الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلاوس كورونية (2)

عباس موسى الكعبي

2020 / 10 / 11
الادب والفن


لا اعرف اين اقيم عزائي..
في مسجد ام في سرادق؟
لا ارى سوى قطعة قماش سوداء معلقة في احد اركان حينا المتهالك.. ها هو اسمي مثبت عليها بخط ابيض ناصع..
لكن اين مكان عزائي؟ .. لماذا لا ارى احدا من عائلتي او اقربائي؟ اين اصدقائي المقربين؟
اسمع صراخا في بيتي.. نعم .. اخيرا قرروا اقامة العزاء في بيتي..
تذكرت.. نعم الاموات يتذكرون احيانا..
لم يقيموا لي عزاءا في المسجد.. ولم يقيموه في سرادق.. اقاموه في بيتي.. ما الطف عائلتي وما اشدها حرصا على سلامة الاخرين.. الغيتم مراسيم استقبال المعزين وجعلتموها حصرا عن طريق الهاتف او وسائل التواصل الاجتماعي..
من هؤلاء المعزون القلائل في بيتي.. جارنا وبعض اصدقاء العائلة..
ماهذا الصراخ الذي اسمعه في غرفة الاستقبال؟.. ما هذا الهرج والمرج؟.. هل كل ذلك بسبب رحيلي؟.. لا أود ذلك.. لم اعلم انني قد اكون عزيزا على قلوب عائلتي واقاربي الى هذه الدرجة..
ها هو كريم ابن الحاج زاير جارنا القديم، يصرخ بقوة مدعيا ان نادي برشلونة كان يستحق اللقب لولا المدرب!.. من الجهة المقابلة، هاهو اخي الكبير يرد عليه بصرخة أعلى ان الريال استحق الفوز بجدارة.. ويساندهما مشجعوا كل فريق..
يالخيبتي.. يا لخيبتي!!.. في اول يوم عزائي يتصارع الاهل والاقرباء ليس بسبب فقداني، بل لمن كانت الجدارة بالفوز بلقب الدوري الاسباني..!! كنت قد توقعت انهم سيذكرون بعض حسناتي وفضائلي..لكن.. على اي حال..
في الوسط يجلس عمي بعقاله وبدلته العربية وهو يخاطب احد الاقارب حول ضرورة ترشيح فرد من افراد العشيرة لخوض الانتخابات القادمة ودعمه بكافة السبل اللازمة للفوز..
وهناك جلس احد اخوتي وهو يتذمر من قرب بداية الدوام الرسمي في الكليات.. ومن الجهة الاخرى هاهو ابن اخي يقف غاضبا ومهموما وهو يلعن الجميع ويحسدهم على حصولهم على معدلات عالية في امتحانات السادس الاعدادي في حين انه لم يحصل سوى على معدل 90% ..!!
وفي ذلك المكان القصي تجلس اختي وهي تندب حظها بتأخر الراتب لهذا الشهر وتلعن الجميع.. وهناك يجلس اولادي وهم يتجادلون حول مواصفات الموبايل الذي اشتريته لابني البكر الذي نجح بتفوق ..
وبعد هنية من الزمن، تعالت الضحكات.. ومعها تعالت الاصوات.. وعم الضجيج داخل الغرفة برمتها.. لقد تذكر كريم الحاج زاير احد المواقف المسلية اثناء خدمته في حرب الثمانينات، ورواها لهم باسلوبه الفكاهي المعهود..
نعم كان يوم عزائي الاول مفرحا للجميع باستثناء ابنتي شهد التي تكورت في زاوية تبكي ابيها وتتذكر ايامه معها ومساعدته للجميع بدون استثناء، وتندب اباها قائلة بصوت منخفض: "يا ناس ابي لا يستحق كل هذا الاهمال.. لقد رحل دون ان يؤذي احدا.. ماذا لو منحتموه من وقتكم دقائق من الصمت.. نعم بضعة دقائق من الصمت .. ولا اطلب غير الصمت!!"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من


.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري




.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد