الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحيل الأديب اليساري صاحب رواية - وطن الأنفال -

عوني الداوودي

2020 / 9 / 27
الادب والفن


وطن الأنفال ... التي أستمد معلوماته عنها من شهود عيان، ووثائق حصلت عليها المعارضة العراقية آنذاك ونُشرت في أدبياتها ومنشوراتها.. أنه القاص والروائي فائق محمد حسين ... تألمت لرحيل هذا الإنسان الجميل، ليس فقط لفقداننا صوتاً صادقاً نزيهاً وحاملاً هَم الإنسان المعذب على أكتافه حملاً ثقيلاً، وهموم وطن مزقته مخالب وأنياب العساكر والبداوة، وأنانية أغلب سياسييها، وتغليب مصالحهم الشخصية على مصالح المجتمع، والشعب، بل لمعرفتي من خلال الصداقة التي تربطني لعقود بشقيقه " فيصل الخليلي " أعلم مدى العلاقة الجميلة التي تربط أواصرهذه العائلة الحلّية " من محافظة بابل ـ الحلة " المضحية وعانت ما عانت من ظلم وجبروت نظام صدام الإستبداي الذي إنتهى بشكل كاريكاتوري غير مأسوف عليه .
وفقيدنا الراحل من مواليد الحلة عام 1947، درس في مدرسة حمورابي الإبتدائية، وقد ظهرت لديه في وقت مبكر نزوعاً للقراءة والأدب، وميلاً للسينما أيضاً.. ولاحقاً في صباه أصدر مجلة تُرسم وتُخط كلها باليد، وتًلصق الصور على طريقة الكولاج بإمكانيات متواضعة مع صديقه الرسام والخطاط " شاكر الرضي " تُعنى بالفن والأدب والسينما، أطلقوا عليها إسم " الساحرة " صدر منها عدة أعداد تناوب أصدقائهم على قرائتها... كان ذلك في عام 1962 .
أُعتقل الفقيد بعد إنقلاب شباط المشؤوم عام 1963 بتهمة الإنتماء لحزب فهد " الحزب الشيوعي العراقي" وتعرض للتعذيب على أيدي جلاوزة الحرس القومي... وهو في حالته تلك ملقى على أرضية السرداب الرطبة والباردة مدمى ومكبل اليدين، يطل عليه معلمه " عزمي الصالحي ـ من أهالي كركوك " وكان مدرساً آنذاك في متوسطة الأحرار في الحلة، والذي اصبح جلاداً، وحارساً للعروبة !!!
يقول له شامتاً، متشفياً، شاتماً " خل تنفعك الساحرة " في إشارة للمجلة الآنفة الذكر... هكذا وبهذه العقلية ثبت البعثيون تشجيعهم الناس والشباب على الإبداع " .
لم يكن عمر فقيدنا الراحل فائق قد تجاوز السادسة عشر حيث أودع سجن الحلة مع شقيقه الأكبر محمود لسنوات ظلماً وبهتاناً حيث اطلق سراحه لاحقاً بعد تبرئته من قبل محكمة عرفية عسكرية.. وذهبت كل تلك العذابات لأجل عيون الوطن الذي يحرسه أجلاف العسكر.
أكمل دراسته الجامعية في الموصل، وعّين بعدها في مجال التدريس، وتعرض للمضايقات والضغوط، والإعتقال عدة مرات بعد قيام الجبهة الوطنية أعوام السبعينيات لنشاطه وتوجهه اليساري المعروف، توجت في النهاية إلى التهجير القسري إلى إيران عام 1980 تحت ذرائع واهية لا تقنع حتى المجانين ... ليتوجه بعدها وعائلته إلى سوريا.
في عام 1981 تعاقد للتدريس في الكويت بعد أن جلب له صديقه الشهيد مكي الياسري " قتل في التفجير الإجرامي في مسجد بن النمة عام 2007 " إلى دمشق جواز سفره العراقي من الحلة، لكن العقد أُلغي ورُحل عائداً من مطار الكويت إلى دمشق بضغط من مخابرات صدام ... وبعد ذلك حصل على عقد للتدريس في الجزائر التي بقي فيها حتى عام 1987 ... بعدها أستقر في سوريا متفرغاً للكتابة، ورغم شظف العيش وسنوات الحرمان " لم يمد يدأ لبساتين الكروم وأرض بستانهم لم يطأ ـ حسب تعبير الشاعر المصري أمل دنقل " رافظاً كذلك اللجوء لبلدان المهجر التي تمنح الأمان والحماية، مفضلاً البقاء على مقربة من بلده الحبيب العراق لحين عودته إليه عام 2005 ،... حيث اعيد إلى وظيفته كمدرس لمادة الفيزياء .
وفي عام 2012 بدأت تظهر عليه بوادر إختلال في الحركة والوقوع أرضاً، وحين عُرض على طبيب مختص، أظهرت أشعة الرأس بأن جلطة قديمة جراء ضربة تلقاها على رأسه منذ زمن بعيد تجاوزها حينذاك جسده الفتي، ولكن بدأ تأثيرها على جسده المثقل بمرارة الإغتراب بعد كل تلك السنسن على إنقلاب شباط الأسود ... كان رأي الطبيب عدم إجراء عملية جراحية، بل الإلتزام بالحركة وتمارين العلاج الفيزيائي، وهذا الذي لم يلتزم به فائق قط ... وأزدادت مواجعه أكثر بفقدان إبنه الشاب فاخر عام 2015، إذ تملكته كآبة حادة، وآثر العزلة والركون للوحدة وبإصرار عنود بإنتظار الأجل.. لتنطبق عليه مقولة الشاعر والأديب الروسي ميخائيل ليرمنتوف " ليس الزمن وحده من يُميتنا، بل تلك الجراحات القديمة " .
ومن الجدير ذكره أن الفقيد كان عضواً في إتحاد الكتاب العرب، وقد حصل على جوائز تقديرية من وزارتي التربية والثقافة، وكذلك المرتية الأولى في مسابقة القصة لسنة 2008 ـ 2009 .
ومن مؤلفاته :
ساعات القلق ـ قصص ـ دمشق ـ 1991
الأيام العشرة ـ رواية ـ دمشق ـ 1992
يوم من الذاكرة ـ قصص ـ دمشق ـ إتحاد الكتاب العرب ـ 1993
الفرقة ـ مسرحية ـ دمشق ـ 1994
نفق بوزان ـ رواية ـ دمشق ـ إتحاد الكتاب العرب ـ 1995
أنشودة الوطن والمنفى ـ قصص مشتركة ـ دار البراق ـ 1996
وطن الأنفال ـ رواية ـ مركز الحرف العربي ـ السويد ـ 1997
العصفور والريح ـ رواية ـ دمشق ـ إتحاد الكتاب العرب ـ 1998
الصيد والجراد ـ قصص ـ دمشق ـ 1999
قبل يوم واحد ـ قصص ـ دمشق ـ 2000
التهجير جريمة العصر البشعة ـ بحث ـ دمشق ـ 2002
ضياع تحت المطر ـ رواية ـ بغداد ـ دار الكتاب العرب ـ 2006
التمثال ـ رواية ـ الحلة ـ المركز الثقافي للطباعة والنشر 2008
حق الله ـ قصص ـ الحلة ـ المركز الثقافي للطباعة والنشر ـ 2008
الهاجرون الوطن ـ بحث ـ الحلة ـ 2008
وإضافة لما مذكور من أعماله في الإنتريت كانت قد نشرت له وزارة الثقافة العراقية رواية " شجرة الغربان " عام 2013 ... وله رواية تحت عنوان " الدوفيز "، ورواية " الخط المتري " ، " وشمس ما بعد الظهيرة "... ومجموعتيّ قصص قصيرة " المتصرفية " و " ما رأته العين في طهران " وأعمال أخرى متفرقة .
وعن روايته العصفور والريح كتب الإستاذ عباس حسين رسالته الماجستير ونال شهادته عنها ... كما كتب الدكتور" موسى الموسى " أطروجته الدكتوراه عن نفس الرواية " العصفور والريح " ...
وتناولت شخصيات أكاديمية وأدبية بعض أعماله بالنقد والبحث كما هو وارد أدناه :
ـ د. علي الخليلي ـ الوطنية والإبداع في أدب فائق محمد حسين .
ـ د . مدين الموسوي ـ الأيام العشرة ـ رواية الحقيقة الأغرب من خيال ـ عام 1992 ـ دمشق .
ـ باسم عبدو ـ البعد السياسي في قصص الأديب العراقي فائق محمد حسين 1994 ـ دمشق
ـ د . طاهر بو علام ـ محاولة للدخول في عالم الايام العشرة ـ الشعب الجزائرية ـ 1994
ـ فائق حسين ومتاهة اليأس والمحنة ـ وديع العريضي ـ بيروت 1994
ـ إسقاطات على رواية نفق بوزان ـ الدكتورة ريمة الخاني
ـ وفي مستهل تناول الأديب والشاعر غسان كامل ونوس رواية ـ نفق بوزان ـ كتب يقول : " فائق محمد حسين أديب موهوب، متواضع، هادئ لطيف جيد الإستماع، صياد للقطات والتفاصيل والملامح الإنسانية، بارع في وضعها وإستخدامها، ومهتم بالحالات الإنسانية ومعاناة الناس وهموهم وكفاحهم المشروع في سبيل الحياة والواقع الأفضل " .
بقي أن أقول، إن كان يحق لي القول ... أنه بالرغم من عراقة عائلة الخليلي المعروفة نجفياً وفرات أوسطياً وعراقيا بشكل عام، لم يحبذ فقيدنا الراحل تذييل أسمه الأدبي بإسم العائلة " الخليلي " لإعتبار أنه لا يريد التعكز على إسم العائلة وإستغلالها للتعريف والشهرة .. ولعمري إنها من خصال الإنسان النقي والصادق مع نفسه والآخرين .
نم قرير العين أبا سلام فقد أديت ما عليك وأكثر بفضح الدكتاتورية وممارساتها الوحشية، وأنتصرت للإنسان المهمش والمعذب المضطهد... ولروحك السكينة والهدوء والسلام الذي أفتقدته في وطنك، وأينما حللت .
ملاحظة : المعلومات الواردة في متن المادة مستقاة من صفحات الإنترنيت، ومن صديقي العزيز شقيق الفقيد " فيصل الخليلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال