الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة سبتمبر الظافره تدشن افق ثوري جديد

عدلي محمد احمد

2020 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اين ذهبت تحركات انتفاضة سبتمبر ؟ هذا سؤال من الضروري علميا ومنهجيا الاجابه عليه, فتحركات الجماهير مهما تكن محكومه بحالتها العفويه التي تشكلها عوامل متعدده , الا انها تظل امرا يمكن ويجب دراسة حالته العقليه والنفسيه, خصوصا عندما تنطلق التحركات وتصنع في مواجهتها تحركات مضاده من جانب دولة رأس المال, وعلي الاخص ان المظاهرات الليليه فيما عرف بجمعة الغضب كانت قد تصاعدت وتضاعفت تقريبا اعداد مواقعها , وجماهيرها في كل موقع , وان دماء قد سالت في البليده , وصدامات لافته شهدتها عدة مواقع.
فماذا جري حتي اخذت هذه المظاهرات في التراجع ,والانكماش الملحوظ وصولا لما صار غيابا تاما الآن, وكأننا كنا امام اشباح.
ومن خلال نظره عن كثب الي ما حدث يمكن القول ان النظام قد استخدم تاكتيك العصا والجزره , محاولا تهدئة الجماهير قبيل موعد جمعة الغضب, وذلك من خلال بعض التنازلات المحدوده فيما يتعلق بقانون المصالحات لم يبدو ان الجماهير قد فهمت شيئا منها الا انه في حالة اصرار علي تنفيذ القانون.
وقدم لعمال الطوب في المراكز الخمسه لجنوب الجيزه فتات ال 500جنيه لثلاثة اشهر, والسماح بالبناء والتشطيب لرخص الادوار الاربعه , وللاعلان ان مصانع الطوب يمكن لها ان تعمل وتقدم الطوب للدوله لاستخدامه في مبانيها, وذلك حتي ينتهي قرار وقف البناء الصادر في مايو .
ورغم ان هذه المناوره جاءت مصحوبه بعصا التوسع في الاعتقالات , والتوسع في اقتحام الشرطه للقري والاصطدام مع الجماهير في اكثر من خمسة مواقع,او لأنها جاءت كذلك فان ان الزخم المرتفع للغضب والذي شاهدناه في جمعة الغضب اصاب خطته في مقتل
خصوصا مع انخراط عدة مواقع في العاصمه في التحركات, ابرزها المظاهرات الثلاثه التي تتالت في غرب شارع الهرم , وعلي الاخص وان "حرجمات" كانت تدور في شبرا الخيمه وفي حلوان, وان محاولة الصدام في بعض المواقع يوم الجمعه المشار اليه اتت بنتائج عكسيه, مثلها مثل الكدايه وابو رجوان وسمالوط..
صار حكم السيسي امام هذه الوقائع مجبرا علي الاقرار بان لا خلاص الا بالغاء بقانون المصالحات او تعديله بما يستبعد مليون عقار علي الاقل , حتي يتخلص من هذا الشبح الذي يمكن لصموده واستمراره علي هذا النحو ان ينجح في كسر تردد العاصمه والمدن الكبري, ليصبح النظام كله لا حكم السيسي فقط امام موجه ثوريه اجتماعيه هائله , يصعب صرفها بحال الا مع تقديم تنازلات اجتنماعيه كبيره لجميع الطبقات الشعبيه التي الحق الجنرال بحياتها اضرار ما كانت علي بال.
معضلاتان
وهنا كان حكم السيسي امام معضلتين, فان الغاء القانون يساوي بالحساب خسارة تريليون جنيه يمكنه تحصيلها وفق نصوص وروح هذا القانون , الذي يبدو ان الخيال المالي لمن بددوا مليارت الدولارات في عبثهم العقاري, يعول عليه كل التعويل من اجل استكمال فناكيشهم المهدده من جانب الدائنين بالتوقف ان لم يتم سداد ما حل اوانه من اقساط وفوائد, كما ان تعديله بهدف اعفاء ثلث المستهدفين, لا يعني الا فقدان جزء كبير من هذا المبلغ الطائل.
المعضله الثانيه تكمن في ما يمكن ان ينعكس به هذا التراجع ايجابا علي سيكولوجيا الحركه الجماهيريه الاجتماعيه التي في طور الاختمار الآن ,فالتراجع سيصرف عفريت ولكنه سيكون سببا وجيها لخروج مئات العفاريت بما يشكله من اغراء.
وهنا تفتق عقل الجباه الطغاه عن صيغه مموهه للتراجع تخفض ما يمكن ان يتم التنازل عنه وفق قانون المصالحات الي اقل القليل, ودون اي اعلان عن تنازلات تمس الشرعيه الرسميه للقانون , بل عن تبرعات !
حيث جري التوجه لاعفاء فقراء المخالفين وصغارهم من رسوم المصالحات, حيث سيدفعها لهم حزب مستقبل وطن ورجال الاعمال الكبار وصندوق تحيا مصر , وهنا يكون حكم السيسي قد ضرب عصفورين بنفس الحجر , من جهه هدأ غضب قرابة 6000حاله هي القوام التقريبي للمستهدفين بالقانون في حوالي 40 قريه ومدينه صغيره , هي ذاتها ممن تشن المظاهرات الليليه كل يوم, بما شكلته من القلب النابض للتحركات, وفي مقدمتها فقراء المراكز الخمسه في جنوب الجيزه , الصف واطفيح والعياط والبدرشين, اضافة الي قري ومدن اقليميه كسمالوط وغرب سهيل باسوان وشمال الجيزه كبرقاش وكفر طهرمس والارجح جزيرة الوراق, ومن جهة ثانيه عوض معظم ما سيخسره في سياق هذه التنازلات , من جيوب رجال الاعمال وكلمة السر لقد حصلتم علي مساحات شاسعه من الاراضي في زمن المخلوع مبارك, فهيا ساهموا في مقاومة شبح الانتفاض.
6000 حاله مستهدفه في حوالي 30 الف جنيه = 180 مليون عاجله
ويمكن مضاعفة الرقم حتي يستمر تنفيذ القانون دون اي صدامات, تقريبا تحرر عقل السيسي منها بعد ان كان يهدد بها علي يد الجيش, وهو ما يدل عليه دعوته للبرلمان من اجل تعديل سريع في القانون , يشطب علي عدم خضوع المباني بعد2017 للمصالحات باعتبارها تمت بعد صدور قانون البناء في هذا التوقيت والذي جري تعديله المتعلق بالمصالحات في يناير2020 وذلك حتي يتجنب ازالات واسعه يمكن لها ان تفجر الغضب من جديد .
وتوسيعا للشرائح الاجتماعيه الفقيره التي يمكن اعفائها, ودعما لهدف هذه الصيغه قررت وزارة التضامن الاعفاء الرسمي لمن لا تزيد مساحته عن 75 متر مربع من رسوم غرامة التصالح , طبعا بشروط شديدة التشديد.
انتفاضه ظافره
ومهما يكن من شئ, فان خلاصة الامر تتجسد الآن - ووفقا لصيغة التراجع المكابر المغرورامام المنتفضين - في انتصار الانتفاضه فيما يخص اسقاط جباية القانون الظالم عن جماهير مواقع الانتفاض (باسم انهم من الشرائح الاشد فقرا) ,حيث تراجع الجباه الذين ادركوا تماما يوم جمعة الغضب انها لن تتوقف بل تهدد بالمزيد , وان مزيدا من القمع سيترتب عليه شهداء, وان العناد في مواجهتها سيشكل مغامره غير محسوبه بالمره قد تدفع بالامور فعلا لالتحاق المدن بالتحركات , الامر الذي سيفرض علي الارجح تنازلا عن القانون, وخساره لمئات المليارات التي ما زالوا يعتقدون تحت شره مسعور وازمة نهايه, ان تحصيلها في الامكان.
فيما يتعلق بمقتضي المراكز الخمسه لجنوب الجيزه - قلب الانتفاضه الشعبيه العماليه الفلاحيه - فان اعفائهم من الغرامه الجبائيه مكسبا كبير ,كما ان تعويض ال 500 جنيه كاعانة بطاله عاجله للعمال لمدة 3 شهور مكسب , كما ان الوعد بشراء الدوله للطوب الرملي في ظل سريان قرار وقف البناء مكسب, رغم ان كل ذلك معرض للاتفاف حوله ,والعمل علي تضييق نطاقه , ما لم تكن الجماهير يقظه ومستعده لاعادة الكره من جديد.
وعلي اي حال , فان المكسب الشعبي الكبير لانتفاضة سبتمبر الظافره يتجسد في كسرها لحاجز التخوفات لدي كل الشعب, فها هم المنتفضون يحققون ما ارادوا وبزيحوا هذا العبء الجبائي الغريب عن كاهلهم, ويحملوه للطبقه الحاكمه المالكه وسلطتها الممثله في حكم السيسي , وهاهم عمال مصانع الطوب الرملي - حوالي 250 الف عامل - يجبرون حكم السيسي علي تشغيل مصانعهم وعودة اجورهم ,وهاهو شعب ثورة يناير يحول شهداء الانتفاض الي ايقونات ثوريه , ويحيطهم وقصاصهم باهتمام عظيم , ان هذا المكسب الكبير سيكون له ما بعده في ظل حركه جماهيريه مطلبيه مكتومه في طور الاختمار ,وتتأهب للانطلاق في صفوف العمال والمهنيين واصحاب المشاريع الصغيره وصغارالموظفين , بسبب من تحويل حكم السيسي لحياتهم الي جحيم يستعصي علي الاستمرار.
وما لا يقل اهميه ان الانتفاضه قد فتحت امام الشعب كله افقا ثوريا وطريقا وسبلا لمواصلة الثوره والنضال دون ان تبدأ من ميدان التحرير او غيره من الميادين التي حول النظام معظمها الي ثكنات عسكريه وبوليسيه, ودون ان تقتصر علي رفع شعار يسقط الرئيس , بل يمكن القول بكل ثقه ان انتفاضة سبتمبر قد رسمت شكل ومسار وايضا مضمون الموجه الثوريه المؤكده المقبله في القريب, والتي ستكون مختلفه اختلافا جوهريا عن خليط التحرير في الموجتين السابقتين اللتين عزلتا وخلعتا, فازاحة اي رئيس لن تكون مرة اخري علي الاطلاق ازاحه متروكه للفراغ , بل لاهداف وبرامج اقتصاديه وسياسيه واجتماعيه تمس حياة الجماهير في الصميم , اهداف يستحيل دون التوجه لتحقيقها الفوري من جانب حكومه ثوريه اتاحة اي استقرار لنظام الاستغلال الطبقي البغيض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب