الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجواب الأصعب رداً على سؤال جهاد الزين الصعب ......نزعة الاستعلاء عند السلطة

فراس سعد

2006 / 7 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


السلطة " الثورية " السورية لا ترى نداً لها أو بديلاً بمستواها!!

كتب الأستاذ جهاد الزين عن المصير المؤلم للمثقفين السوريين الذين يدفعون فيما يبدو ثمناً مجانياً لقاء تضحيات لا يسمع بها أحد من المجتمع السوري و من ثم يساقون إلى السجن فرداناً و جماعات دون أن يدري بهم هذا المجتمع و يحيل الأستاذ جهاد السبب إلى أن السلطة قامت بتسوية مع هذا " المجتمع" الذي استقر و انحصر في المدينة , تسوية تقوم على المحافظة على الاستقرار فيما إذا كان التغيير يعني الاضطراب و عدم الاستقرار .
يفترض الأستاذ جهاد الزين أن المجتمع المديني السوري أو أبناء المدن السورية قد قبلوا و اعتادوا على هذا الاستقرار وليد الصفقة التاريخية منذ أواخر الخمسنيات حيث أن النظام السياسي لم يحطّم المدنيّة السورية بل تركها كما هي على خلاف ما حصل في العراق بين النظام العسكري هناك و مجتمع المدينة , قد يكون هذا الكلام صحيحاً بهذا القدر أو ذاك ....
إن المجتمع السوري مثل أي مجتمع تجاري زراعي يهمه الاستقرار , لكنه في كل الحالات لم يتزعزع فترة الانقلابات 1949 – 1954 حيث حافظت الليرة السورية على قوتها خلال أربعة انقلابات متتالية, لكن هذا المجتمع يقف -مثل كل مجتمع – مع الأقوى , و هو يقف مع السلطة التي أمّنت الاستقرار لأنها الأقوى , فلو لاحت في الأفق أمكانية لمعارضة قوية يمكن أن تستلم السلطة و تمنح السوريين بعض الحريات المفقودة اليوم فلن يتردد هذا المجتمع عن الوقوف معها حتى لو كانت النتيجة خسارة مؤقتة , المجتمع السوري يبحث عن الربح عموماً , فهو لا تنقصه النزعة التجارية , و لا نستثني من ذلك المجتمع الزراعي , نقصد بذلك الأرياف السورية.
إن كل هذا الصمت و اللامبالاة التي يواجه بها المجتمع السوري معارضته تعود تحديداً لسببين الأول انتشار الخوف من العمل و الكلام السياسي الذي تحول إلى حالة مرضية فوبيا بسبب سياسات السلطة المحاربة لأي كلمة و سلوك معارض مهما كان بسيطاً و لاسيما إذا كان عفوياً , و الثاني لضعف و تشرزم المعارضة السورية لاسيما بعد زجّ أعداد كبيرة منها في السجون و المعتقلات و بعد غياب كوادر كثيرة قتلا و تغييباً و تقاعداً و مرضاً ...

السبب الأول : ما يمنع المجتمع السوري عن الاهتمام بمصير معتقليه هو نفسه ما يمنعه من الاهتمام بالسياسة و العمل السياسي إنه الخوف , لقد نجح النظام الأمني السوري من تحويل الخوف من العمل السياسة المعارض إلى مرض يصيب النفسية السورية و استطاع تحويله إلى رعب حقيقي , مستخدماً أساليب علم النفس باعتماده على علماء و خبراء نفس للقبض على المجتمع السوري من هذه الناحية بالتحديد , فهو يحرك فوبيا المعارضة كل سنة أو ستة أشهر أو في كل وقت يراه مناسباً , و مؤخراً بدأ بتحريك هذه الفوبيا عبر ابتكاره لمجموعات تنفذ عمليات حقيقية أو تمثيلية , ابتداءً من اعتداء أتوستراد المزة قبل سنتين و انتهاء بعملية الهجوم على التلفزيون في ساحة الأمويين قبل أسابيع و هي عملية تلفزيونية في اعتقاد الكثيرين , يريد النظام السوري أن يقول للشعب السوري أنظروا مازال هناك خطر أسلامي يهدّد البلاد , ثم انظروا أنا من يحمي البلاد من هذا الخطر .
لقد أصبح الهم المعاشي عند السوريين هو الهم الوحيد المسموح بالتفكير و الحديث عنه , لكن حتى الحديث في هذه المنطقة له أصول و آداب , بحيث لا يمكن لمواطن سوري حينما يتحدث عن ارتفاع أسعار البندورة و الخيار أو المازوت مثلاً أن يتجاوز ذلك إلى مستوى تحليلي أو سببي أعلى بحيث يتحدث عن سياسة الدولة الاقتصادية أو عن وزير التموين أو ينطق بكلمات مثل " الدولة " , " الحكومة " , أو مرادفاتها و شقيقاتها و أشقائها , فكل هذه المفردات هي من قاموس الكلمات و المصطلحات الممنوعة في الشارع السوري , بل إن هذا الشارع ينظر بريبة إلى من يتلفظ بها علناً.

السبب الثاني : ضعف المعارضة : و أسبابها عديدة قد يكون أهمها :
- غياب أي دعم حقيقي فاعل ( سياسي , إعلامي) عربي أو دولي للمعارضة السورية
- تخلف المفاهيم السياسية عند قسم كبير و مهم من المعارضة السورية و سيادة مفاهيم الحارات عن الوطنية و الخارج و موضوعات أخرى , تمنعها من العمل الجذري , هنا لا بد من القطع النهائي الكلي و بدون رحمة مع تلك المفاهيم القديمة و المتخلفة عن المفاهيم السياسية الواقعية أو المعاصرة .
- غياب أي إمكانية لنشر أخبار المعارضة في سورية من قبل إعلام مرئي سمعي لاحتكار السلطة لهذا الأعلام و غياب الإعلام الورقي المعارض إلا عن صفوف المعارضة .
- نبذ المعارضة كل الوسائل القديمة في العمل لاسيما العمل السري كتوزيع المنشورات في الشوارع مثلاً لأسباب وهمية و خرافية علماً أن توزيع المنشورات سراً و علناً من أهم وسائل أيصال المعلومات و أشدها تأثيراً في الرأي العام السوري بل هي أكثر فاعلية من الفضائيات نفسها و مازالت تلجأ إليها شركات و مصالح اقتصادية ضخمة في العالم العربي و الغربي لأسباب تتعلق بطبيعة الإنسان و طبيعة التواصل .

-الاختراق الأمني الكبير من قبل أجهزة أمن النظام العديدة للمعارضة ...
- مقاطعة المعارضة الكلية للنظام و عدم محاولة فتح حوار علني معه على أسس يتم التفاوض عليها بين أقطاب المعارضة أحزاب و شخصيات , فالحوار العلني مهما كان , مفيد للمعارضة و لقضية التغيير , لكن الحوارات السرية التي يمكن أن يقوم بها بعض الأقطاب قد تكون نتائجها مؤذية للمعارضة كلها .

- لا مبالاة الفضائيات العربية مثل العربية و الفضائيات اللبنانية لاسيما نيو تي في , و ان بي ان و تآمر البعض مع النظام و مرجعية البعض لدول و أنظمة تخشى النظام السوري أو لا ترغب في تعكير الأجواء معه .
- عدم وضوح الموقف الأمريكي من السلطة و المعارضة في سورية و مراهنة قوى إقليمية على بقاء النظام السوري خوفاً من نظام سوري إسلامي ؟
- قوة و انسجام النظام السوري و تبعيته المطلقة للمركز و غياب أية أمكانية للإجتهادات من قبل الأَزلام و المسؤولين و التابعين و لشعور الجميع واعتقادهم - و هو حقيقة – أنهم مجرّد موظفين عند المركز و هم كأي عامل عند رب العمل يطلب رضاه و يخشى غضبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا