الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمذهب والوطنية

كاظم لفته جبر
كاتب وباحث عراقي

(Kadhim Lafta Jabur)

2020 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كل انسان عندما يولد يجد نفسه متقوقع وسط حزمة من الافكار والسلوكيات الجاهزة التي تبثها الاسرة والمجتمع في صفحة الانسان البيضاء بمسلمة الفيلسوف الانكليزي جون لوك (يولد الانسان وعقله صفحة بيضاء), والورق يبقى ورقاً ما دام لم يحمل عنواناً يقيدهٌ , وعقل الطفل يبقى طفلاً مادام لم يحملاً فكراً ,فأول مراحل سقوط الارواح في عالمنا الارضي تتحجر بالاسم لعدم اهليتنا لاختيار ذلك, ونصبح ذات عنوان يحمل في طياته مفاتيح وافكار تنضج يوماً بعد يوم وفق محددات البيئة التي ننمو فيها , فالنباتات لا يمكنها العيش بدون سقي ,والعقل كذلك , ان انواع السقي الذي تقدمه الاسرة لعناية افرادها فكرياً يمثل اكبر مصنع لصناعة الدمى في العالم .
تتقدم الأيام لملء تلك الصفحة بمعاني جديدة ,والدخول بمرحلة الفهم والبلوغ ومرحلة تعلم الكتابة , لكن ما يعيب تلك المرحلة ان الفهم جاء نتيجة افكار معلبة وجاهزة , ثم ان التعلم الذي يقدم للفرد يكون وفق ايديولوجيا السلطة التي تريد انتاج دمى جاهزة للطاعة وعدم الثورة عليها , وهنا يعد اول مراحل استبداد السلطة من ناحية تكوين الوعي السياسي لدى الفرد , اما من الناحية الدينية فنجد الاسرة هي من تعمل على تكيف الفرد مع متطلبات الحاجة المذهبية للفرد مع المجتمع .كذلك الاخلاق هي اكتساب من المجتمع الذي تعيش فيه ,يبقى التساؤل ماذا تبقى للفرد عندما يصل مرحلة النضج العقلي وجميع ما اكتسبه افكار خاوية , ليست معنيه بشأنه , ان كل العملية التي يخوضها الانسان في حياته تحت عنوان تكوين هوية مستقبلية , ليست الا عملية تجنيد لجهة ما , ومع ذلك نتشبث بتلك الافكار نجعلها مقدسة ,نكره ,نقتل ,كل هذا من اجل شيء غير معني الاخرين به , هذا التمذهب وهذه الافكار التي ندافع عنها نعتبرها الوطن ,فنضيع الوطن بالمذهبية , والقومية , فالوطن ليست الافكار التي تحملها فوق ظهرك , وليس التراب الذي غرست فيه مسحاتك لكي تبني به كوخاً لتقول هذا ملكي , لماذا لم تقول الافكار التي كونتك كفرد في المجتمع انها ملكي , لماذا تريد تعميمها على الاخر , حقاً ما نراه اليوم هو ضياع للوطن في منحنيات التمذهب وتفكك اوصر قوته , من جراء الخلط ما بين التمذهب والوطنية .
الوطنية هي كذلك ارتباط عاطفي وقومي لهذا الوطن والامة وتفتخر بها وتدافع عنها , لكن ما يميز الوطنية عن المذهبية ,الاولى ذات بعد انساني اخلاقي نحو جماعة من الافراد تعيش معهم في ارض واحدة وهدف واحد ومستقبل واحد والسلبيات والايجابيات يتحملها الكل , اما المذهبية فهي ذات بعد فرداني ديني خاص بكل فرد تعبر عن طريق العلاقة بين الانسان و ربه وفق مفهوم العقيدة المذهبية , اذ ان تداخل الدين بالسياسة يجعل من الخاص عاماً ,ومن التمذهب دفاعاً عن الوطن .اذ يمكن قول ان الوجه السياسي للدين هو التمذهب والوجه الاخلاقي للإنسان هي الوطنية , ففرق بين ان يبحث الدين عن السلطة والماديات ,وبين من يبحث الانسان عن الوطن بالأخلاق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت