الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول الآليات الدولية والمحلية لمحاربة الافلات من العقاب ( 41 / 14) ..ه

أرام عبد الجليل

2006 / 7 / 6
حقوق الانسان


طبيعة المنازعات التي تختص بها المحكمة

تكتسي معرفة طبيعة المنازعات التي تختص بها المحكمة من حيث كونها دولية أو داخلية، أهمية قانونية نظرا لاختلاف الأحكام التي تطبق على نوعي النزاعات. فهذا اللبس يزيد لدى دعاة مبدأ السيادة المطلقة للدولة على ما يرتكب في أراضيها من جرائم، حيث يختلط لديهم الأمر في التفرقة بين الجرائم الدولية التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة ذات الصبغة غير الدولية ،والجرائم الداخلية المحضة التي لا يوجد خلاف على اختصاص السلطات الوطنية بها(1)

إن الصعوبة التي يثيرها هذا التمييز على مستوى التحليل النظري ،والتطبيق العملي، يجعلنا نتطرق في هذا المجال إلى النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية، والأخرى غير ذات الصبغة الدولية. ثم نشير إلى الاتجاه نحو إزالة التفرقة بين نوعي النزاعات المسلحة، والدور الخلاق لمحكمة يوغسلافيا في إزالة التميز والاختلاف فيما بينها. معتمدين في ذلك وبالدرجة الأولى على الاجتهادات الفقهية للأستاذ عادل الماجد والتي حاول من خلالها تيسير الفاصل بين المجالين .
الفقرة الأولى : الاختلاف النظري بين نوعي النزاعات .
ماهي النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية ؟ (أولا) .
وكيف تنشأ النزاعات المسلحة غير ذات الصبغة الدولية ؟ ( ثانيا) .
أولا: النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية
لقد تبنى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية في معالجته للنزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية الملامح الرئيسية لاتفاقية جنيف الأربعة لعام 1949 ،وبروتوكوليهما الإضافيين لعام 1977.

فالنزاع المسلح الدولي يوجد أساسا عندما يحدث صدام مسلح بين دولتين، ومن ثم فإن وجود أكثر من دولة في إطار النزاع ،هو الذي يضفي عليه الطابع الدولي(2). "وتأسيسا على ذلك، فالنزاع المسلح يتمثل في الحرب المعلنة ،أو أي نزاع مسلح آخر بين دولتين أو أكثر ،وحتى إذا لم يعترف أحد الأطراف بحالة الحرب، كما يشمل ذلك النزاعات المسلحة التي تكافح فيها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية ،والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية في سياق ممارسة الشعوب لحقها في تقرير المصير"(3)

لقد اقترح فقهاء القانون الدولي –بعدما لم تعرف المادة الثامنة من النظام الأساسي ماهية النزاعات المسلحة- ست حالات يكون فيها النزاع المسلح ذا طابع دولي وهي:
حالة وجود نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر.
حالة تطور نزاع مسلح داخلي لكي يصبح حالة اشتراك فعلي في الحرب.
حالة وجود نزاع مسلح داخلي تدخلت فيه قوى أجنبية ليصير دوليا.
حالة وجود نزاع مسلح داخلي تدخلت فيه قوات الأمم المتحدة.
حروب التحرير الوطنية.
الحروب بقصد الانفصال.

وتلقي اتفاقيات جنيف الأربعة –كما رأينا- على عاتق الدول الأطراف التزاما عاما بوضع التشريعات اللازمة وقمع الانتهاكات الجسيمة التي تقع إبان النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية وكذا معاقبة مرتكبيها.
ثانيا: النزاعات المسلحة غير ذات الصبغة الدولية
ينشأ النزاع المسلح غير ذات الصبغة الدولية كلما تم على إقليم إحدى الدول ولم يمتد ليشمل دولة أخرى ولم تتدخل فيه سلطات أجنبية.

ولقد حل النزاع غير الدولي محل مصطلح الحرب الأهلية (Civil war) التقليدي، والذي يعني صراعا مسلحا بين القوات المسلحة الرسمية للدولة وجماعات منظمة لها ركيزة إقليمية تمارس فيها سيادة فعلية، وتسعى إلى تحقيق أهداف مختلفة قد يكون من بينها انفصال جزء من إقليم الدولة، أو التحرر من قبضة دولة أجنبية، أو مجرد الاستيلاء على السلطة في الدولة، كما يشمل أيضا الصراعات المسلحة ولو تمت بين جماعات غير حكومية(4) فالفقه يأخذ الآن بالتفسير الواسع لمفهوم النزاع المسلح غير ذي الصبغة الدولية تأسيسا على أنه أوسع في مفهومه ودلالته من الحرب الأهلية(5).

ولم تحظ النزاعات المسلحة غير الدولية في اتفاقيات جنيف الأربع بأي التزام على الدولة من حيث قمع الانتهاكات الجسيمة، بل اكتفت بإيراد الأفعال التي يحظر ارتكابها إبان النزاعات. فخلافا للاتجاه التقليدي الذي كان يدعو إلى قصر تطبيق قواعد القانون الإنساني الدولي على النزاعات المسلحة بين الدول. بدأ الاتجاه الحديث –الذي بدأ في الانتشار- الدعوة إلى محاولة القضاء على التفرقة في الحماية التي تسبغ على النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية والنزاعات المسلحة ذات الصبغة غير الدولية.

غير أن المحاولات الأولى لكسر حاجز التمييز بين النزاعين، خاصة عند ما قدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مؤتمر جنيف الديبلوماسي للعمل على إنماء وتطوير القانون الإنساني الدولي المطبق على النزاعات المسلحة ،والذي عقد بجنيف في أربع دورات متعاقبة خلال الأعوام من 1974 حتى 1977 بمشروع البروتوكول الإضافي الثاني والذي يعبر عن الاتجاه الموسع، قد باءت بالفشل نتيجة تمسك الدول بمبدأ السيادة إضافة إلى تخوفها من تطبيق قواعد دولية تفرض عليها حالما يقع نزاع مسلح داخلي في المستقبل.

هوامش :
1 . وخاصة أن ارتكاب أشد الجرائم لم يعد يقتصر فقط على النزاعات المسلحة الدولية، بل امتد إلى النزاعات المسلحة غير الدولية التي أفرزت أيضا أنواعا من الجرائم التي لم تشهد لها البشرية مثيلا، والتي نتج عنها ملايين الضحايا في كمبوديا ورواندا ويوغسلافيا السابقة.

2 . د. صلاح عامر، م.س، ص 997-998.
3 . عادل ماجد، م.س، ص 50.
4 . د. سمعان بطرس فرج الله، م.س، ص 16.
5 . صلاح الدين عامر، م.س، ص 999.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب


.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط




.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24


.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن




.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م