الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم - الوداع - فيلم يرصد حالات إنسانية راقية ويبرز تناقض الثقافتين الأميركية والصينية

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2020 / 10 / 7
الادب والفن


فيلم " الوداع " فيلم أمريكي درامي كوميدي أنتج عام 2019 ، من إخراج المخرجة الامريكية والصينية الاصل " لولو وانغ " والتي كتبت سيناريو الفيلم أيضاً ، وهذا فيلمها الثاني بعد فيلمها " مولود بعد وفاة الوالد " في عام 2014 ، الفيلم مبني على أحداث حقيقية وخاصة في حياة المخرجة حسب ما أوضحته مخرجة الفيلم وخاصة بها بعد مرض جدتها ، على تتر مقدمة فيلم “الوداع” تكتب عبارة (الفيلم مأخوذ من كذب حقيقي) وبالمشاهدة يتضح إن الأحداث مبنية على كذبة لكنها كذبة نبيلة تسير في مسارين ، الأول يعد المسارالعام للفيلم يدور عن أسرة بيلي وهي فتاة أمريكية من أصل صيني تعيش في الولايات المتحدة الامريكية منذ أن هاجر والديها من ما يقرب 20 عاما ، والمسار الثاني ، يدور في الصين ويعكس العادات و التقاليد الصينية ، أما المخرجة" لولو وانج " فجاهدت أعواما طويلة حتى مُنحت الضوء الأخضر لتفيذ فيلم "الوداع"، الذي تتناول فيه ظاهرة مثيرة في المجتمع الآسيوي، من خلال سرد قصة من حياتها الشخصية. فشخصية الفيلم الرئيسية في الفيلم، التي سمتها بيلي، أيضا إبنة عائلة صينية امريكية تعيش في نيويورك، ومقربة جدا من جدتها، التي تعيش في الصين . الفيلم يفتتح بكشف والديها له أن جدتها شُخصت بنوع من السرطان قد يميتها خلال ثلاثة أشهر، لكنهم اخفوا الامر عنها، وأن على بيلي ان تلتزم بالعادات الصينية ولا تكشف الحقيقة لجدتها إذا ارادت أن تسافر معهما الصين لمرافقتها في آخر أيام عمرها. ومن أجل تفادي اثارة ارتياب الجدة يقرر ابناءها عقد حفلة عرس تمثيلية لحفيدها من فتاة يابانية لتبرير زيارتهم المفاجئة لها. لكن الجدة تأخذ حفل العرس بجدية وتجبرهم على بذل اقصى جهدهم في ترتيبه . الفيلم من كتابة وإخراج الأميركية من أصل صيني لولو وانغ، وهو نابع من تجربة شخصية تعكس مشاعرها، وتناقض ثقافتيها الأميركية والصينية ، بيلي (أوكوافينا) تتمتع بعلاقة وثيقة مع ناي ناي - تعني الجدة بالصينية - التي قدمت دورها (شوزين زهاو) وهي ممثلة صينية رغم تقدمها في العمر إلا إن هذا الفيلم يعد الأول لها، والتي تعيش في تشانغ تشن الواقعة شمال شرق الصين . العلاقة بين بيلي والجدة ناي ناي كانت جيدة فهما دائمتا التواصل عبر الهاتف وتبدو علاقة بيلي بجدتها أقوى بمراحل من علاقتها بوالديها والتي هي متوترة فاترة ، لهذا كانت بيلى أكثر المتأثرين بمرض الجدة ، الشخصية الرئيسية في الفيلم بيلي (أوكوافينا) لا تعرف الكثير عن الثقافة الصينية ، فهي لا تتحدث اللغة الصينية جيدًا. انتقلت "بيلي" إلى الولايات المتحدة مع عائلتها منذ أن كان عمرها 5 سنوات. لقد أنغمست في حياة الغربة في هذه السنوات الخمس والعشرين لدرجة أنها نسيت ثقافة وطعم الحياة في وطنها (الصين) وحتى اللغة الام فقدت بعض مفرداتها . الفيلم يفتتح بكشف والديها لها أن جدتها شُخصت بنوع من السرطان ( سرطان الرئة) ، قد يميتها خلال ثلاثة أشهر، لكنهم أخفوا الأمر عنها ، وأن على بيلي أن تلتزم بالعادات الصينية ولا تكشف الحقيقة لجدتها إذا أرادت أن تسافر معهما الى الصين لمرافقتها في آخر أيام عمرها لحضور حفلة الزواج أبن عمها المقيم في اليابان من فتاة يابانية لتبرير زيارتهم المفاجئة لها ، يتم عقد حفل زفاف كذريعة لجميع أفراد الأسرة للالتقاء معًا في وداع أخير للجدة . قرار العائلة عدم إخبار والدتها بأي شيء لبقية الوقت كي تتمكن الجدة من العيش بدون خوف ، لكن الفتاة بيلي تعارض الفكرة . الفلم يطرح تساؤل أخلاقي: هل يجب أن يعلم الإنسان أنه على وشك الموت ؟، في الثقافة الصينية هناك قول مأثور" عندما يصاب الناس بالسرطان ، يموتون ، لكن ليس السرطان من يقتلهم بل الخوف" . حتى طبيبها المعالج نصح بذلك قائلًا إن المرضى بالسرطان يموتون خوفًا منه، فالسرطان لا يميتهم لكن الخوف منه ، والخوف من الموت هو ما يميتهم، لكن "بيلي" ، الذي نشأت في الثقافة الأمريكية ، لم تستطع أستيعاب تلك المسألة . وتصرَ على إن جدتها لها الحق في معرفة طبيعة مرضها و الأمر متروك لها لتقرر ما ستفعله في الأيام الأخيرة من حياتها ، تصدم بيلي القادمة من نيويورك بالكذبة الكبيرة التي يستخدمها أهلها الشرقيون، وتصدم أكثر عندما تعلم أنها ممارسة اعتيادية في الصين، إذ إن الجدة (ناي ناي) نفسها خبأت مرض زوجها عنه إلى أن فارق الحياة . ولكننا في الفيلم نجد الجدة المسنة قوية ، لم تعتزل الحياة، بل تشبثت بها حتى الرمق الأخير، وأضفت من نفسها وروحها لمسة وطاقة إيجابية على تلك الحياة، تلك الطاقة انتقلت ومست كل ما حولها ومن حولها. تلك المرأة القيادية القوية الشامخة والتى تستطيع التخطيط دومًا وكأنها تقود جيشًا جرارًا، تقوم بالتمارين الرياضية في الصباح ،والجدة التي إستطاعت بمحبتها وهيبتها لم شمل أبنائها وأحفادها من الشتات ، كلهم جاءوا إليها يهرولون فزعين عندما علموا بشأن إصابتها بالسرطان . وهى تعلم أن لكل حياته المتخمة والمزدحمة فى المهجر . فالابن الأكبر ترك البلاد وعاش فى أمريكا وصار مواطنًا أمريكيًا تطبع بطباع الغرب الأمريكى، والشقيق الأصغر هاجر لليابان وتشتتت الأسرة واتسعت جغرافيًا، وصار لكل واحد من الآبناء حياته ونظامه المعيشى الصارم الذى يدور فيه فى دوائر مغلقة ولا سبيل فيه لالتقاط الأنفاس أو الفكاك من روتينه القاسى، فى حين بقيت تلك الجدة القوية فى ديارها ولم تستطع مغادرتها . ففيها كل ما تملك وكل ما تريد وعندما أتى وعاد إليها وإلى الديار هؤلاء المهاجرون ، ظنًا منهم أنها فى حاجة إليهم وإلى عونهم ، فكانت الجدة هى المرفأ والملاذ والعون والسند للجميع . وهم المشتتون الضائعون والضعاف وتتوق أرواحهم للاستقرار بعد اللهاث الطويل فى بلاد المهجر والاغتراب ، فكانوا هم حقًا المحتاجين لها وليس العكس . الجدة رغم تقدمها في السن ورغم مرضها ومراجعتها الدائمة للمستشفى لعمل الفحوصات و التحاليل ، فإن الجدة لا يفوتها شيء ، من انتقاد قائمة طعام حفل الزفاف إلى شكل جسد بيلي وخصرها، خصوصاً بعد أن أصبحت امرأة يافعة ، التي شعرت بالحرج في البداية لتقليد الحركات الرياضية لجدتها ، إضافة إلى صراحتها ، قاومت الجدة وانتصرت تلك العجوز- ذات الروح المفعمة بالأمل، وصاحبة التاريخ النضالى الملىء بالكثير- على المرض وقهرت الخوف والموت بإرادتها وحبها وتشبثها بالحياة .
قصة الفيلم مستلهمة ومستوحاة من قصة حقيقية ألهمت صناع العمل، بعد أن بقيت تلك الجدة المسنة على قيد الحياة دون تعاطيها أى دواء طوال ست سنوات عاشتها فى أتم صحة وأسعد حال حتى بعد تشخيص المرض، وأنها فى مراحلها المتأخرة منه، وقال الأطباء إنها ستموت بعد ٦ أشهر على أقصى تقدير لكن الجدة عاشت ست سنوات وهى تتمتع بموفور الصحة والعافية وتحتفل كل يوم بالحياة . الحفيدة بيلي على الرغم من أنها نشأت في الغربة وتربت على الثقافة الغربية ، إلا أن الذكريات الجميلة لطفولته لا تزال حية في ذاكرتها ، العيش في منزل أكبر مع الجدة وجميع أفراد العائلة معًا هو أحد أحلى الأوقات في حياتها. في أحد المشاهد مثلاً ، قال عم الأسرة لبيلي هذه الكلمات الرائعة: "هناك أشياء تحتاج إلى معرفتها ... لقد ذهبت إلى الغرب منذ وقت طويل تعتقد أن حياة هذا الشخص ملكه! لكن الشرق والغرب مختلفان. في الشرق ، لا تنتمي حياة الإنسان لنفسه بل إلى إخوته، (المجتمع ، الأسرة ، العلاقات الاجتماعية)".
المقارنة بين الغرب والشرق واضحة في الفيلم ، لذا دائما يوجه الى بيلي القادمة من امريكا سؤال "هل الصين أفضل أم أمريكا؟" ،وطرحه عدة أشخاص في عدة مناسبات. على الرغم من أن الإجابة "إنهما مختلفان فقط" هي إجابة جيدة ، ولكن مع تقدم القصة ، نسمع إجابة أفضل منه بأكثر الطرق الممكنة . يصور الفيلم مواجهة بين الثقافات بشكل عام ، المواجهة بين الثقافتين الشرقية والغربية ، في الفيلم تتلقى بيلي مثل هذه الحكمة التقليدية باحترام مشوب بالشك ، و تتصادم مع قرار عائلتها وتشكك في مدى أخلاقيته، لكن عمها (هيبان) يقدم تفسيرًا لشرح هذه الفجوة "في أمريكا ينصب التركيز لديكم على الفرد لذلك تريدون إخباره وإزالة عبء ذلك عنكم، في حين تأتي العائلة والمجتمع في الصين دائمًا في المرتبة الأولى ، الفرد هنا دائمًا جزء من كل . ويؤكد "من واجبنا تحمل هذا العبء كعائلة". ألانعكاس ألاخر للكذبة يرتبط بالفكرة الرئيسية للحبكة وهي المقارنة بين حياة الصينيين في بلدهم الصين وحياتهم في المهجر مع وضع عنصر أساسي للمقارنة وهو مرض الجدة وكيفية التعامل ىمع المرض و المريض في كلا الدولتين ، في الصين تعتاد العائلات على إخفاء المرض لعدم إزعاج المريض وتأذيته نفسيا، أما في أمريكا فهذه تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون لأنهم يعتبرون إخبار المريض بحقيقة مرضه حق أصيل له . أسلوب وانغ في عرض الخلافات الثقافية جميل جداً إلى درجة ربط المشاهد عاطفياً بالعائلة وحياتها في الفيلم . يحمل الفيلم قيماً عائلية ومفاهيم إنسانية عظيمة وتناقضات ثقافية بين حضارتين عكستها أصلول المخرجة الصيني ونشأتها الأميركية . هناك مشاهد تبرز الفروقات بين نيويورك و الصين ، في مشهد وصول الفتاة " بيلي" من نيويورك إلى "تشانغ تشون" في البداية تم تصوير هجوم سائقي سيارات الأجرة على بيلي ، وهو استهزاء بالسلوكيات الاجتماعية الخاطئة والغريبة. ومزيدأ من ذلك عندما تنظر بيلي من سيارة الأجرة وترى المباني المرتفعة ولا يمكن رؤية أي أثر للحياة التي راسخة في الذاكرة . يذكّرنا الفيلم من خلال عدة مشاهد بالتغيير في بنية الحياة على مدى العقدين الماضيين . يصور الفيلم بشكل جميل الثقافات الصينية المختلفة ، على سبيل المثال مشهد المقبرة مضحك للغاية وممتع . عندما يذهب كل أفراد الأسرة إلى قبر أبيهم ويقدمون له كل أنواع الطعام والشراب وحتى السجائر! ، والجدة تقول مازحة إنها أقلعت عن التدخين ويقول ابنها: "دع الرجل يدخن! لقد مات للتو ، ماذا سيحدث له أيضًا؟! " . فيلمًا رائعًا ومميزًا حاولت المخرجة فيه أن تترجم المشاعر التي اختلجتها والأفكار التي تصارعت في رأسها من خلال خلق شخصية بيلي بطلة فيلمها (الوداع) التي تتأثر بدورها عند سماعها خبر مرض جدتها . تعلق الممثلة "اوكوافينا" التي أدت دور الحفيدة بيلي "أولا عدد الامريكيين الآسيويين قليل والكثير منهم هم من أبناء المهاجرين، وليس لديهم سلالات متجذرة في الولايات المتحدة. فأنت تذهب الى المنزل وتتناول الطعالم الصيني وتتكلم الصينية وتخلغ حذاءك وتفعل ما علمتك عائلتك أياه ومن ثم عليك أن تذهب الى المدرسة وتتناول الغذاء المدرسي والبورغر. وبالتالي أنهما عالمان مختلفان، ويتعلق التركيز على ذلك بالمقام الاول بحقيقة أن قلة من الناس يفهمون حياتنا المنزلية. وعندما نخرج الى العالم لا احد يدرك ما الطعام الذي نحضره معنا إلى المدرسة أو لماذا نخلع احذيتنا. نحن نستخف بحقيقة أن هناك أشخاصا يتفهمون الامريكيين الاسيويين. لذلك عندما يكون لديك فيلم كهذا حيث تكون بيلي هنا وتشعر بطريقة معنية ثم تنتقل إلى الصين ويتغير شعورها فإن الناس يتماهون مع الامر ويشعرون به لأن هذه هي المفاوضات التي كان عليهم الخوض فيها". الفيلم فاز منذ عرضه الأول في مهرجان «صندانس» السينمائي بعدة جوائز، كما يُتوقع أن يبرز في موسم الجوائز المقبل وأن تحقق الممثلة أوكوفينا ترشيحا لأوسكار أفضل ممثلة المخرجة " لولو "نجحت في ادارة الكادر من الممثلين و قوة أداءهم المناسب وبراعة المصوريين - جانب من التصوير تم في منزل المخرجة " لولو وانغ" في تشانجون الصينية – وكذالك قوة النص والسيناريو للفيلم الممتع . وظّفت المخرجة وانغ قصتها التي تعكس إخلاصاً وخداعا بنوايا طيبة، وحولتها إلى فيلم حزين وظريف في آن واحد. كما أنه يحوي أداء جيداً من ممثلة لا تتمتع بتاريخ فني وهي مغنية الراب الأميركية - الصينية "نورا لوم " المشهورة بلقب أوكوافينا التي تجسد شخصية وانغ في القصة ، أختيرت أوكوافينا للدور بعد ظهورها المميز في «أوشنز 8»، و«آسيويون أغنياء أثرياء» العام الماضي، لكن هنا تفاجئنا بدور بطولة مطلقة. هنا تظهر واثقة وطبيعية، وتتمتع بجاذبية وحضور كبيرين على الشاشة . دخلت الممثلة الأمريكية ذات الأصول الآسيوية أوكوافينا تاريخ جوائز "جولدل جلوب" من أوسع أبوابه، خلال دورته الـ77 ، وهي أول ممثلة آسيوية الجذور تفوز بجائزة "جولدن جلوب" عن إحدى الفئات الرئيسية ، وخلال خطاب استلام أوكوافينا جائزة أفضل ممثلة كوميدية، توجهت بالشكر لمؤلفة الفيلم وقالت إنها منحتها فرصة العمروعلمتها الكثير ، كما أهدت الجائزة لوالدها ، وفي لقاء مع اوكوافينا، عبّرت عن دهشتها من كون مخرجتها اسيوية الاصل . "لم أتوقع حصول ذلك في الحقيقة ،" تضحك الممثلة الكوميدية ،"حالفني الحظ أنني عملت مع مجموعة عظيمة من الرجال والنساء. أتلا أن العمل مع لولو في ذلك الوقت، كونه امريكية اسيوية، كتبت قصتها واخرجتها بنفسها كان امراً رائعا ". الكوميديا التي صوّرتها المخرجة "وانغ " في الوداع كان افضل انواع الكوميديا " ، وتعلق اوكوافينا. "لأنه ليس مجرد نكتة بل هو واقع. فكان هناك مقولات في الفيلم لم نجدها نحن كممثلين مضحكة بل مبكية لكن الجمهور انفجر ضحكا بسماعها. لهذا أنت تجد الفكاهة عندما تأخذ مسافة وترى الصورة الاكبر". أما المخرجة "وانغ" تضيف : "أنا أريد لهذا أن يكون جزءا من حركة في الولايات المتحدة لرواية قصص تمثل بالفعل الامريكيين الذين يعيشون هنا ، والأشخاص الذين يشكلون هذه البلاد، وهذا أمر في غاية الأهمية في يومنا هذا لأنه يساعدنا على فهم بعضنا بطريقة أفضل بدلا من تعزيز هذه الفروقات ". وتصرّ وانغ أن الكوميديا التي قدمتها في الفيلم تعكس الواقع الذي عاشته بنفسها عندما كانت جدتها تحتضر من مرض السرطان. "كان مضحكا جدا، لكنني على الارجح كنت خائفة من الضحك في الحياة الواقعية. لهذا الفيلم كان نوعا من العلاج، لأنني تمكنت من تقديم ما وجدته أنا مضحكاً للغاية. لكنني لم استطع أن أكون الشخص الوحيد الذي يضحك خلال موقف محزن للغاية" تقول وانغ نفسها في بيان صريح لأزمة الهوية : "أعتقد أن لدى الناس هذه (الرومانسية) والحنين للوطن ، وهذه ليست حقيقة واقعة بالنسبة لي، في كل مرة أعود فيها إلى الصين أشعر أنني أمريكية أكثر من أي وقت مضى ، لذا فإن هذا هو السؤال : حسنًا، أين المنزل ؟! أنا أبحث دائمًا عن ذلك ولا أصل إليه أبدًا". إن هذه المشكلة ليست بغير الاعتيادية لدى من يحملون ثقافتين. من خلال الاعتراف بالهوية الأم دون غيرها، خوفًا من أن احتضان ثقافة أخرى هو إعلان ضمني بالتضحية إما بالثقافة الأصلية أوالأم . فيلم " الوداع " يرصد حالات إنسانية راقية وعواطف تكنها الجدة لأولادها بعد هذا العمر المديد وهي تحمل همومهم وتتفقد الصغير قبل الكبير بروح عالية من البهجة الدائمة ، يحمل الفيلم قيماً عائلية إنسانية يمكن أن تجدها في المجتمعات الشرقية والغربية معاً، كما يحمل تناقضات ثقافية بين حضارتين عكستا أصل المخرجة الصينية ونشأتها الأميركية في قصة عن عائلة تمر بأزمة . هذه الأزمة تتعلق بالمخرجة وانغ التي كانت جدتها تحتضر في الصين ، وقرّرت العائلة عدم إخبار الجدة بمرضها حماية لها من العيش في خوف خلال الأيام المتبقية من حياتها ، فيلم «الوداع» عمل إنسانى عذب استطاع الوصول للمتلقى بسلاسة وبساطة ، وتمنح المشاهد الطاقة الإيجابية ، وطاقة متجددة وروح عالية وذهن صافٍ تمامًا كما أخرجت الجدة أبناءها من حالة الارتباك والقلق والشحن النفسى لحالة السلام والحنين الى العلاقات الاسريى و الترابط الأسري، تلك الحالة التي عايشوها بعد التقائهم أمهم- مصدر الطاقة المتجددة - بل ومصدر القوة والأمان الذى أعاد لهم ذاكرتهم وذكرياتهم وكل ما ألفوه فى ديارهم من دفء اللقاءات العائلية الحميمة التى حرموا منها طويلًا.. تلك اللقاءات التى تقرب و تبعد الوحشة والغربة في العلاقات في زمننا المعاصر . في الختام ، فيلم " الوداع" ، فيلم أمريكي- صيني درامي، يطرح مشكلات العالم المعاصر، وأزمة الهوية وتصادم الثقافة وتعقيدات العائلة الشرقية لفرد عاش بمنأى عنها ، الفيلم من كتابة وإخراج الرائعة "لولو وانغ" التي تقاطعت قصة الفيلم مع قصة حياتها الشخصية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث