الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب أيضا لا يريد أن ينطيها

جعفر المظفر

2020 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا تحمل منظمة (الصبية الفخورون) التي ذاع صيتها بعد المناظرة الرئاسية الأولى التي جمعت ما بين الرئيس ترامب والسيد بايدن مخاطر أساسية ضد الأمن الإجتماعي الداخلي لأمريكا فحسب وإنما هي تنال أيضا من طبيعة وروح الخطاب الأمريكي التاريخي التي ظلت أمريكا ما بعد الحرب العالمية الثانية فخورة ودافعة به لكي يتصدر خطابها السياسي وعناوين قيادتها لما أسمته بالعالم الحر. إن منظمة ( الصبية الفخورون Proud Boys) ومنظمات عنصرية وعنفية أخرى في أمريكا مثل النازية الجديدة وكوكلاكس كلان, المنبوذة أساسا من الأغلبية العظمى في المجتمع الأمريكي والتي تجد أمريكا أنها مطالبة بإدانتها
بقوة من أجل التأكيد على مشروعية قيادتها للعالم, هؤلاء يشكلون الطعنة النجلاء لكل خطابات ما يسمى بالعالم الحر وإدعاءات التحضر الإجتماعي الإنساني.
وإن ما يجب الإنتباه إليه جيدا أن التركيز على فوضوية المناضرة الأخيرة يجب أن لا يحجب الإنتباه عن لقطتها المفصلية تلك التي تحمل إنذارا جليا بمخاطر دخول العالم جميعه وليس أمريكا وحدها مرحلة الفوضى الخلاقة القائمة على صراع دموي بين الأفكار اللبرالية ومسارات الحرية من جهة والأفكار اليمينية العنصرية والصهيونية وحتى النازية على الجهة الأخرى.
ونعرف جميعا أن العالم برمته, وليس أمريكا وحدها قد شهد نموا وإزدهارا للنوع الثاني من المسارات التي باتت كافية لتبيين طبيعة الحرب (العالمية الثالثة) التي يمكن أن يكون قوامها الأساسي الإنسان الأمريكي والأوروبي ضد الإنسان الأمريكي والأوروبي نفسيهما. ويمكن للسيد صموئيل هنتنغتون ومنظرين آخرين مثل السيد فرانسيس فوكوياما أن يعيدا مراجعة كتابيهما المهمين, الأول حول صراع الحضارات والثاني حول نهاية التاريخ, لكي يؤكدا في طبعتيهما الجديدتين أن الصراع العالمي الجديد ما عاد يجري بين الثقافة الأوروبية من جهة وبين الثقافات الأخرى وخاصة الإسلامية وإنما هو مهدد بالإنفجار من داخل المجتمعات الأوروبية نفسها والذي يتخذ شكل المجابهات الجسمانية والثقافية بين الأفكار اللبرالية التي صنعت الحضارة الأوروبية وبين نقائضها الأخلاقية القائمة على الشعبوية والعنصرية والنازية ونظرية تفوق العنصر الأبيض, أما السيد فوكوياما فقد صار من واجبه أن يبحث عن كل العوامل المخفية التي يمكنها أن تدعم نظريته القائلة أن الحضارة الأوروبية اللبرالية ستكون هي آخر الحضارات وإنه لا خطر يهددها بالتراجع عن موقع الصدارة.
ولقد صار بإمكان السيد المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق ان يفتخر من مكانه خلف البحار والمحيطات أن مدرسته الديمقراطية القائمة على ثقافة (الماننظيها) قد بدأت بالرواج وها هي تلاقي الإزدهار على يد رئيس أقوى بلد في العالم والتاريخ الذي صار يمشي على خطى أستاذه المالكي من خلال الإعلان عن إمكانية عدم تنازله عن الرئاسة في حالة إذا ما تأكد له أن تزويرا قد حدث هنا أو هناك ونال من مصداقية الإنتخابات نفسها, ويرى المطلعون أن الرئيس قد بدأ يعد العدة جيدا للتحضير لخطته المدمرة تلك من خلال الإيعاز الصريح للمجموعات اليمينية العنصرية المتطرفة لكي تقف وتراقب وتتهيأ بإنتظار مشهد الإنفجار التي ستكون ساعة صفره الإعلان عن خسارة رئيسها المحبوب بلا منازع السيد ترامب المحفوظ بالله وبرعاية الكنيسة الإنجيليكانية ودعاء نتنياهو الذي لا يخيب في رحاب حائط المبكى.
وبإعلان الرئيس ترامب عن تخوفاته التزويرية والدفع بها إلى العلن كتخوفات حقيقية يكون هو نفسه من وجه الضربة الموجعة إلى النظام الأمريكي الديمقراطي حتى كأنه يقول للأمريكي الفخور بهويته أن حلمك الذي بقيت تتباهى به لأكثر من ثلثي القرن قد كان منخورا إلى درجة أن الرئيس الذي تأتي به هذه الصناديق قد يكون وصل إلى الرئاسة عن طريق التزوير.
وعلى نفس المستوى من الأهمية يجب الإنتباه إلى حقيقة أن الحزب الجمهوري سوف يكون هو الخاسر الأعظم. في الواقع أن هذه الحزب قد وجد نفسه مضطرا للسير خلف ترامب وإعتبره ممثلا له حتى في الجولة الرئاسية الثانية, ولقد كان ممكنا التعرف وقتها على ما يخفيه المشهد السياسي الأمريكي, فالجمهوريون في حقيقة الأمر كانوا قد (خسروا الإنتخابات التي ربحوها) فلقد كان ممكنا معرفة أن صفقة غير موقعة أو غير معلنة كانت قد جرت بين الجمهوريين وبين ترامب الذي لم يكن ممكنا أن يمثل غير نفسه, أي أن الجمهوريين قد إضطروا لتسليم رايتهم للسيد ترامب الذي عرف كيف يطيح بالمرشحين الجمهوريين الواحد تلو الآخر ثم يصرخ في وجه الجمهوريين (أما أنا وأما الطوفان). في واقع الأمر لقد ربح الجمهوريون الرئاسة لكنهم خسروا حزبهم وصاروا في مواجهة أن يخسروا بلدهم, فالسيد ترامب لم يكن في حقيقته (جمهوريا) وإنما ظل على الدوام (ترامبيا), وما حدث أن السيد ترامب هو الذي أفلح في النهاية بـ (تربنة الجمهوريين) أما الجمهوريون فلم يستطيعوا تحقيق حلمهم بـ (جمهرة ترامب). لقد ظل السيد ترامب هو السيد ترامب وأقوى ترامب في العالم, أما الجمهوريون فصاروا هم الرابح الخاسر, ومثلهم الآن مثل (بالع الموس) إن بلعه ينجرح وإن أبقاه لن يقوى على الكلام.
خسارة ترامب من ناحية أخرى لا تشابه خسارة من سبقه من الرؤساء المرشحين لأنه سيجابه حينها إحتمالات محاسبته عن أتهامات أهمها التهرب الضريبي وعن أشكال أخرى من الفساد ربما سيكون من ضمنها تطبيق نظرية صدام في الحكم بالإعتماد على عائلته في تدبير أمور البيت الأبيض حيث تلعب إيفانكا وزوجها المحترم (جاريد كوشنار) دور الإشراف الفعلي على السياسة الخارجية على الأقل, وهو مبدأ لم يكن معمولا به سابقا إلا لدى الرئيس العراقي صدام حسين الذي كان (كوشنره الرئاسي) الفريق أول ركن دمج حسين كامل.
إن كثيرا من السياسيين من أنصار (الصبيان الفخورون Proud Boys), رؤساء وملوك وأمراء وشيوخ وفي مقدمتهم نتنياهو من خارج أمريكا قد ذهبوا إلى أسرتهم بعد المناظرة وقد باتوا خائفين فعلا من إمكانية أن يفيقوا ذات صباح لكي يروا أن عالما سياسيا ليس فيه السيد ترامب ليسوا هم فيه أيضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رغم المناظرة
د.قاسم الجلبي ( 2020 / 10 / 2 - 15:24 )
قراءت مقالة عن النتخابات الامريكية. ،ان اكثر العرب يتمنون بفوز شبيه المالكي العراقي الذي ينادي بديمقراطية. ماننطيها،،،،والسبب هو تحجيو ايران في المنطقة والضغط عليها لتقليص مليشياتها في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن،،لاءن وصول جي بايدن،ستتقوض كل ما فعله ترامب،،حيث كانت سياسة الرئيس السابق اوباما هي مهادنة الجمهوريات الاسلامية وحركة اخوان المسلمينةغيرها من مسارات احزاب الاسلام السياسي،،كما علينا ان لا ننسى تصريحات بايدن عندما كان نائبا للرئيس السابق حيث طالب بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات الشيعية والسنية والكردية،،واخيرا ان احد الرئيسين القادمين هو اتعس من الاخر،اي بمعنى كلاهما يعملان لمصالحهما وطز بالعرب جميعا،،،مع التقدير،،،قاسم الجلبي


2 - أنا معك
جعفر المظفر ( 2020 / 10 / 4 - 01:09 )
نعم يا دكتور قاسم ولكني هنا تحدثت عن القضية من داخلها.
أما إذا تحدثنا عن الخارج فتتفارق الأراء والإجتهادات والهموم وتختلف إذ تجد هناك مساوئ كما تجد هناك ما يعد بمسائل إيجابية كالموقف من الحرب في اليمن والتي آن لها أن تتوقف وتغير السعودية ودول الخليج من موقفها المؤذي والمدمر لشعب اليمن مهما كان موقفنا من الحوثيين. هنا الموقف قد يكون شديد القرب من القضية اللبنانية فأن تكون ضد حزب الله لا يبرر لك أن تدمر كل لبنان. أنا أفكر الآن في كتابة مقال حول حيرة العراقيين في الموقف من ترامب وبايدن وسيكون لي رأي أعرضه. تحياتي دكتورنا وشكرا لمساهمتك

اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع