الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مونديالي أنا...

ثائر زكي الزعزوع

2006 / 7 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


انشغلنا على مدى شهر كامل بمتابعة المباريات، وأصابتنا حمى المونديال شئنا أم أبينا، وآن الأوان لنغادر الشاشات الصغيرة والكبيرة ونعود إلى الواقع بكل تفاصيله... واقعنا المعاشي البائس، والثقافي المتردي، والسياسي المضحك، وأن نعود إلى هزائمنا التي تبدأ من كرة القدم ولا تنتهي بالحروب.
أميل إلى التشاؤم في أثناء الحديث عن شأن من شؤوننا حتى صرت أبحث في لحظة الفرح عما يعكرها، بلمحة يأس، وتمنيت في سري وفي علني أن أصحو ذات صباح من هذا الكابوس المقيت الذي أعيشه منذ أن أطلقت صرختي الأولى قادماً إلى هذه الحياة، وكل يوم وقبل أن ألقي رأسي المتعب على الوسادة لأنام أعود لأطلق تلك الصرخة قهراً وحزناً ويأساً.
هكذا يمضي يومي الطويل بفعلي الرتابة والبلادة دون أي بارقة تنعش واحدة من دقائقه، أو ثوانيه.
ليس هذا يأساً لكنه ضرب من المكاشفة والتفكير بصوت مرتفع.
فقد أثبت المونديال الأخير أننا مجموعة من الناس تتفرج بعيون مبحلقة إلى ما يفعله الآخرون دون أن نكون شركاء في الفعل، حتى على مستوى التحكيم.
شبابنا الذين رفعوا الأعلام في الشوارع وهم يهتفون لهذا الفريق أو ذاك تحسّروا بقلوب كسيرة، وتمنوا في قرارات أنفسهم أن يكون منتخبهم الوطني مشاركاً ليحملوا علمهم الوطني ويصرخوا بأعلى أصواتهم بأسماء بلدانهم التي ينتمون إليها متخلصين من حالة الفصام الغريبة التي يعيشونها، كلما أقبلت مناسبة كروية فينقسمون ألماناً وبرازيليين وأرجنتينيين وإيطاليين وحتى سنغاليين وغانيين وأوكرانيين وإسباناً... الكاتب البرازيلي الأشهر باولو كويلهو صاحب (الخيميائي) فوجئ من إقبال الكثير من الآسيويين على حمل العلم البرازيلي في المدن الألمانية. ولو سألت أي أردني أو سوري أو مصري خلال كأس العالم ما أنت؟ لأجابك بلا تردد: أرجنتيني، برازيلي، سويدي، سويسري... وما أن تنفض حمى المونديال حتى يعود ليصطدم بالواقع، فهو ليس سوى مواطن شرق أوسطي بائس متفرج، يمتطي في نهاراته السيارة اليابانية، ويحادث زوجته بالهاتف الفنلندي، ويتابع فريقه المفضل عبر شاشة ماليزية، ويسترخي مستمتعاً بهواء المكيف الكوري.
حين قال الأستاذ محمد حسنين هيكل قبل أكثر من سنة إن العرب باتوا خارج التاريخ تصدت له الكثير من الأقلام (العروبية) لتقنعه، وهو العارف، بعكس ما يقوله... فلم يقنعوه ولم يقنعوا أحداً، فنحن خارج التاريخ شئنا أم أبينا، متفرجون سلبيون لم يعرف التاريخ شبيهاً لنا، وربما هذه الصفة تجعلنا ندخل التاريخ من أوسع أبوابه.
مرة أخرى...
ليس هذا يأساً لكنه ضرب من المكاشفة والتفكير بصوت مرتفع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا