الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكر السياسيين و تجار الدين بات فاضحاً .

يوسف حمك

2020 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


من رحم المصالح تولد الحروب كلها ، و الحقائق المستورة تتوضح بعد حمية المعارك الوطسية حينما تبنى الأحلاف الجديدة ، و يطرأ التعديل على الاصطفافات القديمة .
ينقشع اللبس ، و تسقط الأقنعة ، لتبدو الوقائع جليةً بإزالة الغموض ، فتتوالى الفضائح ، و تُفقد الثقة بمواقف المتدينين الملتحين و السياسيين الذين يمتهنون الكذب و التضليل و اجترارها إلى حد العهر و الفجور .
عندها الأبواب كلها تفتح أمام حقيقةٍ وحيدةٍ و هي : المصالح عاجلاً و آجلاً .

قُبالة المصالح تفقد الأيديولوجيات وزنها ، و الطائفية تخسر مقداراً كبيراً من ثمنها .
و في وجه المكاسب المادية تسقط كل الاعتبارات ، و هاجس المادة من قبل المتنفذين في الساسة و الدين ، يطغى دائماً على كل المبادئ ، و يخترق جدار قيم الطائفية و العرقية و سواها ... بسهام الجشع و غول الطمع .

لم ينفع لون المذهب الواحد في الصراع الدائر بين آذربيجان و أرمينيا في الدمج بين الاتباع أو الائتلاف بين قلوب الأنصار ، و لا اختلاف الدين نجح في التأليب بين النقيضين أو إفساد العلاقة .
فالخلافات على توزيع مدخرات بحر قزوين و تنظيم حدوده من أهم أسباب الفرقة بين إيران و آذربيجان الشيعيتين ، إضافةً إلى هواجس كل واحدةٍ منها تجاه الأخرى في الانتقام ، كخوف الأولى من محاولة باكو بإيقاظ الشعور القوميِّ لدى الأذريين داخل إيران - و الذين يفوق عددهم للأذريين في آذربيجان نفسها - و مطالبتهم بالانفصال . مقابل خشية الأخيرة من سعي إيران بقوية النزعة الطائفية لدى الشيعة من أبنائها .
فضلاَ عن هبوب الخطر الاسرائيليِّ من الآراضي الآذربيجانية على خاصرتها .

و على الضفة الأخرى تركيا السنية تربطها بباكو الشيعية أكبر العلاقات الاقتصادية و التجارية إلى جانب الشركات المستثمرة المتبادلة بين البلدين ، علاوةً على طموحات أردوغان بتأمين بورصةٍ للغاز و النفط و الكهرباء ، كما إنشاء سوقٍ لتصريف صادراتها ، إضافةً إلى إضعاف قوة أرمينيا العدوة التاريخية اللدودة و كسر شوكتها .
لذا فدعم أردوغان لباكو سخيٌّ و عطاؤه نابعٌ من القلب .

و باعتبار أن للمال جاذبيةٌ أعظم ، فالمساعي الأرمينية فشلت في كسب إسرائيل حليفةً لها . فالأخيرة تأتي في المرتبة السادسة من الدول المستورة لصادرات النفط الآذربيجاني ، مقابل بيع أسلحتها لباكو التي تعتبر ثاني أكبر مستوردٍ لتلك الأسلحة . فضلاً عن إقامة قواعد و موطئ قدمٍ هناك ، لتهديد إيران و التجسس عليها ، و الانطلاق منها لضرب عمق إيران حين تستدعي الضرورة .

و مثلما للمصالح الدور الريادي في بناء التحالفات ، كذلك للجغرافيا أحياناً دوره في التقارب بين الدول .
فإذا كانت حدود أرمينيا مع تركيا و آذربيجان مغلقةً ، لكي تتنفس يريفان وجب عليها إيجاد منفذٍ للارتباط بالعالم الخارجيِّ من خلاله .
فكان فتح الحدود مع إيران المسلمة الشيعية و جورجيا .
نعم أرمينيا المسيحية تتلقى الدعم السريَّ من إيران .
غير أن الجرح النازف للأولى هو عدم العثور على ظهيرٍ تتكئ عليه في محنتها كإسناد باكو لأنقرة و تلقي الدعم المعلن السخيَّ منها .

و لمصلحة روسيا مع الطرفين ، تسعى لصوغ حلٍ يرضيهما و تسوية النزاع ، لئلا يتفاقم الوضع سوءاً ، دون الوقوف الفعليِّ بجانب أرمينيا ، كوقوف أنقرة مع باكو .

لذا فتعابير : حسن الجوار - الانتماء للطائفة الواحدة أو الدين الواحد - و الترويج للسلام و الديموقراطية و حقوق الإنسان و دعم الحريات .
و الحديث عن المبادئ و الإنسانية و العدالة و القيم الروحية و الأخلاقية و الوطنية ، كلها كذبةٌ كبرى و تلفيقٌ لدعم الطغاة و المستبدين ، و خدعةٌ لاحتلال البلدان و نهب الثروات .
و الأخطر فتاوى تجار الدين بتكفير المعارضين و أصحاب الحقوق المشروعة ، و غلف كل خزعبلاتهم و نفاقهم بغلافٍ ربانيٍّ ، للسيطرة على العقول و بسط النفوذ و التمدد باسم الله و بعون الأنبياء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال