الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل مارست الجنس مع الفقر؟

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 10 / 10
الادب والفن


إن لم تجرّبه لا تكتب عن الجوع، و لا تكتب الحرائق .أنت لا تفقه بالأمر شيئاً . قالت إحداهنّ : " نعم مارست الجنس قبل الزواج " وتبعها آلاف السّوريين فقط من أجل كلمة جنس، وهنا لا أنتقص من السيدة فهي حرّة . تحسن مستواها المعيشي خلال السنتين الماضيتين، مستوى رفاهها ، أسلوب لبسها، وحتى أنها بدأت تقرأ كي تقدم أطروحات ، لا ندري إن كانت سوف تنال يوماً ما جائزة وقد أصبحت نسوية . هي ليست فريدة زمانها فالآلاف من النساء و الرجال وصلوا إلى مناصب عن هذا الطريق ، وكبار القوم ينتمون إلى " شركات" الجنس هذه .
موضوع الجنس معقّد وشائك، وهو في النهاية حريّة شخصيّة لدرجة أن القتل تحت اسم جريمة الشرف لم يخفف من الأمر.
لن أتحدّث عن الجنس كونه غريزة، أو حاجة إنسانية، سوف أتحدث عن الفقر، أسأل هل يعرف الفقراء الحبّ؟ أو بشكل أصح : ماطعم الجنس مع الفقر؟
يمكننا الحديث برومانسية ، نسرد أمثلة عن زواج الرجال الأغنياء بالفقيرات ، و يلهمنا في ذلك القصص الخيالية و أوّلها قصة ساندريلا ، قد تصدقون أن ساندريلا تزوجت الأمير حتى في تلك القصة الخيالية! لا تصدقوا . . .
أقف الآن على مسرح العبث، معي غودو بشحمه ولحمه . يحضنني ، يقول لي أحبّك. أنفر منه ، من رائحته ، أشمّ رائحة الفقر عن بعد ألف متر . ارحل يا غوتو عن عالمي . لا أحبّ الفقر ، شبعت منه في الطفولة و الشباب، أفضل الموت على أن أستمر على هذه الحال. أنت ياغودو طفيلي تأكل وتشرب من حساب غيرك.
لكنّه أقنعني بموضوع الحبّ ، وفي ليلة حبنا الكبيرة بحثت عن فستان الفرح، لم أجده، بحثت عن الحلي، عن الهدايا، عن الحبّ ، لم أجده. نعم مارسنا الجنس في تلك الليلة. كان باهتاتاً لا طعم له بلون الفقر، أنجبنا عشرة من البنين و البنات ، وفي كلّ مرة كنت أصاب باكتئاب ما قبل الولادة، وما بعد الولادة، لم أشعر بغريزة الأمومة فقط أجبرتني على تلك الغريزة لأنّ غودو تبرّأ من كل التّكاليف ، فهو يمارس الحبّ فقط، وعلي أن أدفع ثمن هذا الحبّ.
يمكنني القول اليوم: نعم مارست الجنس بنفس الطريقة التي مارست بها الفقر، فكان سحراً أسود لم أعرف طريقة للخلاص منه.
هل جرّبت الفقر؟ هل بكيت كن أجل كسرة خبز و أنت في الثالثة؟ هل انتشر وباء ما سببه الجوع في أسرتك؟
بعد ممارسة الجوع بقدر عمر . جوع على كل الأصعدة سوف أعرّف لكم الفقر: الفقر هو شيء غير ملموس يشبه كلمة الوطن، الله، الحب، السعادة، كل تلك الأشياء لا نراها ولا نلمسها .
سوف أعرّف لكم ممارسة الجنس أيضاً بطريقة فقرية : ممارسة الجنس مع الفقر تشبه التقاط رغيف خبز من القمامة. تسألون : هل مارست الجنس قبل الزواج. بالطبّع . لا. لم أمارسه قبل الزواج، ولا بعده . صحيح أنني أنجبت عشرة أطفال ، لكنّ لم أكن في كامل وعيي، كنت أنام بثوبي الوحيد لليل و النهار، وتنطلق مني رائحة المحشي، و البصل و الثوم، و التبولة. كنت أرغب أن أرضي زوجي كي يبقى تاجاً على رأسي ، ورزقنا بعشرة أطفال ولله الحمد، لكن بطعم الفقر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما اروعه من ضربة فاس غائرة في راس الاغبياء
محمد البدري ( 2020 / 10 / 10 - 12:14 )
بعد مقالتك الرائعة هذه فالقارئ سينتظر مقالة اخري تكشف لماذا اصبح الجنس تابوها ومحرما بل وموضع عار ومناط شرف يراق علي جوانبه الدم بينما الفقر يرفرف عاليا ولا تهتز شعرة في وجدان القيمين علي الشرف الكاذب.
تحياتي واحترامي واعتزازي