الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادئ الكونية لحقوق الإنسان : العراقيل والبديهيات

محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)

2020 / 9 / 29
حقوق الانسان


في أولى خطوات الإنسان نحو التمدن والقطع مع التوحش يبحث في منظوماته القيميّة عن ممارسات وعادات راسخة لكنها ضارة به وبغيره يقاومها ويعمل على التخلص منها و يبحث في نفس المنظومات عن قيم تدفع به نحو الأمام نحو اكتمال إنسانيته يسعى لتكريسها .
المنظومة الكونية لحقوق الإنسان هي أخر ما توصل له العقل البشري في تنظيم العلاقات بين الناس والتخلص تدريجيا من ترسبات صراعات الماضي والحاضر أيضا والتي لا تزال تنتهك إنسانيته وتعرقل تقدمه، هذه المنظومة لم تجد طريقها إلى جميع البشر لعدة أسباب لعل أبرزها :
- نقص النفاذ إلى ثقافة حقوق الإنسان ، والتي تكاد تكون غائبة عن برامجنا التعليمية والتربوية والثقافية، وقلة هي الجمعيات والمنظمات والأحزاب التي تضع ضمن برامجها خططا لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتعميمها .
- المقاومة المباشرة وغير المباشرة لبعض مبادئ هذه المنظومة من طرف البنى الاجتماعية والثقافية السائدة والموروثة والتي عادة ما تطبّع مع قائمة طويلة من الانتهاكات وتتصدى لكل محاولات وضعها وضع تساؤل أو تغييرها .
- انتشار الأمية الثقافية والمعرفية وعجز منظومة التربية والتعليم عن فتح أفاق للفئات المتعلمة لبناء مواطنة مكتملة بالتوازي مع بناء مهارات تقنية ومعرفية في اختصاصهم ، فتكون النتيجة مختصين في مجالات عالية الدقة العلمية لكن بثقافة ونظرة للإنسان والحياة عامية بسيطة .
- اهمال الأنظمة التسلطية والاستبدادية التي هيمنت على شعوبنا لثقافة حقوق الإنسان بل حاصرت كل المحاولات التي أرادت التنظم للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان باعتبارها تمثل استهدافا مباشرا لهذه الأنظمة المنتهكة للحقوق .
- تبني التيارات السياسية ذات الميولات الماضوية والتي توظف فهما متطرفا للدين في أطروحاتها السياسية لمنظومة قيمية مناهضة لحقوق الإنسان ومخاتلة للناس ومتماهية مع تفكيرهم السائد لتسهيل استقطابهم و توظيفهم .
- ضعف ثقافة حقوق الإنسان لدى التيارات التي تعتبر تقدمية أو يسارية وبعضها يعتبر ذلك من باب الترف الفكري و نقص النفاذ إلى الإعلام الجماهيري لنشر ثقافة حقوق الإنسان لذلك تهيمن عليها هذه الوسائل الإعلامية خطابات تبريرية للانتهاكات وكذلك الشأن بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعي .
كل هذه العراقيل و المعوقات تحول دون نشر مبادئ إنسانية بسيطة في فهمها وتبنيها متماهية مع الطبيعة البشرية ورفضها لا يمكن الا أن ينم عن الجهل بها لا أكثر فماهي هذه المبادئ باختصار :
1 - مبادئ حقوق الإنسان كونية : فالأصل أن جميع البشر في جميع الظروف يتمتعون بجميع الحقوق دون أي استثناء و كل تمييز في الحقوق بتعلة ظرف ما كسلب الحق في الحياة بتعلة ارتكاب جريمة أو سلب الحق في التنقل أو في العمل لفئة معينة هو انتهاك لحق الإنسان ولكونية هذا الحق فالإنسان إنسان كامل الحقوق مهما كان موقعه وانتمائه والظروف التي وجد فيها .
2 - حقوق غير قابلة للتجزئة : جميع حقوق الإنسان متساوية في الأهمية لا يوجد حقوق ثانوية أو بالإمكان التخلي عنها فالحق في الحياة مساو للحق في التعبير وفي الغذاء وفي التنقل ، وكل إغفال لحقوق بتعلة إعمال حقوق أخرى تبدو ظاهريا أكثر أهمية هو انتهاك لحقوق الإنسان فالإنسان جدير بجميع حقوقه دون استثناء .
3 - حقوق الإنسان مترابطة : كل حق مرتبط أليا ببقية الحقوق وكل انتهاك لحق ينجر عنه انتهاك لبقية الحقوق ، انتهاك الحق في التنقل ينجر عنه انتهاك في الحقوق الاقتصادية ، وانتهاك الحق في الصحة ينجر عنه انتهاك للحق في الحياة ... فلا تسامح مع انتهاك أي حق صونا لكل الحقوق .
4 - حقوق الإنسان تقوم على نبذ كل أشكال التمييز ، كل تمييز بين الناس على أساس الجنس أو اللون أو الانتماء العرقي أو الديني أو الانتماء الوطني أو بسبب البنية الجسدية أو الميولات الثقافية والفكرية والجنسية مرفوض ، فكل البشر متساوون تمام المساواة .
5 - حقوق الإنسان تقوم على ضمان المشاركة الحرة للإنسان في صناعة القرارات التي تهمه سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو التربوي لذلك فان كل تسلط وقمع لهذه المشاركة الحرة هو انتهاك لحقوق الإنسان .
6 - الدولة هي الجهة المسؤولة على إعمال الحقوق وهي الجهة المعنية بالمساءلة على كل انتهاك : كل الحقوق دون استثناء تضمنها الدولة باعتبارها المشرف على تنظيم شؤون المواطنين فالجريمة اعتداء من مواطن نعم لكن المسؤول الأول على حماية المجتمع من الجريمة هي الدولة ، الشغل توفره مؤسسات عامة او خاصة نعم ، لكن المسؤول الأول عن انتهاك الحق في العمل أو حرية العمل هي الدولة ، ومطالبة الناس بإعمال الحقوق هو مطالبة موجهة التوجيه الخطأ باعتبار الدولة لا الأفراد مطالبة برفع أي انتهاك يقوم به الأفراد والمؤسسات بما في ذلك الانتهاكات التي تقوم بها الدولة نفسها .
ملخص القول أن حقوق الإنسان هي حقوق طبيعية أي لا يوجد أي مبدأ من مباديء المنظومة الكونية لحقوق الانسان يتعارض مع الطبيعة الإنسانية ، وتظل هذه الحقوق حقوقا حتى وان تم اغفالها أو انتهاكها وحتى إن لم تتحقق ، ويظل النضال من أجل إعمالها عملا مستمرا نحو هدف أسمى وهو تحقيق إنسانية الإنسان نذكر بهذه المبادئ على بديهيتها وبساطتها كلما عمت الغوغاء وتحولت الانتهاكات إلى مطلب جماهيري أو مؤسساتي خاصة المطالبات الأخيرة في تونس وعدد من الدول بتنفيذ عقوبة الإعدام أو رفض المساواة والاستناد في ذلك على مرجعيات متناقضة مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت


.. حاكم ولاية تكساس يبدل رأيه في حرية التعبير في الجامعات: المت




.. الأخبار في دقيقتين | مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش غزو رفح ومف