الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المخرج الفرنسي (جان كلود بريسو) وفيلم فتاة من اللامكان2012 :الحكاية ليست كبيرة أو بالاحرى ليست كبيرة جدا

بلال سمير الصدّر

2020 / 9 / 25
الادب والفن


الحكاية هي عن المخرج الفرنسي (جان كلود بريسو)،التي تعتبر افلامه حكاية خيالية عن الرغبة،وعن البدعة الانثوية في معطياتها الجنسية،بحيث يرى النقاد ان الرغبة هي النقطة الأولى والأساسية لكل سينماه...
ان الجنسانية عند بريسو هي القلق...هي الازمة...هي الشعور بالحياة...
هذه العناصر قد تكون ذا ارتباط كبير بفرويد -حيث لوحظ لدينا مدى تأثر هذا المخرج بفرويد أثناء مشاهدتنا أفلامه-على ان الفيلم الذي نحن بصدد مناقشته ذو حضور قوي لفرويد.
على ان بريسو ينظر الى هذه العناصر ويقولبها بشكل آخر،فالجنسانية بالنسبة له هي البعد الشعوري للحركة الحياتية المتقلبة المليئة بالتقلب،بل ان الفشل في السيطرة على الرغبة يشكل بعدا جوهريا في المأزق الوجودي وفي الفشل الوجودي الذي يعيشه الانسان،وعلى ان افلامه عابقة بالأنثوية والأجساد العارية،إلا انها مباشرة تطالب بالعنصر الآخر،وهو العنصر الرجالي بحيث تبدو أفلامه –خاصة المتوسطة منها-حكاية بورنوغرافية لكنها بعيدة جدا عن فلسفة اثارة الرغبات...نحن نطالع هذا الوجود من خلال الرغبة...محرك ومقياس الحياة...
اذا تبدو الحكاية اقرب ما تكون الى فرويد،وهذا لايعني بأنها منغمسة فيه،ولا تبدو أيضا منغمسة بالسادية او المازوشية أو جورج باتاي لأن الحكاية-وهذه اهم جملة في المقال-هي أرق من ذلك بكثير...
كلود بريسو توسط في الحضور الزمني بين السينما الجديدة التي دعيت بالموجة الجديدة-ولا نستطيع على الاطلاق ان ننسب بريسو الى تلك الاسماء اللامعة على شاكلة تروفو أو غودار أو كلود شابرول أو الن رينيه أو الن روب غرييه-وبين السينما التي بعدها،وتوفي في عام 2019 بهدوء من غير ان يثير ضجة كبيرة سوى قصة عابرة عن الاتهام بقضية تحرش جنسي...
وا كان أفضل ما نقوله عن مخرج هو مناقشة عماله،فسوف نبدأ من احد اعماله الاخيرة والصغيرة في نفس الوقت(فتاة من اللامكان عام 2012).
في الحقيقة،ان كنا قد نعتنا مخرجنا نوعا ما بالمخرج الفرويدي،إلا ان هذا الفيلم يمكن نعته بسهولة بانه ضد Anti-Freudفريد
هناك الفيلسوف المتقاعد(مايكل-يقوم بالدور بريسو نفسه) الذي يعيبش في عزلة منذ اكثر من عقد من الزمن،اي منذ وفاة زوجته،وهو رجل ذا قدر كبير وهائل من الثقافة من الادب وعلم النفس وحتى الثقافة الفيلمي، على ان العنصر البارز في حياته هو تأثره بفرويد-تنقلب حياته حين يلتقي مصادفة –أو ربما ليست كذلك-بفتاة عشرينية تتلقى ضربا مبرحا من شخص،وبغاية المساعدة يقوم بنقلها الى منزله،وتنشأ علاقة عاطفية ابوية لكي يكون هذا اللقاء في اقداره هو لقاء الوداع...
والامور في الفيلم تسير بهدوء وبطْ في التطور-على ان الفيلم يمتلك عناصر مهمة للحديث عنها،مما يحعل منه ايضا فيلما جيدا... احد هذه العناصر هو مقاومة الملل في اللحظات الاخيرة...عن خريف العمر وعن ماذا قدمت هذه الحياة للأنسان،وما الذي قدمه الانسان لها...عن تأملات في اعمال فكتور هيجو غير مسقطة على الواقع اطلاقا....
اذا البروفيسور المتأمل يمتلك حس فرويدي التفكيري الالحادي،فهو ينظر الى الكون بمقدمة عدم وجود الله،ويرفض تماما الأفكار الماورائية والروحانيات والميتافيزيقيا،ويعتقد تماما-استنادا لفرويد-بسوء سلوك التاريخ وعدم منطقيته وحتى عدم تماسكه...ببساطة هو يرفض التاويل الديني للتاريخ حسب رؤية فرويد كما قلنا سابقا...التاريخ بالنسبة له هو مسيرة الفيل بالنسبة لخوزية ساراماغو...
وهنا الآن،فهو على موعد للتشكك بكل هذه الافكار ليطلع على تجربة روحية مباشرة،والتي يعتبرها هذيانا مطلقا مجردا غير قابل للنقاش ولا حتى للتشكيك...
تقود دورا باستدعاء فتاة ميتة-على مايبدو-وعلى الرغم من قوته وثقته في افكاره العدمية المادية،إلا أن الحياة بدت وهي في نهايتها ترغب في الانقلاب عليه.
وهو يعتقد الآن ان زوجته قد تناسخت في جسد دورا والتجربة الروحية تقدم دليلا على ذلك.
اذا تأملنا قليلا في معطيات وأحداث الفيلم،فدورا هي فتاة مجهولة الهوية قدمت من اللامكان ولايقدم الفيلم أي تفسير عن ضربها ، بل هناك شيء يجعلنا نعتقد أن الحياة....العنصر الخفي القدري قد اسقطها في وقت متأخر من حياة البروفيسور ليعيد التأمل...للتساؤل حول الاحتمالية الكاملة التي كان يعيشها الانسان.
دورا ليست الا الوهم الكامل الذي يعيشه الانسان...ولكن لماذا رفضت الحياة ان تعطيه الطمانينة...لماذا دفعته ان يعيد حساباته كاملة...لماذا ايقظته من اطمئنان الفكرة؟
كانت هذه الحكاية مقدمة تفسيرية لموت رجل كان يؤمن بافكاره بشدة...
هذا الفيلم هو من ابسط وارق افلام هذا المخرج،وهو خير تقديم للحديث لاحقا عن كل اعمال هذا المخرج،بل هو بصمة مميزة لهذا المخرج ليس لأنه الأفضل بين اعماله...بل هو يحمل لمسة رقة مختلفة عن كل اعماله.
14/09/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع