الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إغراق الوضوح المفهومي في مستنقع المصطلحات الآسن

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 10 / 6
مقابلات و حوارات


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: أشرت في إحدى مقالاتك عن التغييب المتعمد للوضوح المفهومي في مستنقع المصطلحات التقنية بمختلف تنويعاتها السياسية والعلمية... إلخ. هل يمكن أن توضح ماذا تعني فعلياً بذلك؟

مصعب قاسم عزاوي: في الواقع كنت أشير إلى مسلمة أولية يشترط تحققها في أي اجتهاد عقلي إبداعي تتمثل في ضرورة الاتفاق على مدلول أي مفهوم، وحمولته الفكرية بشكل مسبق لتأسيس أي حوار لاحق على أرضية واضحة يمكن البناء عليها بطريقة تراكمية قابلة للتمخض عن منتوج فعلي يتعدى حالة السجال والعراك الفكري الذي لا طائل منه.

والواقع المعاش على المستوى المعرفي الجمعي يشي بعدم تحقق ذلك المطلب في الغالبية الساحقة من حالات الإنتاج الفكري لعلة مضمرة قصدها تخليق وعي ضبابي مشوش لكل ما يمكن أن يقال بطريقة مسبطة يستطيع أي طفل في المراحل المتأخرة من المرحلة الابتدائية فهمها. والمثال الفعلي على ذلك هو خلط المفاهيم المتعمد وتحميلها بما لا يرتبط فيها فكرياً أو وظيفياً، إذ تصبح الحرية مثلاً في النسق المفهومي للنظم الشمولية ومنظريها تحرراً من الاستعمار دون أن تومي بشكل مباشر أو غيره لحرية البشر المقهورين الذين تتحكم بحيواتهم تلك النظم الاستبدادية. وتصبح المقاومة والممانعة للغاصب مرادفاً لتحويل كل من سولت له نفسه التفكر بالانعتاق من حبائل النظم الاستبدادية عميلاً وخائناً للوطن المقاوم الممانع. وهي نفس الحال التي تصبح فيه الاشتراكية ممثلة بابتلاع مقدرات الوطن في جيوب النهابين من الطغم الاستبدادية الحاكمة بكونها «الطليعة الثورية وقائدة الدولة والمجتمع»، واعتبار كل من تجرؤ عينه على مقاومة مخرزها مداناً بجرم «مقاومة النظام الاشتراكي» .... إلخ.

وفي الحقل العلمي فإن جلبة خلط المفاهيم ليست بأفضل حال من ذلك القائم في حقل السياسة وإدارة المجتمع، إذ ترى من يوصفون بالخبراء في حقولهم مولعين باستخدام المصطلحات التقنية التي يراد منها فقط تعقيد كل ما هو بسيط وقابل للشرح بعبارات ميسرة، لكي يكون هناك مبرر لذلك الخبير بأن يتنطع ويعرف عن نفسه بكونه خبيراً يصول ويجول في الساحات الإعلامية الجوفاء التي لابد من إملاء ساعات بثها برطانة ما حتى لو كانت دمدمة حصيلتها فعلياً معدومة، أو تكاد تكون كذلك. فتجد خبيراً اقتصادياً يصب جام عنفوانه على مستمعيه بإلقاء التفاصيل الرقمية لنمو اقتصاده الوطني أو غيره دون أن يشير فعلياً إلى حقيقة عدم انعكاس تلك الأرقام بأي شكل محسوس في حياة المقهورين في مأكلهم ومأواهم ومستقبل أبنائهم وصحتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات