الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا بين الوجود بالفعل وقوة السجون.

مومن عبد العالي

2020 / 10 / 6
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لست عالم أحياء حتى أثبت وجود كورونا من عدمه، ففضيلة العصر أن يحترم المرء تخصصه، وموقف أهل التخصص واضح ويجب احترامه. لذا لن أتناول وجود كورونا من عدمه وإنما سأقف على جبال الألمب لأرى ما استطعت انعكاسات الفيروس على المعيش اليومي. تلك الآثار التي لم يسببها الفيروس بقدر ما سببها الإنسان، فما كورونا إلا منديل القرن الحادي والعشرين الذي ينظف الأيادي القدرة. ولو كان للفيروس ضميرا لأنتج لقاحه بنفسه، ولفضل سم سقراط على الدور الذي فرض عليه في خشبة المسرح.
الدولة ليست تنينا يحول دون وقوع الناس في حالة الطبيعة كما رآى بعض فلاسفة العقد الاجتماعي، بل هي آلة ضخمة تلتهم كل شيء وتحوله لصالحها، تتغدى على الخرافة والأسطورة والأمراض والأوبئة والجهل، وتحب العيش على ضفاف المستنقعات، لا هدف لها غير المحافظة على نفسها. ولكل دولة مستنقع حتى تلك التي توهمنا بالديموقراطية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك من آليات التضليل الإديولوجي، لها مستنقعات خارجية تتجلى عموما في الشرق الأوسط وإفريقيا. فعلا قد تحترم هذه الدول مواطنيها لكنها لا تحترم موطن الغير. رغم أن مفهوم الاحترام ينتمي إلى مجال الأخلاق والدولة لا أخلاق لها. وإن شئنا التعبير بأسلوب أدق فمواطنوها فرضوا عليها الاحترام، إنها مسألة قوة.
إن آلة الدولة على علم تام بأن الحياة قوة، هذا ما تفرضه الطبيعة، ومبدأ القوة لا يعني العنف المادي بالضرورة، بقدر ما يعني السجن. إجعل المرء سجين فكرة ما والفكرة ستتولى الباقي.
أعتقد أن مجتمع اليوم لم يعاني من كورونا بقدر ما يعاني من فكرة كورونا، فقد أصيب 34 مليون شخص بكورونا في العالم حتى الآن، وقد شفي معظمهم. بينما الآثار النفسية التي خلفها التهويل الإعلامي للجائحة أصابت كل سكان العالم.
لنفترض أن قلب التنين الإعلامي حن إلى سكان المستنقع وفعل ما فعل حتى تؤخذ الأمور بالجدية اللازمة. أما كان له أن يفعل الأمر نفسه مع باقي أنواع الفيروسات الأخرى، مثل التدخين الذي يقتل حوالي ثمانية ملايين شخص في العالم سنويا، وأكثر من سبعة ملايين وفاة ناتجة عن الاستخدام المباشر للتبغ (حسب موقع أخبار الأمم المتحدة). وإن كانت الدولة قد فرضت الحجر الصحي الذي انعكس سلبا على جل القطاعات الاقتصادية -وهذا ما وقع في جل دول العالم - لمحاربة جائحة كورونا التي لم تقتل سوى مليون شخص تقريبا حى الآن، فالأجدر أن تتخذ إجراء أقوى لمحاربة فيروس التدخين الذي تعاني منه الأسر المعوزة خصوصا، الأجدر أن تتخذ إجراء أقوى لمحاربة فيروس المخدرات... طبعا لم تفعل ولن تفعل فآلة الدولة لا يهمها شيء آخر غير نفسها، فالتدخين والمخدرات... تنعش الاقتصاد من جهة وتعطل عقول المدخنين من جهة أخرى، فلا يفكر المدخن إلا في أمر واحد: متى سأحصل على المال؟ ومن أين سأحصل عليه؟... لأشتري المخدرات والسجائر . فيصبح التدخين قضية وجودية بالنسبة للمدخنين، هكذا تقلب المفاهيم في أذهانهم، ولو وظفت الدولة مئات الأطر للقيام بهذه العملية ونفقت عليهم من مالها، ما قاموا بها على أحسن وجه. فكيف لها أن تحارب التدخين الذي يقوم بمهمته ويكسب الدولة مالا.
فكرة كورنا فترة ذهبية لتنزيل مخططات صندوق النقد الدولي على أرض الواقع. قد يعترض البعض قائلا: لقد اتضح مع جائحة كورونا أن القطاعات الحساسة التي على الدولة الاعتناء بها هي الصحة والتعليم والأمن... لذا فلا أعتقد أن الدولة ستخفض نفقاتها على هذه القطاعات الثلاث . نعم إنك على حق، لذلك جمدت الترقية وفرضت على الموظفين مساهمة في تدبير جائحة كورونا وربما تخطط لربط أجر الموظف بالمردودية، مقابل الامتيازات والصفقات التي لم تعد سرا من أسرار أصحابها.
إن الأمر يتجاوز الجانب الخبزي للمغاربة، فنحن لسنا حيونات أو حشرات نعيش في المستنقع، كما ينظر إلينا من فوق، لا يهمنا سوى الطعام... بل يتعلق الأمر بمسألة العدالة، فّإن قررتم ربط أجر الموظف بالمردودية فكلنا موظفون حتى أنتم أيها الواقفون على ضفاف المستنقع، فليتجرد كل مسؤول من امتيازاته سواء كان رئيسا أو وزيرا أو مدير مكتب ما، فما أنت إلا موظف، تجرد من كل الامتيازات، آنذاك فليتم ربط الأجر بالمردودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص