الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كأن لم يسمر بمكة سامر.. رحل أنور الغساني من غير أن يذكره ذاكر..

شكيب كاظم

2020 / 10 / 8
الادب والفن


يوم الإثنين السابع والعشرون من شهر تموز 2009، قرأت نعي الأديب والصحفي والشاعر العراقي المغترب، منذ عقود؛ بداية سبعينات القرن العشرين، (أنور الغساني)، ولعل أبناء الجيل لا يعرفون شيئاً عن أنور وحتى لم يسمعوا باسمه، ويعود السبب في ذلك إلى انقطاعه عن الكتابة والنشر منذ عقود، والقناعة بما تيسر له من عمل في كليات الإعلام والصحافة، في الجزائر أو ألمانية، أو كوستاريكا حيث أمضى فيها بقية عمره.
ثمة الكثير من الشخوص، يمرون في الحياة الثقافية، مرور الشهاب البارق، ثم لا يلبثون أن ينطفئوا بالسرعة ذاتها التي اتقدوا فيها وأناروا، ومن هؤلاء أنور الغساني، الذي كان له حضور جيد في الوسط الثقافي ، على مستويي الكتابة والترجمة، ولا سيما في ( الملحق الأدبي) أو ( الملحق الأسبوعي) ،الذي بدأت بإصداره جريدة ( الجمهورية) كل يوم خميس، بدءا من سنة 1964 وحتى يوم الخميس الموافق للأول من حزيران 1967،وكان يحمل الرقم ثمانية وثمانين، فضلا عن الصحف الأخرى، ولا سيما تلك التي صدرت عقيب هزيمة حزيران، وتمتع الصحافة بهامش حرية، أيام رئاسة الرئيس الأسبق الفريق عبد الرحمن عارف- رحمه الله-( 1916- وتوفي يوم الجمعة 24 آب2007)فصدرت صحف:( النصر)و(العرب)و(صوت العرب) فضلا عن ( المنار)و(الفجر الجديد)و(الجمهورية)و( البلد)و(الثورة العربية) لسان الإتحاد الاشتراكي العربي.
شهدت تلك السنوات بروز أصوات جيدة في عالم الكتابة، أصبح لها شأن وواصلت الكتابة في الصحف، ولاسيما في ( الملحق الأدبي) لجريدة ( الجمهورية)، وما زلت على الرغم من السنين، محتفظا في ضمن أرشيفي الورقي، بأعداد من الملحق، إذ كنت في ذلك الوقت موظفا في مستودع نفط ناحية العزير؛ جنوبي قضاء قلعة صالح بلواء العمارة، فأقرأه في مكتبة الناحية، إذ كانت ترد إليها الصحف اليومية والأسبوعية البغدادية والبصرية والموصلية، وهذا المشروع الثقافي؛ زرع المكتبات في كل قضاء وناحية في لواء العمارة، هي من منجزات وأخلاقيات طيب الذكر والسيرة الحميدة؛ الأستاذ ( شاكر السامرائي) متصرف لواء العمارة، في النصف الأول من عقد الستينات من القرن العشرين، فقرأت في الملحق كتابات وأشعار وقصص وترجمات العديد من الكتاب، فمنهم من توقف ومنهم من واصل الطريق، إذ قرأت كتابات: أنور الغساني، وحسب الله يحيى، ومؤيد معمر، وجاسم عاصي (المكصوصي)، وعبد الرضا الصخني، وموسى كريدي، وحميد المطبعي، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، وشكيب كاظم، ومحمد خضير، ومحمد علي الخفاجي، وعبد الستار ناصر، وإبراهيم السعيد، وياسين النصير- القرنة، ومحمد سهيل أحمد، ومحفوظ داود سلمان، وعبد الله نيازي، ومحمد البكاء، وصاحب كمر، ونبيل ياسين، ومؤيد القس، وشاكر العاشور، وإحسان وفيق السامرائي، رئيس تحرير مجلة (المرفأ) البصرية الأسبوعية في سنوات السبعين، وخالد حبيب الراوي، وسليمة خضير، وسركون بولص، وعبد الستار عز الدين الراوي؛ دكتوراه الفلسفة فيما بعد، وزميلي في متوسطة الملك فيصل في الكرخ، وعبد الهادي والي (العقيلي)، وعيسى حسن الياسري، وصاحب خليل إبراهيم، وكامل الشرقي، وشاكر رزيج فرج، وزيد خلوصي؛ القاص الذي رحل سريعا ونجل الأديب الكبير عبد المجيد لطفي، وعبد الستار نور علي، وبرهان الخطيب، وجمعة اللامي، ونائل عبد الجبار (البكري) زميلنا في المتوسطة أواخر الخمسينات، وزهير غانم؛ المترجم الراحل، وإبراهيم زاير؛ الفنان التشكيلي المنتحر في بيروت في عقد السبعين، وكامل خميس ناشر ديوان الشاعر المخمور عبد القادر رشيد الناصري، وكاظم ستار البياتي،و، و...
ولد أنور الغساني في قضاء قلعة صالح سنة 1937، حيث أمضى سنوات عمره الأولى فيها، ثم انتقلت أسرته للعيش في كركوك، فدرس فيها وعين معلما، ويبدو أن فضاء كركوك لم يكن ليلبي طموحاته، فانتقل إلى بغداد منتصف الستينات، شأنه شأن مجموعة من أدباء المدينة الذين غادروها إلى بغداد في أوقات متقاربة من تلك السنوات، ففاضل العزاوي غادرها للدراسة في كلية الآداب، في حين غادرها للعمل في الصحافة؛ أنور الغساني، ومؤيد الراوي، وسركون بولص، فضلاً عن القاص يوسف الحيدري، وجان دمو صاحب (أسمال بالية). والذي ما لبث أن غادر العراق إلى بلدان المنافي، ككل هذه المجموعة التي عرفت نقديا بـ(جماعة كركوك) وليموت جان دمو في المنفى الثلجي سنة 2005 وحيدا مستوحدا.
ويبدو أن قدر هذه الجماعة أن تحيا في المنافي، ويبدو أنهم كانوا يحيون تحت وطأة غربة واغتراب نفسي، وحتى زماني ومكاني، فمكان الهجرة الأول؛ بغداد لم يكن ليجيب لواعج الذات المتغربة المسكونة باللوعة، لذا ما لبثوا أن غادروا، نحو مراكز هجرة عدة، ليستقر بعضهم في مدن أوربية، المانية تحديداً كفاضل العزاوي، الذي ظهرت بداياته الأولى في العراق سنة 1969، حين أصدر كتابه المثير للجدل والنقاش ( مخلوقات فاضل العزاوي الجميلة)، ليردفه بروايته ( القلعة الخامسة)، فضلا عن الشاعر والمترجم سركون بولص، الذي قرأت بداياته على صفحات مجلة ( العاملون في النفط) التي كانت تصدرها شركة نفط العراق ipc ويشرف عليها الأديب الأنيق متعدد المواهب والقدرات؛ جبرا إبراهيم جبرا، فضلاً عن كاتب المقال الرصين الأستاذ عبد المجيد الشاوي، وليهاجر سركون إلى أماكن عدة، بيروت، الولايات المتحدة، وليموت في 22 تشرين الأول 2007، لقد كان مريضا جدا أخريات أيامه حتى لم يعد يقوى على السير.
وإذا كان الموت قد اقتطف روح القاص يوسف الحيدري يوم الجمعة 25 من حزيران 1993، وهو يجول في شارع المتنبي، إثر نوبة قلبية فاجأته وفاضت روحه وهو في طريقه إلى المشفى، وكذا الحال مع القاص والمسرحي جليل القيسي خريف 2006.
وإذا واصل فاضل العزاوي الكتابة والنشر ، وفي الذاكرة روايته ( الأسلاف) فضلاً عن ما ذكرت من أعماله آنفا، وإذا ظل سركون بولص يترجم ويكتب قليلا، وكتابات متناثرة للأب يوسف سعيد، التي كنت أقرأ بعضها في مجلة ( الأديب) الألمانية، وكذلك صلاح فائق، وزهدي الداودي، الذي أخذه التدريس في الجامعة، فإن مؤيد الراوي غاب عن الوسط الثقافي ولم اقرأ له شيئاً، فضلا عن أنور الغساني الذي غادر دنيا الكتابة والأدب، ليقنع بما تيسره له الهجرة إلى أقصى الأرض؛ إلى كوستاريكا، ومن ثم ليجد له عملا في جامعتها (جامعة سان خوسيه) أستاذا للصحافة والإعلام، وليموت غريبا متوحدا ولم يذكره ذاكر، لا بل لم يستوقف موته أحدا!
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا.... أنيس ولم يسمر بمكة سامر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة