الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث أو أربع إتجاهات في الفكر العربي السياسي المعاصر

حازم العظمة

2006 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مقولة تتكرر في الكتابات و في الحوارات على الأقنية تختزل المسار الفكري و السياسي العربي في ثلاثة إتجاهات فشلت و اتجاه رابع " قادم": القومي و الماركسي و الديني و " القادم" هو الليبرالي ، و من ثم تذهب إلى الإستنتاجات من نمط أن أحدها " فشل" أو أن اثنتين فشلتا ،و بقي أن نتحول إلى الإتجاه الثالث الإسلامي ، أو ثلاثتها جميعاً فشلت ، و علينا أن نتوجه إلى " الليبرالبة" و المعني هنا بالتحديد الليبرالية – الأمريكية و النظام الأمريكي
ولكن لنتفحص هذه " الحقائق" عن قرب ، معظم الأنظمة العربية أنظمة تابعة، هي من الآن أمريكية بدون أن تكون " ليبرالية".. ، أو هي ليبرالية في بعض الأشياء دون " أشياء أخرى " فالنظام الأردني مثلاً أو المصري هي " ليبرالية" في الإقتصاد و المعني هنا إتباع الوصفات الأمريكية في رهن الإقتصاد الوطني لمتطلبات النظام الرأسمالي العالمي – أي الأمريكي- و تتبع" بدون لعثمة " كل تعليمات البنك "الدولي "- عليك أن تقرأ الأمريكي - و لكن بدون أن تعني هذه " الليبرالية" فيما تعنيه دولة القانون أو مفهوم المواطنة و إستقلال القضاء و إلغاء المحاكم و الأنظمة العرفية و ضمان الحريات العامة أي كل ما هو أيضاً جوهري في الليبرالية
النظام السعودي هو نظام "ليبرالي " بنفس الطريقة العجائبية : دولة ثيوقراطية ، يلاحق فيها الناس في الشارع لإقامة الصلاة و لا دستور لها _ و لا حتى دستوراً ملكياً – و لكن النظام السعودي بالنسبة للأمريكان من المجتهدين في الليبرالية الإقتصادية – بيت القصيد فيما يعني الأمريكان –
و قد يعتقد أحد بأن النظام الأردني هو النظام الليبرالي " الأمثولة" الذي يعتبره الأمريكان " نموذجاً" لما يطمحون إليه و يتوقعونه في كيف يكون الحكم " صالحاً " و خاصة لأنه يقيم علاقات مع إسرائيل بطريقة تجعله " قدوة" لغيره ... و لكن هنا أيضاً سيخيب ظننا هذا لأن للأمريكان نماذج أخرى يخبئونها في الأدراج أو أن " أوراق اعتمادها " مخبأة في الأدراج ، و هذه عادة ما تكون من "النموذج القومي "، أنظمة من طراز النظام اليمني و نظام صدام حسين البعثي- العشائري (الذين هم أنفسهم أسقطوه بعد أن استهلكوه ) و غيره من الأنظمة "القومية" – بعثية أو غير ذلك -... كالنظام الليبي مثلاً مع أن هذا الأخير راح يتردد عبر السنين بين القومية "العربية" و " المغاربية" و ثم "الأفريقية" ... !! و " القومية الليبية " مؤخراً ... حسب تبدل الأحوال ... في ما يخص الأمريكان ليس ما يمنع -حسب البراغماتية الأمريكية- من أن يصبح هذا النظام ضالعاً و ضليعاً في " الليبرالية" طالما يقدم النفط " عربوناً " و يفتح الباب بإتساعه للنشاطات و الشركات الأمريكية و بهذا يثبت كفاءته و صلاحيته في الإنضمام إلى " العالم الحر" ...
في جعبة الأمريكان أنواع أخرى من الأنظمة – كل الأنواع عملياً – بما في ذلك أنظمة " الإسلام السياسي " - فنظام البشير في السودان الذي أتوا به أساساً لمكافحة الشيوعية في السودان كان وراءه دائماً الدعم الأمريكي و الرعاية الأمريكية ،كل الأنظمة التي تعاقبت على السودان من النميري إلى البشير أتوا بها لهذه الغاية أساساً ، اليسار السوداني اعتبروه مقلقاً بصورة خاصة ،كان ثمة في السودان ، قبل أن يقضي عليه نظام الترابي- البشير ، مجتمعاً مدنياً متطوراً و حراكاً شعبياً و ثقافياً يطمح لإقامة ديموقراطية متطورة ، ما اعتبره أباطرة اليانكي خطيراً على مصالحهم في البيئة العربية و الأفريقية معاً و من ثم استخدموا نظام المتأسلمين هذا في تقطيع أوصال السودان ، و ما زالوا

تقطيع الأوصال استراتيجية أمريكية أساسية ، دائماً يسهل التحكم في كيانات صغيرة و ضعيفة و متخلفة و يسهل إلحاقها بالإمبراطورية ، تماماً كما يفعلون الآن في العراق و كما يطمحون ليفعلوا في سورية و في الجزائر ... في كل مكان

هذه هي الأنظمة العربية التي " رعاها " النظام الأمريكي ، إبتداءً من منتصف القرن الماضي ، و ما يزال ، "قادها" و "أشرف" عليها طوال عقودٍ في مفهوم ما يسمى " النظام الإقليمي العربي " و الآن يجري " تحديث" هذا النظام تحت عنوان معلن " الشرق الأوسط الكبير " – النظام الجديد يتضمن فيما يتضمن إدخال إسرائيل في هذا المفهوم ، بعد تصفية القضية الفلسطينية- ...
الأنظمة هذه ... التي كانت أبداً و ما تزال كوابيساً ثقيلة على شعوبنا ، الأنظمة حارسة التخلف و حارسة النفط بأزهد الأثمان ، أنظمة الأقبية و الحذاء العسكري الثقيل على رقاب الشعب حسب ، أنظمة التخوين و محاكم أمن الدولة و المحاكم الميدانية
و لم تكن ثمة من ميادين غير شوارع المدن العربية و ساحاتها و ما من عدو سوى المجتمع و الشعب لإذلاله و تخويفه حتى يستمر فسادها و نهبها المافيوزي للثروات الوطنية
هذه الأنظمة التي الآن تعيد إحياء قاموسها البذيء في تخوين المجتمع و تخوين كل مُطالب بالديموقراطية و كل مُطالب بتصفية التركة البذيئة ، تركة قوانين الطوارىء ، و الحزب الواحد ... (الأحزاب الأخرى إن وُجدت ليست إلا فروعاً له ) ، أو " صوت سيده "..

تركة " الوحدة العربية" و هي تمعن في تقسيم العرب أشلاء ً ،و تثير الشوفينيات الإقليمية لبناني - سوري ، عراقي- سوري ، مصري - سوداني و غير ذلك، تركة المحاكم الإستثنائية بإسم " التصدي للإستعمار و الصهيونية" فيما لم تتصدى إلا لنهب الشعب و إفقاره و تدمير المجتمع المدني و تدمير المدنية و تخريب ثقافة الشعب
تركة "الإشتراكية العربية" التي من " تراثنا و تقاليدنا "، إسمها الحقيقي الإشتراكية البعثية ، فيما لا يتوقف شحن الأرصدة المليارية لـ "رموز" النظام و حاشيتهم و أتباعهم في حسابات سرية خارج الأوطان ، الحسابات المليارية الناجمة عن نهب الوطن و الثروات الوطنية و الناجمة عن تجويع الشعب و خداعه و إذلاله... ،
إسمها الحقيقي " إشتراكية" نهب الثروة الوطنية و إفقار الشعب

تصنيف الأنظمة العربية في أنظمة " إسلامية" و " قومية" و " إشتركية- مزعومة " و " ليبرالية" و كذلك تصنيف الإتجاهات السياسية بنفس هذه الطريقة تصنيف مضلل تماماً ، كل الأنظمة العربية تابعة و متخلفة و إستبدادية ، و لكن بألوان متعددة و " واجهات" متعددة و ليس من بديل عن إنشاء أنظمة جديدة و أحزاب و اتجاهات سياسية جديدة تتسم بالديموقراطية و التعدد و الحداثة و العلمانية حتى تتاح لشعوبنا فرصة الحياة و فرصة التقدم

لننظر عن كثب لما يحدث في امريكا اللاتينية ، ربما نجد بعض الأجوبة التي نبحث عنها هناك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بنين ستارز تقلد اختها نور ستارز ????


.. ذكرى إنزال النورماندي: إحياء ذكرى الضحايا المدنيين الذين سقط




.. بولندا تعتزم إعادة إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع بيلاروسيا


.. ما دلالات إطلاق النار على السفارة الأمريكية في بيروت ومن هو




.. تمارين مدتها 45 ثانية في المنزل تعادل المشي لمدة 30 دقيقة |