوز إنهم لم يعرفوا ما حدث، ولماذا جرى تطويق حي «الطيرة» بحشد هائل من الدبابات والجنود الإسرائيليين. لا يواجه العجوز عين الكاميرا، بل يشرد في أفق بعيد، وتخيم قسوة طاغية. وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبني ليفي تتمتم بكلمات باردة، بين وقت وآخر، لكن الكاميرا لا تحب وجهها، كما تفعل مع الوجوه المذعورة للأطفال الفلسطينيين. وجوههم لم تتغير كثيراً منذ أن صنع آباؤهم تلك النظرات المقاومة منذ أكثر من نصف قرن، والتي يستردونها جيلاً بعد جيل، ومعها يكبرون ويشيخون.

كل النجوم التي حاولت كاميرا «أمطار الصيف» صناعتها كانت فاشلة، مشتتة، ضائعة، ولا تقدم للمشاهد سوى العدم. وربما لا تزال الكاميرا تائهة، واقعة تحت ذهول المباغتة، تدور هنا وهناك في عيون المراسلين المحتشدين بكثرة على مختلف المحطات الإخبارية. هؤلاء، كما يحدث عادة، يحظون بفرصة الوقوف أمام عين الكاميرا، ونكون نحن على موعد مع مشاهد القتل والدمار التي اعتدنا عليها في هذه البقعة من العالم.

ولعل الكاميرا، من جانبها، خافت التحول إلى ضحية، خصوصاً وقد علمتها التجربة أن النجم الذي يخر هو نذير الموت!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب