الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناعة القطيع ...... مؤشر فشل الدولة العراقية

جميل محسن

2020 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


مناعة القطيع .... مؤشر فشل الدولة العراقية
في الزمن الغابر كانت الامراض الوبائية سواء بكتيرية او فيروسية تقتل وتبيد دون معرفة السبب والمسبب غير القدر والقوى الغامضة التي ستهلك الملايين من الاحياء سواء بشر او حيوانات الى ان يتوقف الحصاد لاسباب داخلية تتعلق بالقاتل المجهول نفسه او خارجية تتعلق بالبيئة المحيطة وتغييرات المناخ وغيرها بأنتظار عودة دورة حياة اخرى طبيعية لما يتبقى من القطيع الانساني والحيواني الناجي من الموت مجهول المصادر.
- وفي تلك الازمان الغابرة ايضا وفي دول كبرى في المساحة والسكان كالصين والهند وفي الصين تحديدا كان الهيئات الحكومية او الدولة عموما تسكن في (المدينة المحرمة) والمنطقة الخضراء عندنا هي نسخة صغيرة او مشوهة منها حيث المسؤول معزول تماما عن الشعب تصله الواردات ويتمتع بكل شيىء ويصدر اوامر للشعب , ومن الناحية الاخرى نجد الاغلبية الساحقة الباقية او العامة العاملة في الارياف والمدن تكدح لتعيش وتتوالد وتنتج وتدفع الضرائب لأهل المدينة المحرمة لادارة الدولة والمجتمع ولكن الاراضي محدودة والبشر يتزايدون حتى تتفوق اعدادهم على مقدرة الارض لاطعامهم يتزاحمون وتضيق بهم مساحات ذلك الزمن ولا من حل واهل المنطقة المسورة المحمية المحرمة لايبالون مادام الوارد يصلهم وعددهم محدود , ثم يأتي الحل بأصابة بكتيرية او فيروسية قادمة من مكان اخر او نائمة ايقضها زحام التكاثر والتنافس على الموارد او اكل ماتيسر من لحوم الحيوان او الحشرات وتتحول الاصابة الى وباء ينتشر كالعاصفة والاعصار في القرى والمدن المزدحمة يقتل ويقتل ولا يفهم الناس السبب غير القدر وتنتهي بالموت قرى ومدن كاملة لايجد الناجون غير طريق الحرق خلاص من الروائح الكريهه وينجو غالبا اهل المدينة المحرمة لانهم يعيشون في ظروف صحية وغذائية و( تباعد أجتماعي) افضل , وهنا وبعد موت الملايين وبقاء القلة التي قد لاتجد البكتيريا او الفيروس مجال للانتشار بينهم يحل عندها (الهدوء الوبائي ) ويعود من تبقى لممارسة اعمالهم العادية بعد هذا التوازن الاجتماعي الجديد .
- حدث ذلك سابقا ولاحقا في مناطق وبلدان عديدة لم تكن تعلم كثيرا من مانعلمه عن الامراض الوبائية والبكتريا والفيروسات علما ان احداث كهذه ارتبطت اجتماعيا بأزمنة العبودية والاقطاع وبداية التشكل الراسمالي حيث كانت اكثرية الشعب تساق مثل القطيع وتخضع للحاكم المطلق وعندما يجتاحهم الوباء ويحصد ارواح الملايين ثم يضعف ويتوارى على الطريقة الصينية يعتقد المفكرون العباقرة في تلك المجتمعات ان شعوبهم او المتبقي من البشر منهم قد اكتسبوا مناعة ضد المرض وربما من هنا جاء مصطلح (مناعة القطيع) !! وهذه النظرية كانت البكتريا والفيروسات تفندها لاحقا مع كل انتشار اخر كما حدث مع الطاعون والكوليرا والجدري , ثم جاء تراكم التقدم العلمي لاحقا وتطور المعلومات حول البكتريا والفيروسات وطرق الوقاية ثم صنع العلاجات المضادة والامصال المحفزة للمناعة الداخلية ليغير العديد من المعلومات والمفاهيم .
- والان ما الربط بين مايحصل في العراق حاليا وفلسفة مناعة القطيع التاريخية ؟
انه الجهل والتخلف القديم والحديث وكيفية ادارة المؤسسات الحكومية في العراق وهل لدينا دولة مؤسسات لها تراكم معرفي يعطيها فرص البحث عن حلول عند حدوث الازمات ؟
- المهزلة أو المأساة اننا ومنذ سنين نبحث عن الدولة لتستلم (كمثال) كل السلاح المنفلت في العراق ليرتاح المواطن البسيط ولا نجدها !؟ فكيف بمواجهة ازمة مثل وباء انتشار فيروس كورونا ؟ الذي تخصص اغلب دول العالم التي لديها مؤسسات حكومية فاعلة تخصص امكاناتها لمحاصرة توسع الوباء والوقاية منه والاهم السيطرة على انتشاره وسط المجتمع واخضاع الافراد بالقوانين المرعية لواجبات مشتركة مثل ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والحضر الصحي وفرض ساعات لمنع التجول عند الضرورة , فما الموجود من كل هذا في العراق ؟ ب اختصار قرارات فوقية لا تنفيذ من تحت !! الكرونا بدأت عندنا بشكل بسيط ومنفرد ويمكن السيطره عليه في ظل دولة تدار بالمؤسسات ويحكمها القانون ولكن ماحدث ويحدث في العراق هو العكس تماما فمن مؤسسات تسيطر عليها مليشيات السلاح والجهل والفساد وقانون مترنح وخائف من فرض السيطرة الرسمية واختلط الحابل بالنابل كما يقال فلا الحكومة وما افرزته من لجان لها قدرة السيطرة على الوياء ولا من شعب اكثريته تتصرف على وفق هواها ومصالحها وقوت يومها ضاع العراق وتسلل الوباء منقولا في اكثره عبر الحدود الشرقية وتزايدت الاعداد اليومية حتى تحولت للالاف وتزايد الفساد داخل مؤسسات الدولة الصحية حتى اصبح الوباء تجارة ومادة للتربح وانتظار التخصصيصات الاضافية لمكافحة الفيروس لنهبها وتحولها لارصدة في الخارج والداخل وفشلت سياسة الحضر و(اجلس في البيت)المحببه الى قلوب المثقفين ممن لديهم وارد وراتب شهري ثابت مستمر لاينقطع ولكن ماذا عن الكسبة والعاملين في القطاعات الخاصة والعاطلين عن العمل ؟ وفي ظل عدم وجود ضمان صحي واجتماعي شامل ومتكامل لدينا وهنالك الملايين من العاملين بتحصيل الاجر اليومي وهؤلاء لايستطيعون الا ان يخرجوا ويختلطوا !! وهكذا فشلت عند التطبيق سياسات الحضر الجزئي والكلي ومنع التجول , اضافة الى عدم وجود اماكن ايواء وحجز اللذين تثبت اصابتهم لنقديم الرعاية والعلاج لهم اضافة لحجزهم حتى لايكونوا سببا اخر لنشر الوباء وكل مالدى الجهات الصحية للمصابين ان اذهب للبيت وانتظر مصيرك القادم !!.
- اخر ماخرجت به الينا المؤسسة السياسية والصحية المسؤولة في العراق هو الاستسلام الكامل للقدر عند مراقبة تفشي الوباء المتزايده اعداده ورفع اي حضر على التجول واطلاق رغبة الناس بالاختلاط والتجمع والمسيرات بكل انواعها ومعنى كل هذا ان دولتنا اليوم غير معنية بعد ان كانت غير قادرة على السيطرة على تفشي الوباء ضمن المجتمع او عامة الناس ومحاصرته على الاقل وهذا ختاما هو التطبيق الفعلي لسياسة ( مناعة القطيع) المتخلفة وليحصد الفيروس مايريده من ارواح فقراء العراق غير القادرين على المعالجة الذاتية والشتاء قادم والخطورة تزداد والوباء كما يبدو خرج عن السيطرة ........... جميل محسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إنقاذ الطفل السوري #عسكر_دياب بعد سقوطه في #بئر ارتوازي


.. لماذا باركت أمريكا عملية النصيرات رغم المجزرة التي ارتكبها ا




.. لماذا حظرت تركيا تطبيق تيك توك على أفراد القوات المسلحة؟


.. وقفة لمحامين مغاربة أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء د




.. سرايا القدس تنفذ عملية مركبة جنوبي شرق تل الهوا