الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة إجلال وتضامن مع حرية الصحافة في مصر

بدر الدين شنن

2006 / 7 / 9
الصحافة والاعلام


يتمنع النظام المصري كباقي الأنظمة العربية عن الاصلاح وعن التغيير الديمقراطي ، ويتمسك بضراوة بثوابته السياسية والاقتصادية التي أبعدت مصر عن دورها الإقليمي التاريخي وأوصلتها إلى مستوى فظيع من التردي الاقتصادي وخاصة على المستوى المعاشي للقوى الشعبية ، ولايتورع عن ممارسة القمع المباشر في مواجهة قوى التغيير المصرية على اختلاف تلاوينها . فلا يكاد يمر يوم دون اعتقالات أو محاكمات لعدد متزايد من المناضلين السياسيين المتظاهرين أو المعتصمين ، احتجاجاً على مظاهر ورموز الفساد المستشري في بنية النظام ، أو دفاعاً عن الحريات العامة وحقوق الإنسان ، أو تضامناً مع الشعب العراقي ضد الاحتلال الأميركي أو مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ، في محاولة من هؤلاء المناضلين للتعويض عن تخلف النظام المصري عن القيام بدوره الإقليمي التاريخي إزاء ما تتعرض له شعوب الأمة العربية من ضغوط وانتهاكات دولية - صهيونية بزعامة أميركا

ويتزايد الصراع مع الأيام حدة وضراوة بين النظام وقوى التغيير الديمقراطي ، إلى أن وصلت الأمور إلى مستوى أضحت معها أية مواجهة مع النظام ذات أهمية مفصلية هامة في تعميق أزمة النظام وفي ميزان القوى لصالح قوى المستقبل التي تناضل لتجاوز الحالة السياسية والمعاشية المتردية ، وإنهاء مرحلة عزل مصر عن دورها الإقليمي وإعادتها رغم كل القوى المحلية والدولية المتآمرة إلى مكانتها التاريخية . فخلال العامين الماضيين شهدت مصر سلسلة من التظاهرات الجماهيرية الهامة التي أخرجت مصر الشعبية من أغوار الصمت .. ورفعت صوت مصر المدوي ضد مشاريع الهيمنة الأميركية الصهيونية على الشرق الأوسط . وهذا ما إنعكس شروخاً بليغة في بنية النظام ، مما اضطره للتراجع إلى الوراء في مجالات عدة ، أصدر قانوناً للأحزاب ، أجرى تعديلاً في الدستور ، فتح هامشاً أوسع من ذي قبل لعملية الإنتخابات البرلمانية ، التي بمجملها عدلت إلى حد كبير من الرؤية العامة إلى مصر ومستقبلها ، إن على مستوى الشارع المصري أو على المستويين الإقليمي والدولي . وتبعتها معركة القضاة الشجاعة دفاعاً ا ستقلال القضاء وعن سيادة القانون

وتلقى الأنشطة الاحتجاجية ضد عفن النظام وفساده وضد ممارساته القمعية للحراك السياسي الديمقراطي ولاستعادة الكرامة الوطنية بتحرير مصر من الهيمنة الأميركية والصهيونية وا ستعادة دورها الإقليمي الطليعي في إحياء التضامن العربي ومقاومة مشاريع الأمركة والصهينة للمنطقة ، تلقى دعماً واسعاً من أوسع وأعمق الجماهير الشعبية التي تشارك بها لأنها تجد فيها طريق خلاصها من الغلاء الكافر والفقر وحل أزماتها التي لاتحصى ، التي جاءت بها سياسة الانفتاح الاقتصادي الساداتية المنبثقة عن مضامين وشروط معاهدة " كمب ديفيد " مع العدو الإسرائلي السيئة الذكر

وفي هذا السياق الملتهب تتفجر الآن المواجهة بين النظام والصحافة .. بين كل مايمثله النظام من سياسات وممارسات تعسفية فاسدة باهظة الآلام والإذلال لمصر وشعبها وبين الصحافة المدافعة عن قيم الحرية .. حرية التعبير والرأي .. وحرية التجديد والتغيير والخيارات الوطنية والقومية والاجتماعية . وتتمحور هذه المواجهة حول مشروع قانون مثير للجدل ، حول حق حرية النقد للفساد والفاسدين ولأعداء مصر وأشقاء مصر . حيث يتمسك النظام ب " حقه " بالدفاع عن بنيته ورموزه الفاسدة بفرض خطوط حمراء لايجوز للصحافي تجاوزها وإلاّ تعرض للسجن وللغرامة المالية .. وهي لا للتعرض بالنقد لرؤساء الدول والدول والسفارات .. لا للتعرض بالنقد لمؤسسات الدولة .. لا للتعرض بالنقد للذمة المالية لأي مسؤول في الوظيفة العامة . ويعتبر النظام نفاقاً أن هذه اللاءات هي لضمان ا سقرار البلاد .. وتعتبر الصحافة بحق أن هذه اللاءات .. الحمراء .. السوداء .. هي تجريد للصحافة من أقوى وأقدس مهامها وهي فضح وتعرية المسيئين للحريات العامة والشخصية ، وتعرية وفضح لصوص المال العام وثروات الشعب ، وفضح وتعرية أعداء الشعب المصري ومواجهة أكاذيبهم ومؤامراتهم المستهدفة مصر ومصالح شعب مصر وأشقاء مصر

واللافت ، أن الإدارة الأميركية والدول النافذة في الاتحاد الأوربي ، التي صدعت الرؤوس حول غيرتها على حقوق الانسان في الشرق الأوسط ، لم تحرك ساكناً تجاه عزم النظام المصري على إصدار هكذا قانون أقل ما يوصف به ، أنه معيب ومشين في تاريخ الصحافة المصرية ، ومخالف لأبسط مبادئ حقوق الإنسان التي تتكثف ذروتها في حرية الصحافة والفكر والتعبير
أما الأنظمة العربية ، وخاصة النظام السوري ، فهي تنظر إلى ماتتعرض له قوى التغيير الديمقراطي في مصر من حصار وقمع من قبل النظام المصري بشماتة ، وهي تأمل أن يحقق النظام المصري نجاحاً ساحقاً في فرض القيود على الصحافة والحريات وعلى الحراك الديمقراطي برمته ، وأن يتحول النظام المصري إلى أنموذج يحتذى به في المنظومة العربية ، يسوغ للنظام السوري على سبيل المثال تماديه في تغييب الصحافة الحرة المناضلة ويغطي إجراءاته القمعية ضد الصحافيين والمثقفين السوريين ، الذين يدفعون الآن في السجون والمحاكم الكيدية ثمن دفاعهم عن حرية الرأي وحرية الشعب السوري

إن ما يتعرض له المناضلون الديمقراطيون في مصر الشقيقة من اضطهاد ، وخاصة في مجال الصحافة يقلق ويستفز كل المناضلين من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا وبلدان الوطن العربي كافة . إنه أمر شديد الخطورة ، لأنه يهدد بالمزيد من التردي والإحباط في النضال العربي ضد الاستبداد والهيمنة ، مثلما يهدد مستقبل شعب مصر ومصير مصر . فمصر هي الشقيقة الكبرى .. والرائدة الكبرى .. والبطلة الكبرى في معركة مئتين وخمسين مليون إنسان يقطنون على مساحة أربعة عشر مليون كيلو متر مربع من الرباط ونواكشوط إلى بغداد وصنعاء .. معركة التحرر والسيادة الوطنية والديمقراطية والتكامل والوحدة والعدالة

إننا في يوم حرية الصحافة المصرية .. نقف إجلالاً وتضامناً مع الصحافيين المصريين الشجعان .. أبطال الحرية بامتياز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا