الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل جاء تقرير الامين العام للامم المتحدة بجديد لنزاع الصحراء الغربية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


من يقرأ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي رفعه الى مجلس الامن ، لا يملك الاّ ان يقول تمخض الجبل فولد فأرا ... ذلك ان التقرير من حيث الشكل والمضمون ، لا يختلف عن التقارير الذي دأب الأمين العام يرفعها الى مجلس الامن ، كل مرة عقد دورة ، من اهم المواضيع المدرجة على جدول اعمالها ، نزاع الصحراء المفتعل ..
وكالعادة ونظرا لان التقرير يحمل البعض من الغموض المقصود ، لجرجرة النزاع أطول مدة ممكنة ، طالما انه في نظر المسيطرين على مجلس الامن لم يختمر ، ولم يحن بعد وقت حله ، فان اطراف النزاع سارعوا الى امتداحه والتصفيق له ، وكل منهم اعتبره في صالحه لا في صالح خصمه ..
فباستثناء ملاحظات مادة حقوق الانسان التي لم تكن في صالح النظام المغربي كما سنشير ، فان التقرير حافظ على لبّه المستمد شكلا ومضمونا من جميع القرارات التي خرج بها مجلس الامن ، منذ اشتعال الصراع المسلح بالمنطقة في سنة 1975 ، كما ان التقرير لا يختلف من حيث الغموض ، عن القرار الرأي الاستشاري التي خرجت به محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ..
1 ) فبالنسبة لمادة حقوق الانسان ، قد نعتبر تقرير الأمين العام تهديدا او تقريعا للنظام المغربي ، حين يقول الأمين العام في تقريره : " ...... وظلت مفوضية حقوق الانسان تشعر بالقلق اتجاه استفراد الاتجاه المتصل بالقيود ، التي تفرضها السلطات المغربية على الحق في حرية التعبير ، والحق في التجمع السلمي ، وتكوين الجمعيات في الصحراء الغربية . وخلال الفترة المشمولة بالتقرير ، تلقت المفوضية ( مفوضية حقوق الانسان ) ، بلاغات عن تعرض صحفيين ، ومحامين ، ومدافعين عن حقوق الانسان ، لمضايقات ، واعتقالات تعسفية ، وإصدار احكام ضدها ..
وتلقت المفوضية ( مفوضية حقوق الانسان ) أيضا ، عدة بلاغات عن التعرض للتعذيب ، وسوء المعاملة والإهمال الطبي في السجون المغربية ، ودعا محامون ومنظمات المجتمع المدني ، الى الافراج عن سجناء صحراويين مثل مجموعة اكديم ازيك ، ومجموعة من الطلاب .. " ..
واضح إذن سلبية التقرير على مجال حقوق الانسان بالمناطق المتنازع عليها ، وواضح من المستهدف من هذه الإحاطة التي لكل طرف وجهة نظره الخاصة فيها ، وان الاتجاه العام داخل مجلس الامن ، وبناء على ملاحظات الأمين العام التي دمجها في تقريره ، وأوصى مجلس الامن بدراستها ، قد تكون دعوة الى توسيع صلاحيات " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ( المينورسو ) لتشمل مادة حقوق الانسان ، وهي الاطروحة التي تقف وراءها الجزائر ، وتقف وراءها جبهة البوليساريو ، كما تقف معها بعض دول مجلس الامن مرة ، وترفضها مرة ، كلما كان في الرفض او الدعوة اليها ، مصالح تلك الدول التي تبيع وتشتري بدون وازع أخلاقي ، في المصير المشترك لشعوب المنطقة ..
ان ترأس روسيا الاتحادية لمجلس الامن ، اعطى للجزائر وللبوليساريو املا كبيرا هذه المرة ، في تبني والدفاع عن دعوة توسيع صلاحيات المينورسو ، وما يروج في الكواليس ان فلادمير بوتين يقف شخصيا وراء هذه الدعوة ، رغم انه عارضها في اجتماع مجلس الامن في سنة 2013 ، فقط لان باراك أوباما كان يقف وراءها ...
لكن السؤال : هل سينجح مجلس الامن في تبني قرار يجعل من المينورسو بمثابة مقيم عام في المغرب ؟
لا اعتقد ان دعوى من هذا القبيل ستنجح ، طالما انها تستخدم للابتزاز ، وطالما تستخدم بشكل انتهازي غير أخلاقي عند تبادل الأدوار المسرحية في مجلس الامن .. إضافة الى هذه الحقيقة يجب انتظار رفض فرنسي ، وصيني ، وامريكي ... وربما قد لا يذهب الرئيس فلادمير بوتين الى استصغار دور بلاده كدولة عظمى ، في نزاع يعتبر من مخلفات الحرب الباردة ... هذا دون اغفال الفيتو الفرنسي المنتظر ..
لكن دعونا نتساءل عن الأسباب التي جعلت تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ، يتضمن ملاحظات سلبية عن مادة حقوق الانسان في المناطق المتنازع عليها .. وهو التقرير الذي قد يكون من وراء تحريره ، التطورات المتسارعة والمفاجئة التي عرفتها المنطقة من قبل انفصاليين صحراويين ، وافتقار النظام المغربي للحكمة للتعامل مع هذه التطورات ، التي قد تكون مقصودة حين استبقت انعقاد دورة مجلس الامن حول الصحراء .. والمقصود هنا انشاء اميناتو حيدر واتباعها لمنظمة حقوقية جديدة تحت اسم " الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي " ، " ISACOM " ، وقيام خصمها عالي التامك ومجموعته بتجديد منظمة " CODESA " في صراع مفتوح بين الانفصاليين ، وتخلي قيادة البوليساريو عن CODESA ، و تأييدها ل ISACOM ... فانْ يدفع البوليس النيابة العامة لفتح تحقيق مع اميناتو حيدر واتباعها ، وربما فتح التحقيق مع عالي التامك ، وقبل فوات انعقاد دورة مجلس الامن حول الصحراء ، كان خطأ استراتيجيا قد يكون اثّر على طريقة تحرير تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في مادة حقوق الانسان .. خاصة وان منظمة ISACOM ، و منظمة CODESA تلقيا تأييدا ومساندات وتضامنا من قبل العديد من منظمات حقوق الانسان المُسيّسة كرئيسة مركز روبير كينيدي من اجل العدالة وحقوق الانسان (RFK CENTER ) ، ومن قبل المنظمة الامريكية لحقوق الانسان " يومان رايتس ووتش " ، ومن قبل المنظمات الاسبانية ... لخ ..
ان اصدار النيابة بأمر البوليس السياسي ،امرا بفتح تحقيق في ما حصل ، قد خدم منظمة ISACOM ، و منظمة CODESA ، والحق ضررا بالقضية الوطنية ... وأعاد من جديد ترديد أسطوانة الشعب الصحراوي .. الصحراء تخضع للاحتلال المغربي .. الجمهورية الصحراوية ... الدعوة الى الاستفتاء وتقرير المصير ...
2 ) بالرجوع الى تقرير الأمين العام من حيث كل مفاصله ، فإننا لا نجد شيئا جديدا عن التقارير الذي دأب يدبجها في كل دورة لمجلس الامن بشان الصحراء ، بخلاف مقاربته في مادة حقوق الانسان ..
وكالعادة دعا الأمين العام للأمم المتحدة الى تجديد ولاية المينورسو الى 31 أكتوبر 2021 ، ولا شيء تغير عن هذه الدعوة التي أصبحت مع مرور السنين عرفا مطرزا لا يحتاج الى ادنى جهد ذهني وعقلي .... ومجلس الامن في قراراه المرتقب سيقرر هذا التمديد للمينورسو بدعوى حفظ السلام ، وهو سلام دائم منذ 1991 ، وكل الأطراف تتمسك به ، لأنها تتخوف من مخلفات حرب انْ حصلت ... خاصة الجبهة التي اعتادت على التهديد المرتبط بمناسبات ، في حين ان جعبتها فارغة لا تقوى على تحريك دجاجة عن بيضها ...
كما ان تقريره في مجال الوصف العام للحالة الميدانية ، ووضع المفاوضات السياسية المتعلقة بالصحراء ، كان عبارة عن تقرير ادبي يحكي فيه كل جرى وحصل منذ القرار 2494 ، وهو عبارة عن حكيّ لخرافات لا قيمة لها بالنسبة للوضعية المتحكم فيها من قبل المغرب ..
وفي مجال التوصيات ، سنجد ان التقرير لا يختلف في شيء من حيث الجوهر والمضمون ، عن القرارات التي دأب مجلس الامن يتخذها منذ سنة 1975 ، وهي " .. ما زلت مقتنعا ( أي انه فقط مقتنع ) ، بانه ( يمكن ) التوصل الى حل لمسألة الصحراء الغربية ، رغم توقف العملية السياسية منذ استقالة مبعوثي ( في ملكه ) الشخصي هورست كوهلر لأسباب ( صحية ) ، ولا يزال التوصل الى حل سياسي عادل ، ودائم " يقبله " -- سطر على يقبله -- الطرفان ، ويكفل " شعب " – سطر على شعب -- الصحراء الغربية تقرير مصيره وفقا للقرارات 2440 ( 2018 ) ، 2468 ( 2019 ) ، 2494 ( 2019 ) .
في مجال التوصيات هذه يكمن بيت القصيد ، لأنه بالتمعن جديا في ما وراء اللعبة التي يتحكم فيها أعضاء مجلس الامن أصحاب الفيتو ، يتضح استحالة تطبيق التوصية مثلما يستحيل تطبيق قرارات مجلس الامن ... بسبب الغموض في تحرير النص ، وهو غموض مقصود حتى تستمر الأوضاع كما أراد لها كبار مجلس الامن ، لا كما ارادت لها اطراف النزاع المستعملة كبيادق في خدمة مشروع لن يخرج عن تدمير المنطقة بأجمعها ... لان لا احد سينجو من الفخ المنصوب ، عندما تشرع الالة الجهنمية الغربية في تتميم ما يجري اليوم من تفتيت لدول بالشرق الاوسط .. الجميع مهدد بالتقسيم اذا لم يتدارك الجميع الخلل ، وتصحيحه لبناء مغرب الشعوب لتفويت المخطط التفتيتي عن أصحابه ..
ان يدبج الأمين العام في تقريره عبارة حل سياسي " يقبله الجميع " ، وهو القبول الذي لن يحصل ابدا لتباعد مواقف ، ومصالح اطراف النزاع ، اصبح هذا " القبول " الذي يؤكد عليه تقرير الأمين العام بمثابة شرط واقف لأي حل سيطرح على اطراف النزاع ، وهذا يعني ان أي طرف من اطراف النزاع إذا لم يقبل بالحل المقترح ، فهذا الحل لن يطبق ابدا ، أي ديمومة الوضعية عمّا عليه الى ان يحصل " التوافق " الذي لن يحصل أبدا . والسؤال هنا .
-- هل سيقبل المغرب بالحل الجزائري ومعه الجبهة ؟
-- وهل ستقبل الجزائر ومعها الجبهة بالحل المغربي ؟
معادلة من المستحيل ان تتحقق ..
هناك ملاحظة من الأهمية بمكان في تقرير الأمين العام ، وهي تثير نفس المعنى لكلمة " القبول " ، وهي استعمال الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره كلمة " شعب " ... هنا لم يحدد أنطونيو غتيريس الشعب المقصود بدقة في التقرير ... فهو لم يستعمل مفردة " الشعب الصحراوي " ، لكنه استعمل مفردة " شعب الصحراء الغربية " .... وطبعا فكل من يسكن الصحراء بالأقاليم الجنوبية المسترجعة ، يعتبر من شعب الصحراء الغربية المغربية ... لان هناك فرق بين مصطلح " الشعب الصحراوي " ، وبين مصطلح " شعب الصحراء الغربية " ... الذي يضم كل المغاربة الصحراويين ، ومن مختلف الاثنيات ، عروبية ، حسانية ، بربرية ، وهي التي تكوّن النسيج الاجتماعي للشعب المغربي منذ ملايين السنين ...
الخلاصة : من خلال تتبع وتحليل كل المراحل التي مر منها ، وبها نزاع الصحراء المفتعل ، نكاد نجزم ان نفس الأوضاع ستستمر لسنوات وسنوات ، وان مفتاح الحل بيد واشنطن / باريس / مدريد ...
المغرب في الصحراء ويسيطر على اكثر من ثمانين في المائة من الأراضي .... وهو في وضع مريح ... وجبهة البوليساريو التي تعيش المُرّ وتتجرع المرارة ، تنتظر لحوالي ثلاثين سنة كي تنوب عنها الأمم المتحدة ومجلس الامن ، في تنظيم استفتاء لن ينظم ابدا ، وبقناعة مجلس الامن الذي افرغ اتفاق 1991 من كل مضامينه ، ورما به عرض الحائط ، رغم ان مجلس الامن هو من ضمن اتفاق 1991 الذي تم ابرامه تحت اشرافه ...
فالورطة هي ورطة البوليساريو الذي ينتظر السراب ، وسيبقى ينتظر في قاعة الانتظار أربعين سنة قادمة ، ولن يكون هناك استفتاء ولا تقرير المصير ، لان مجلس الامن ملّ من بكاءكم ، وضاق من شكاويكم ....، وما مفرقعات الگرگرات سوى فقاعات تجسد الفشل ، وتعبر عن الهزيمة التي كانت بدايتها يوم وقعتم على اتفاق 1991 ...
التقرير الذي حرره الأمين العام للأمم المتحدة ، بناء على التوجيهات المرسلة من قبل الدول الوازنة في مجلس الامن ، وباستثناء مادة حقوق الانسان ، هو في صالح المغرب ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو