الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلق وسادة الفنان

ساطع هاشم

2020 / 10 / 5
الادب والفن


كنت وحيداً في الريف، غارق في السأم والهموم، بين القمر وبضع اكواخ محاطة بالفضاء الواسع والكروم وينابيع المطر، واستيقظت من غفوة عميقة على كوارث كوفيد التاسع عشر والنعاس يغالبني دون ان اعرف كيف ولماذا، وبذلت عيني جهداً شاقاً لترى، فلم يكن عندي سوى ضوء شمعة خافت ينبعث ويتأرجح، وكانه ينشد لحناً برنة حزينة يملؤها الشجن، وسمعت خطوات ووقع اقدام واصوات قبلات، وحاولت ان اصغي وانتبه فهل هي أصوات حقيقية؟ هل هي لاناث او ذكور؟
وصرت اردد ماقاله احد الشعراء:
استيقظ الموتى فكيف انام
ونضج الزرع فكيف اقعد؟
وعدت الى السرير وانا افكر بالنوم لا بالموتى، وبالاستلقاء لا بالنهوض، وبالثوار المشبوهين، وهل أصبحت الاشتراكية شتيمة ومسبة؟ فالمعروف بان من حارب الاشتراكية وطمر طاقاتها هم أولئك اللصوص والخونة والاغنياء وأصحاب الملايين، ولكن ماذا حل بالفقراء والمعدمين؟ لماذا يعجزون عن فهم الاشتراكية ولماذا يحاربونها؟ وما هي الفائدة من ان تطول اعمارهم اذا لم يكونوا مستمتعين بالحياة؟

ما فهمته من كوفيد-19 هذا العدو الذي لم يقهر بعد وعلى مدى الستة شهور الماضية, هو انه عبارة عن جرثومة واحدة تقتحم خلية واحدة وتعيش داخلها ثم تتكاثر بسرعة وتنتقل الى الخلايا المجاورة, ويوما بعد يوم تزداد الخلايا المصابة دون ان تدري بها الملائكة المعلقة فوقها, وتستمر على هذا الحال الى ان تدمر الخليقة كلها، كما دُمرت الاشتراكية.

ثم زادت الأصوات واختلطت مع ضوضاء عاصفة رعدية قد هبت فجأة وملأت المكان بالبرودة، وتشبثت بالاغطية ودفء الوسادة، وزادت الضوضاء والاصوات واختلطت في ذهني بالقلق والنعاس وكأن مايقال بان النهار يفرق البشر والليل يجمعهم على الحب والكراهية قد تحقق هذه الليلة فعلاً، وداهمتني رغبة بالتبول اجبرتني على النهوض ثانية نظير الصبي اذا ما حبى، وليس نظير الفرنسي جان جاك روسو ينهض فجأة ويترك ضيوفه او مضيفيه ويتوجه الى الحمام ويقضي وقتاً طويلا ثم ينصرف دون ان يودع الحضور بسبب كثرة التبول.
وعدت الى السرير بنصف اغفاءة فزال نصف نعاسي وانا أتأمل ظلام الكوخ وضوء الشمعة الذي يكاد ان يختفي، وكأنه يقول بأن الجبال زائلة والبحار والسحب والعواصف زائلة والحضارات زائلة، والذئب والافعى والمطر والنهر والسماء كلها زائلة، والعلم الذي كان سقراط يكرهه ويمقته قد انقذ ملايين البشر في عصرنا وهو قوة من قوى العقل التي لا تقهر, لكنه حائر هذه الايام وينصحنا بالتزام المنازل والابتعاد عن الاخرين زائل أيضاً.
ما الحل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه