الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟

محمد بوزكَو

2006 / 7 / 7
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


غريب أمر هذا المغرب الذي نعتقد نحن الأمازيغ أنه وطننا ، نلد فيه، نكبر، نموت ولا نعرف هل فعلا هو وطن لنا أم مجرد موطن لنا. فمجرد ما ان يصرخ جنين في أعالي الريف أو في سفوح الأطلس أو في سوس معلنا قدومه الى هذه الحياة يكون بذلك قد أقدم على فعل مخالف للقانون. اننا كأبناء غير شرعيين لهذا الوطن، لأننا ببساطة خارج الاطار القانوني الذي يحدده أسمى قانون للبلاد. ان الوقوف على ما نص عليه الدستور المغربي من كون أن "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، وهي جزء من المغرب العربي الكبير" يطرح أسئلة لها علاقة بوجودنا القانوني: أين نتموقع نحن الأمازيغ ؟ لا اللغة المدسترة تشفع لنا كي نحظى بقانونية وطنيتنا ولا الانتماء العربي الذي أريد لهذا الوطن يشرعن لنا هويتنا. هذا اللاانتماء وهذا الفراغ التشريعي يجعلنا في حالة شرود قانونية أي خارج الدستور. ولا عجب ان استفقنا ذات صباح على نشرات أخبار تعلن أن جزءا من هذا الشعب عليه ان يرحل لأنه شعب غير مدستر وبالتالي شعب غير مواطن. فنغدو على الطريقة الكويتية كالبدون. أو نجد أنفسنا أمام الهيئة الدستورية نواجه بلا دستوريتنا مادام أنها لم تتدخل لحد الآن لتعلن لا دستورية الدستور في شقه السالف الذكر.

فعلا، يمكن لك أن تنزل في اية مدينة مغربية تشاء، أن تتجول في كل شارع وزقاق، سوف لن تعثر على شيء ما يمكن أن تجد فيه هويتك بدأ بأسماء المدن التي تم تعريبها أو خربقتها كي تمسح عنها مغزاها كتطاون التي تحولت الى تطوان أو افران التي أصبحت يفرن أو أشاون التي صارت شفشاون...الخ، أما اذا قمت باستعراض بصري للوحات الاشهار، وعلامات الطرق وأسماء المحلات فلن تحس ولو للحظة أنك داخل وطن انت من صلبه فاما أن تصدمك الحروف العربية في محاولة لتخذيرك استعدادا لاجراء عملية جراحية يستأصلون خلالها جذورك الدفينة في تراب هذا المغرب أو تستهويك لغة فولتير علك تتغرب بين ظلوعها وقواميسها فتنهار انهيار رجل في حضن مومس بعد الرعشة الكبرى. حتى السيارات عربوها وركبوا في مؤخرتها حرفا يحمل أسمى معاني الاحتقار لقوم يؤدون الضرائب على العربات ورسوم التأمين وفي قلبهم شيء آخر غير ذاك الحرف.

اننا في حالة شرود، اننا خارج الوطن..اننا مجرد أرقام مغلفة ببلاستيك بارد داخل بطاقة تعريف وطنية، الوطنية تعود على بطائق التعريف طبعا. اننا ضرائب نؤديها، وأصواتا نعدها ولا نحسبها. نساهم في تمويل قنواتنا وحين ننظر في التلفزة لا نجد لنا صدى ونزداد غربة. وأنا أكتب هذه السطور لا زال شعور بالغبن لم يراوحني منذ أن تتبعت برنامج " ديوان" الذي تقدمه القناة الثانية. كانت الحلقة عن القصة القصيرة، وكان بين يداي قصصي الصغيرة استعد للذهاب بها الى المطبعة. كتبتها بالأمازيغية. تابعت الحلقة، كانت باللغة العربية طبعا. بحثت عن موقعي في الموضوع فلم أجد الا صدى الفراغ، فراغ فرخ فيً سؤالا صداميا : هل تلفزتنا مواطنة أم أنا الذي لست مواطنا!؟ سؤال أجاب عنه معد الحلقة حين زف للمشاهدين بشرى تنظيم القناة لمسابقة في القصة القصيرة بالمغرب وتلى شروط المسابقة التي من أبرزها أن تكون القصص باللغة العربية. جواب أقصاني من المشاركة . نظرت الى قصصي وفي قلبي غبن ونار أججتها وطنيتي. هكذا، تغتالنا تلفزتنا كل يوم ألف مرة ويدوخوننا بخردة نشرات يتم تلاوتها بأمازيغية مبهدلة ومعربة. بحثت عني في أوراق الحالة المدنية فلم أجدني، صفحة بالفرنسية وأخرى بالعربية واسمي ونسبي وفصلي تائه بينهما. أدخلني أبي المدرسة كي أتعلم، وتحت تأثير صعق لغوي سرقوا مني كلماتي كي أنسى لغتي وأحيى باعاقة فكرية أبديه. هكذا، عوض أن أعي مغزى ومضامين ما يلقن الي أجدني أحفظ أسماء ومفردات دخيلة علي وكأن ما سمعته وتعلمته من محيطي خلال سبع سنوات من ولادتي غير صالح للاستعمال المدرسي وما علي سوى أن أقلب صفحة من وجودي وأغسل دماغي من ما تفتق فيه من ادراك طبيعي في انتظار تحقيق التحصيل العلمي! والحقيقة أني كنت خارج المدرسة وداخل المصبنة. فكرت في أسمي وأسماء اخواني فلم أجد لهم جذورا في بلدي، حاولت تدارك الأمر وقررت البحث لأبنائي عن أسماء من ترابهم فحاصروني بلائحة مفصلة تنبعث منها رائحة الاقصاء. قلت سألجأ الى القضاء بحثا عن العدل فألزموني باعداد شكاية مكتوبة بغير لغتي.. ضحكت وقلت مرحى، مرحي يا عدل. فتذكرت حين كنت ممثلا لاحدى الادارات العمومية في المحاكم، كنت أجلس بين زملائي المحامون وأتتبع بنهم بعض القضايا التلبسية المعروضة أمام القضاء. ولكوني أقشر بعض الشيئ في اللغتين الفرنسية والاسبانية يكلفني أحيانا رئيس الجلسة بترجمة أقوال بعض الأظناء الأجانب والعكس صحيح. كنت أفعل ذلك بشغف. الا أن الذي كان يستفزني هو أن أكلف بترجمة تصريحات لأظناء مغاربة لا يتكلمون العربية ولا يجيدون غير الأمازيغية. كان القاضي أمازيغيا ووكيل الملك كذلك. أي أنهم يفهمون كل ما ينطق به الظنين ومع ذلك كنت مضطرا لترجمة أقوالا هم يفهمونها. أي عبث هذا ؟؟ محاكم مغربية تحاكم مغاربة بغير لغتهم ! هناك خلل ما. أما اذا لم يكن هناك من يقوم بالترجمة، فان المتقاضي مضطر لأن يعرب أمازيغيته لا ليفهمه القاضي ولكن لتكسب محاكمته قوة القانون. عَرِب! هكذا يتدخل القاضي فيخرس المتقاضي الذي يجد نفسه حبيس سلطة اللغة. يا له من عدل!.
وذات حكومة طل علينا اليوسفي وقرر أن ينعشنا ظانا منه أننا في طريق الانقراض، وكالطفل الفرحان يوم العيد أطل
علينا حبيبنا المالكي وقرر هو ايضا أن يجعل منا مؤنسين للغة العربية في برامجه التعليمية. تعجبنا ودخنا فتساءلنا : كيف لنا أن نؤنس ونحن في حاجة الى انعاش؟ عجبا.
نحن الأمازيغ، لا دستور يحمينا، ولا ادراة تأوينا، ولا حكومة تتبنانا، ولا عدل ينصفنا... اننا فعلا في حالة شرود وجودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان