الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة والحرب

سلامة كيلة

2003 / 4 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر




ارتبط إعلان تأسيس "النظام العالمي الجديد" بالحرب على العراق بداية عام 1991. وكان هذا الارتباط معبراً، لأنه كان يوضح بأن "النظام العالمي الجديد" يتأسس عبر الحرب.  والعولمة هي التعبير الذي أعطي لمجمل العملية التي تهدف إلى تأسيس "النظام العالمي الجديد". ولما كانت الدولة الأمريكية قد أصبحت هي القطب الأوحد، والقوة العظمى فائقة التفوق عسكرياً، فقد كانت هي القوة الأكثر ميلاً للحرب، من الحرب الأولى ضد العراق، إلى البوسنة وكوسوفو، إلى أفغانستان، وإلى العراق الآن، وكذلك الأكثر استعداداً لاستخدام القوة.
وإذا كان انهيار المنظومة الاشتراكية قد دفع كل الرأسماليات ( الأمريكية واليابانية والأوروبية) إلى السعي ل"فتح الأسواق" والسيطرة على الموارد في كل الأمم التي قررت الالتحاق بالنمط الرأسمالي العالمي، فإن الرأسمالية الأمريكية قررت أن تكون الحرب هي وسيلتها الأساسية كما لاحظنا. وإذا كانت الحروب هي وسيلة حسم التنافس بين الرأسماليات ( الحرب الأولى والحرب العالمية الثانية)، فسنلحظ كذلك أن "الحرب ضد الإرهاب" التي أعلنها بوش الابن منذ تشرين الأول قبل الماضي، هي حرب لحسم التنافس بين الرأسماليات، رغم أنها لا تخاض ضد الرأسماليات الأخرى مباشرة، بل تخاض ضد بلدان من الجنوب، أو من "الدول المارقة". من أجل السيطرة على مناطق استراتيجية (مثل أفغانستان والشرق الأوسط) أو على الموارد الأولية ( منطقة الخليج)، أو عبر احتكار الأسواق.
بمعنى أنها حرب من أجل تخليص الرأسماليات الأخرى أسواقاً كانت قادرة على منافسة الرأسمالية الأمريكية فيها، كما هي حرب من أجل التحكم بالنفط للتحكم بالرأسماليات الأخرى الأكثر حاجة له. ومن ثم ضمان تفوق  ل( شركاتها الاحتكارية الأمريكية)، وفتح الأسواق لها.
هذه المعادلة لم تكن ممكنة عبر التنافس التقليدي لأن الرأسماليات الأخرى باتت قادرة على المنافسة، والاستحواذ على أسواق، وبالتالي كانت قادرة على مفاقمة مشكلة فيض الإنتاج في الشركات الأمريكية، الأمر الذي قاد منذ الثمانينيات إلى مراكمة ديونها، وأفضى أخيراً إلى حالة إفلاس في العديد من أهم الشركات الاحتكارية وهو يهدد مجمل الشركات الاحتكارية.
نشير هنا إلى أن الأزمة التي دخل فيها الاقتصاد الأمريكي منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي أزمة الركود وما تبعها من أزمة طالت الدولة الأمريكية (عجز الميزانية، وعجز الميزان التجاري والمديونية المرتفعة) دفعت بعد انهيار الخصم/الضابط، أي الاتحاد السوفييتي، حيث كان يشكل قوة ردع مكافئة لقوة الدولة الأمريكية، دفعت إلى أن تصبح القوة العسكرية هي وسيلة تحقيق الشروط المناسبة لتجاوز الشركات الاحتكارية أزماتها، ولتعافي الاقتصاد الأمريكي، ومن ثمّ تجاوز المشكلات المالية التي تعانيها الدولة الأمريكية. لاسيما وأنها قوة متفوقة "بكل المقاييس"، وقادرة – حسب عقلية الإدارة الأمريكية الحالية- على هزيمة جمع من أهم الدول التالية لها في القوة.
هذا هو مسار الرأسمالية، حيث تنزع إلى الحروب كلما عانت من أزمات، ولهذا تطوّر الأسلحة، وتكدسها، وتحرص على أن تبقى متفوقة. وإذا كان فيض الإنتاج جزء عضوي في الرأسمالية، وكان يفرض دوماً البحث عن أسواق، وبالتالي اللجوء إلى الحرب لحسم التنافس، فإن تراكمات ركود طويل عاشه الاقتصاد الأمريكي نتج عن فيض الإنتاج بالتحديد، فرض البحث في تأسيس "نظام عالمي" محتكر، ما جعل الحرب ملازمة لهذا التأسيس، ومستمرة لحين فرضه، وتأسيس إمبراطورية عالمية تخضع لسيطرة الاحتكارات الإمبريالية الأمريكية، وتنحكم من قبل الدولة الأمريكية، وتساس عبر جيش متفوق.
والحرب على العراق تهدف إلى السيطرة على النفط والسوق فيه، وتعزيز السيطرة على نفط وسوق الخليج، ومن ثم نقل الحرب إلى إيران للهدف ذاته. والدولة الأمريكية عبر التحكم بهذه المنطقة الاستراتيجية تستطيع تغيير اللعبة الدولية كلها. حيث سيكون التحكم بأضخم احتياطي نفطي مدخلاً للتحكم بالنفط العالمي كله، وبالتالي التحكم بمصائر الرأسماليات الأخرى وتهميش مناطق واسعة في الأطراف. وهذا هو مدخل تأسيس الإمبراطورية العالمية.
إذاً، الحرب عنصر اقتصادي، وهي ضرورية في النمط الرأسمالي العالمي. والأقوى الآن، الدولة الأمريكية، يفرض عبرها إعادة تشكيل اقتصاده لكي يعود الأقوى والمهيمن، ولتحصد أمريكا ثروات العالم كلها.
وبالتالي فالنظام العالمي الجديد، الذي هو العولمة يقف على قدمين من العنف والتدمير، ويصهر عبر الحرب

البديل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت