الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعراس الثعالب – 9 –

ربيع نعيم مهدي

2020 / 10 / 9
الادب والفن


للتذكير: الأحداث من نسج الخيال ولا علاقة لها بما حصل على أرض الواقع..

(65)
بعد انتظار ليس بطويل، وصلت المدرعات الى مبنى الإذاعة، ليترجل منها الزعيم ويسير بهدوء برفقة صبحي عبد الحميد، الذي انسحب خارجاً الى بوابة المبنى بطلب من عبد السلام عارف، لمراقبة عناصر الحرس القومي ومنعهم من الاعتداء على عبد الكريم حال وصوله، ففي حوزة الزعيم أسرار لا بد من كشفها.
تم احتجاز الزعيم ورفاقه في قاعة الموسيقى، وهناك دخل قادة الانقلاب محملين بنشوة النصر، نظرات التشفي والشماتة لم تؤثر في عبد الكريم، فلا زال في جعبته رصاصة أعدّها لهذه اللحظة
- لتعلموا وليعلم من يقف خلفكم ان قانون رقم 80 قد حمل توقيعي منذ الأمس..
قليلون هم من ادرك ما تُخفيه كلمات الزعيم من معنى، أحدهم طالب شبيب، الذي سارع الى إجراء اتصال هاتفي، حرص على ان لا يشعر به رفاق الانقلاب.

(66)
بعيداً عن قاعة الموسيقى التي ضجت بشتائم علي صالح السعدي، توقف صالح عماش عند بوابة الإذاعة لتفقد وصفي طاهر، الذي أُحضِر وهو ينازع الموت متأثراً بجراحه التي شكلت حصاد المواجهة في وزارة الدفاع.
حالة العقيد لم تسمح بحشره بين من سيُنَفذ بحقهم الإعدام خلال ساعة، لذلك فَضّلَ عماش ان يُترك وصفي طاهر ليتعذب أطول فترة ممكنة، ويُسلم للموت تحت الحراسة.

(67)
في تلك اللحظات شهدت قاعة الموسيقى نوعاً من الفوضى دفعت عبد السلام عارف الى طرد أعضاء القيادة باستثناء احمد حسن البكر، والذي سارع الى كسر حاجز الصمت سائلاً الزعيم
- نحن على يقين بأنك كنت على علمٍ بكل تحركاتنا.. أريد ان اعرف من هو الخائن؟
- وهل فيكم من هو ليس بخائن؟
تجاهل البكر إهانة الزعيم له، وعاد يسأل
- هل هو خالد؟
تدخل عبد السلام
- اترك هذا الموضوع يا أبى هيثم.. عبد الكريم لن يتحدث.. انني اعرفه جيداً
حاول عبد السلام عارف الضغط على الزعيم لانتزاع اعتراف منه بدوره في ثورة 1958
- كريم.. هناك أمر مهم بالنسبة لي.. واريد اجابة محددة.. من كتبَ بيان ثورة تموز؟
انتفض المهداوي وتحدث بانفعال
- هل انت أحمق؟.. كل هذا من أجل معرفة من كتب بيان الثورة؟؟!!
بحركة لا إرادية حاول عبد السلام توجيه لطمة لوجه المهداوي لإسكاته، لكن زجرة واحدة صدرت من الزعيم كانت كافية لردعه.
تغير الحال في تلك اللحظة، فالموقف كان كفيل باستحضار سنوات من التذلل والخنوع لجأ اليه قادة الانقلاب في محاولاتهم لكسب رضا حكام الأمس وأسرى اليوم.
- طيب.. لنترك موضوع البيان.. واريدك ان تُقسم بشرفك العسكري قبل ان تُجيب.. قبل الثورة كان بيننا اتفاق على اعلان الوحدة مع مصر بعد استلام مقاليد السلطة.. أتذكر هذا الاتفاق؟

(68)
في زحمة الفوضى التي شهدتها مكاتب الإذاعة من اتصالات بقادة الجيش لضمان ولاءاتهم واصدار التعليمات، كان علي صالح السعدي على موعدٍ مع اتصال هاتفي لم يكُن في الحسبان، فما أن أمسك بسماعة الهاتف وسمع صوت المتصل حتى التفت يميناً ويساراً، وحاول ان يتأكد ان لا أحد يسمعه، لكنه لم ينتبه الى طالب شبيب الذي كان يراقب كل شاردة وواردة، بدافع الفضول وبدوافع أخرى لها غايات حتى هو يجهلها.
- سَيُعدَم.. انقل ذلك عني سيعدم..
آذان طالب شبيب فشلت في سماع كلمات المتصل لكنها التقطت وحفظت ردود السعدي، الذي راح يبحث عن حردان التكريتي بعد انهاء المكالمة.
- هل رأيت حردان؟
- ستجده قرب قاعة الموسيقى
قبل ان يمضي السعدي في طريقه استوقفه طالب
- لحظة رفيق علي
- نعم ؟
- القطار الذي أحضر الملك فيصل الى بغداد، هل كان بريطاني؟
في البدء لم يدرك السعدي ما يخفيه سؤال طالب شبيب، لكنه بعد ان سار خطوتين توقف للحظات ثم عاد الى سائلِه، وتحدث بصوتٍ هو اقرب للهمس ومتخم بالتوتر
- اسمعني جيداً يا طالب.. انا.. وبعض الرفاق نعلم بعلاقتك مع الانكليز، ولم نتخذ قراراً بإبعادك لأننا تجنبنا ان تقتل ثورتنا بخنجر الوشاية البريطاني.. وفي كل الاحوال.. القطار الذي تريد ان تعرف هويته.. أمريكي، وهو أسرع وأقوى....
ابتعد السعدي عن طالب لكنه التفت قبل ان يكمل مساره
- طالب .. المسألة مجرد التقاء مصالح.. جميع القطارات سارت وستسير على سكة واحدة

(69)
جدلٌ عقيم، هو خلاصة الحوارات التي دارت بين الزعيم وعبد السلام والبكر، وحازم جواد الذي اختتم تلك الجلسة بعد خروج رفاقه
- ما سأقوله مجرد رسالة متأخرة وبالتأكيد لا نفع منها، فكل الأمور انتهت.. انتم فشلتم في تحقيق الأهداف.. والموضوع لا يتعلق بالنفط فقط..
- نحن ضباط في الجيش العراقي ولسنا جلادين.. المهم.. ابلغ اصحاب الرسالة بهذا الردّ.. ان الثعالب التي تستعينون بها لن تستطيع القضاء على الشيوعيين
- ربما.. والآن يجب ان التحق بالرفاق، أعتقد انهم توصلوا الى قرار يحدد مصيركم
تساءل عبد الكريم قاسم باستخفاف
- الم يحددوا موقفهم مسبقاً؟
- أتريد الصدق؟.. جميعهم متفقون على إعدامكم.. إما كيف ومتى؟.. فهذا ما أجهله..
(70)
ان خبر ما قام به أنور الحديثي في معسكر الرشيد من إخماد مظاهرة نظمها حشد من الجنود لتأييد الزعيم، كان له أثر كبير على تعجيل إقرار الاعدام وتنفيذه، ففي إحدى الغرف اجتمع قادة الانقلاب وكان البكر احد المتحدثين
- ان بقاء عبد الكريم على قيد الحياة سيعطي الأمل لأنصاره بالاستمرار بالمقاومة والتمرد.. وأرى ان نسارع بتنفيذ الاعدام.. ومن الافضل ان نتخلى عن وعودنا بإقامة محاكمة لعبد الكريم وزمرته
- من يؤيد تنفيذ الاعدام الآن فليرفع يده
هذا ما ختم به السعدي تلك المداولة السريعة، والتي رُفِعت فيها الأيادي لتأييد ما خُطط له قبل البدء بتنفيذ الانقلاب.

(71)
- هذا هو الحال.. الطبال أعمى والمطرب مؤذن.. والراقصة عجوز عرجاء.. والحضور نحن.. صمٌ بكم.. لا ندري متى ستنتهي هذه الحفلة الغريبة
- الحفلة انتهت.. وقُضِي الأمر الذي فيه تستفتيان..
أول كلمات عبد الغني الراوي التي أجاب بها المهداوي عند دخوله قاعة الموسيقى، يرافقه عدد من الجنود
- باختصار وبدون مقدمات لا ضرورة لها.. لقد اصدر المجلس الوطني لقيادة الثورة قراراً يقضي بإعدامكم..
أشار الراوي لأحد الجنود بتعصيب أعينهم قبل التنفيذ، لكنهم رفضوا، واستقبلوا الموت بشجاعة، والوحيد الذي نجا من هذه المجزرة هو قاسم الجنابي، الذي شارك زعيمه الاستعداد للموت لكن يداً اختطفته وابعدته عن مرمى الرصاص، ليكون شاهداً على آخر ساعات الزعيم..

(وللحكاية بقية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د


.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية




.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه