الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموجة الثانية من عودة فيروس كورونا في تونس وأسرار التراخي في مجابهتها

الأسعد بنرحومة

2020 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لم نغيّر شيءا فيما كنت أقوله على مدار هذه الأشهر بخصوص ملابسات وظروف ظهور فيروس كورونا وانتشاره والأهداف السياسية والاقتصادية ذات العلاقة بالاستعمار منه.
لذلك فهذا ليس موضوعي الذي سأحدّثكم به اليوم ، بل سأقتصر على تونس وكشف الفارق بين الموجة الأولى لانتشار الكورونا من فيفري وحتى جوان2020، والموجة الثانية منه من شهر أوت وحتى اللحظة....
عندما بدأ الفيروس في الظهور في تونس منذ شهر فيفري الفارط صاحبها ارتجالية كبيرة من السلطة وتردّد واهمال وحتى لامبالاة رغم كثرة القرارات المتخذة سواء فيما يتعلق بالحجر الشامل او الحجر الذاتي او ما سمي بالتباعد الاجتماعي أو غيره . وتعدّدت حالات التسيّب والانفلات في كافة جهات الجمهورية وطفت على السطح عصابات الانتهازية والابتزاز والسمسرة بصحّة العباد وبأمنهم على غرار تورط عديد المسؤولين من نواب ووزراء ومدراء في قضايا الارتشاء والاثراء غير المشروع وقضايا فساد وتضارب المصالح على غرار فضائح صنع الكمامات المعروفة وفضائح الجال المغشوش....
ومع ذلك لم يكن انتشار الفيروس بوتيرة كبيرة ولم تتخطّ الاصابات الألف كما لم تتجاوز الوفايات بضع عشرات رغم الانفلات والتسيب والتجاوزات التي كانت تنبئ بتفشي خطير جدا في المجتمع للفيروس ، ولم يحصل ذلك .... وتوقفت الكورونا مبكّرا فاضحة جميع الحملات والدعايات وجهود التهويل والتخويف.....
ماحدث في تونس فضح جميع الملابسات والظروف الخفية للفيروس وكشف لحدّ كبير حقيقة الأهداف من وراء نشره دوليا وعالميا ....وهو الأمر الذي لا يُرضي دوائر هيمنة اللوبيات الليبرالية المتوحشة في العالم سواء تلك التي تختفي وراء منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة أو تلك الوجوه القبيحة الماسكة بزمام صندوق النقد والبنك الدوليين وخاصة أنّ المنظمة الصحية بدأت تبشّر العالم بالاستعداد لتوفير أكثر من ملياري ونصف لقاح ، وصندوق النقد وعد بالرفع من حجم القروض المقدمة للدولة بعنوان مجابهة الكورونا أما البنك الدولي ولمزيد اغراق الحكومات في العجز والافلاس كان قد أوصى بمزيد الانفاق على الانفاق الاجتماعي وهو ما يتضارب ظاهريا مع شروط صندوق النقد في توصياته لحكومات الدول المتخلفة بضرورة التحكم في الاجور ووقف الانتداب والتراجع عن الانفاق الاجتماعي....
نحن اليوم في تونس نشاهد موجة ثانية من انتشار فيروس الكورونا ، وهي موجة تميّزت بسرعة الانتشار وتزايد أعداد المصابين والوفيات ، وبادرع الاعلام كعادته في نقل صور التوابيت ومشاهد الدفن وغير ذلك من اجل التاثير السلبي في الوعي العام في الشعب... ولكنّ الأخطر من ذلك هو سلوك السلطة وما سميت باللجنة العلمية الصحية في مجابهة الكورونا والذي تميّز بالتضارب بين مختلف الجهات المعنية وغياب المعلومة وتناقض التصريحات وغياب الاجراءات ، الشيء الوحيد الموجود هو فقط أوراقا مخطوطة بقرارات لكنها معزولة عن الواقع ....
العقل يقول بأنّ الموجة الاولى أكسبت هذه الاطراف تجربة كبيرة ، والعقل يقول بان الاستعداد سيكون على احسن ما يرام وان جميع مستلزمات مجابهة الكورونا ستكون متوفرة ، وهو ما كان يصرح به الجميع منذ شهور ،فقد سبق لللجنة الصحية ان صرحت بان تونس تحصلت على كفايتها من أسرة الانعاش "اكثر من 500سرير" وان جميع المستشفيات حاضرة ومستعدة للقيام بدورها ، وهو الامر الذي أكده رئيس الحكومة حينها الياس الفخفاخ وأكده وزير الصحة عبد اللطيف المكي وغيره....
ولكن وفي مشهد مشبوه جدا تشوبه الريبة والتساؤل تكشف هذه الموجة الثانية من الفيروس وضعا مفزعا على جميع المستويات فلا مستشفيات مجهزة ولا اسرة انعاش متوفرة ، بل حتى ما توفر منها معطب ، ولا فرق صحية متوفرة ولا شيء من ذلك متوفر ؟؟؟
الأخطر من ذلك ما صرح وزير الصحة في زيارته الاخيرة لمستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير عندما قال في جوابه عن تساؤلات الفريق الصحي " ما عندي من معلومات أن كل شيء متوفر ولا يوجد نقائص..." . ورغم خطورة هذا التصريح لم يقف عليه أحد ، فمن اين جاءت المعلومات للوزير ان كانت مغلوطة؟ ومن وراءها ؟ وان كانت صحيحة فاين ذهبت اذن تلك التجهيزات؟ ولماذا لم يقع اصلاح الاسرة المعطوبة رغم التحذيرات؟ ولمصلحة من يحدث كل هذا؟
وفوق ذلك ، أين ذهبت أموال صندوق 18 18 وال200مليون دينار الذي احتوته بعنوان مجابهة الكورونا ؟
ولماذا تتعطل أعمال افتتاح المستشفى الجامعي الصيني الى الآن رغم اكتمال الاشغال؟
ثمّ مادامت البلاد غير جاهزة فلماذا تتسرع الحكومة باتخاذ قرار فتح الحدود مبكرا يوم 27 جوان الفارط؟ ونحن جميعنا يعلم ان الموجة الثانية من الفيروس كانت بداياتها تعدد العدوى العمودية اي عدوى وافدة من الخارجية قبل ان تتحول الى عدوى أفقية...
الظاهر أن ما حدث في تونس خلال الموجة الاولى من انتشار الفيروس لم ترض الجهات المستفيدة من انتشاره ، فتونس كغيرها من دول العالم يجب ان تقتني ملايين من جرعات التطعيم المستقبلية ، وتونس مجبرة على مزيد الاقتراض والمزيد والمزيد ، منه ماهو بذريعة انقاذ الاقتصاد ، ومنه ما هو بعنوان مجابهة الكورونا ، وتونس مطالبة بالاسراع من نقاش اتفاقيات الأليكا والبدء بتنفيذها ، وكل هذا يضع البلاد برمتها تحت الوصاية الخارجية وتحت الخضوع لأجنداته الاستعمارية ....
وحتى يتمّ ذلك بسلاسة كان لا بدّ من تصحيح الاوضاع وفتح المجال للفيروس للانتشار في موجة ثانية تكون كبيرة حتى لا نشذّ على مسار غيرنا من دول العالم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس