الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديكتاتورية ،،، الجذور ،، الاستمرار

حيدر علي

2003 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



لا نستطيع القول إن الديكتاتورية قد انتهت مع نهاية صدام ،، أو مع سقوط تماثيله ,,لان الديكتاتورية لم تكن وليدة صدفة ، أو وليدة خارج عن نطاق تطور تاريخي للعراق ، فهي نتيجة حتمية لتطور تاريخي معين في زمن معين ، وتأتي نتيجة حتمية لتظافر ظروف موضوعية يكمن اغلبها في تطور البنية أو التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للمجتمع ، وتعبر ابلغ تعبير عن المجتمع وتطوره ، أي أنها انعكاس لواقع موضوعي يستمد من تطور القوى الإنتاجية للمجتمع أسباب بقاءه وديمومته فهي ليست ميتافيزيقية إلا بمقدار بقاء أسبابها وتمسك المجتمع بها ،، فميتافيزيقيتها مستمدة من  نفس الواقع الذي يفرزها كونه  واقع مرتبط بدمار شامل لكل القيم الإنسانية ، ولكل ما أنتجه الإنسان عبر مسار تاريخي طويل  كونها تعبر عن أفق تاريخي واحد وأي أفق آخر يكون انحراف بوجهة نظرها مما يدعي إلى التصفية والتغييب للآخر مما يزيد من انفرادها ، واستفرادها كقوة ليس لها منازع ,أو كقوة وحيدة لا تجد من يقف بوجهها أو يجبهها ليحد منها،، فهي  كقوة مركزية تدمر أي مراكز قوة أخرى قد تنافسها في يوم ما مما يجعلها القوة المركزية الوحيدة التي يدور في فلكها جميع أفراد المجتمع ،، فالديكتاتورية تستقيم مع ما يساوقها من بنى فكرية واجتماعية واقتصادية  تعمل على ترسيخ الديكتاتورية ودفعها  قدما تحطم في طريقها أي بنية بديلة عن الديكتاتورية  ، أو  أي بنية ممكن أن تكون ارتكاز لنظام بديل مما يعطي للديكتاتورية طابع ميتافيزيقي يظهرها بمظهر ابدي تتجاوز الأطر التاريخية لبقائها ،،  فالديكتاتورية هي حالة من الجمود الذي يطغي على سير العملية التاريخية لتطور المجتمع تؤدي به إلى الانعزال  عن سير تطور البشرية قاطبة وتخلُفه في أسفل  السلم التطوري للمجتمع البشري ، وما حالة الاستفاقة من ليل الديكتاتورية الطويل إلا اكتشاف متأخر لمدى البون الشاسع بين ما وصل له التطور البشري وبين تطور المجتمع الديكتاتوري ، وحالة الاكتشاف  تشكل إزاحة باتجاه الأفكار المتخلفة تظهرها وتدفع بها إلى واجهة الأحداث كرد فعل مباشر لعملية نفوق الديكتاتورية أولا وكبديل عن الفراغ الذي انشاته في سياق تطورها ثانيا ،،   فهي حالة انكفاء نحو الماضي  لاستشفاف  ما يعبر عن موقف آني الغاية منه الانطلاق نحو المستقبل ، أو أظهار البديل القادر على الحلول محل الديكتاتورية حتى وان كان البديل هو بديل ديكتاتوري في مرحلة جنينية أن صح التعبير ،، فا غلب البدائل التي تطرح هي بدائل ذات محتوى ديكتاتوري   و اتخذت تسميات جديدة ، فتسمية مثل أغلبية شيعية أو أغلبية كردية وما إلى ذلك ما هي  إلا تعبير آخر عن ديكتاتورية شيعية ، وديكتاتورية كردية فمفهوم الديكتاتوري هنا مبطن بهوية قومية أو طائفية أو مختبيء تحت تسمية يراد منها التمويه على المحتوى الديكتاتوري للعبارة  الأنفة الذكر، فإطلاق سلطة رجال الدين هو أقامة لديكتاتورية دينية كولاية الفقيه بالنسبة للطائفة الشيعية على النمط الإيراني آو دولة إسلامية من نمط خاص ،، وهي لا تشكل اختيار صحيح ، فالاختيار يأتي مع تعدد الخيارات المطروحة بعد أن تأخذ جميع الخيارات وجودها الواقعي ، وبعد أن يكون هناك مفهوم ومفهوم مضاد متماشيان على ارض الواقع وليس على أساس اعتبارات رد الفعل ،، فالقول بان  السنة قد حكمت  وان الشيعة قد ظُلمت في السابق يعني أن  يكون البديل حتما شيعي ،  القول أن الأكراد قد ظلموا يعني أن البديل كردي ، وعملية محاكمة بهذا الشكل سوف تؤدي للوقوع في السطحية باختيار البديل الذي يجب أن يكون على مستوى تحديات المرحلة وعلى مستوى المخاطر التي يمر بها الوضع  في العراق ،، فالوضع الآن أشبه بالسير على حد السيف ،  والميل بأي اتجاه هو الدخول إلى  ظلمات القبور وأنفاق الاحتراب الداخلي التي لن تنتهي  في وقت منظور ،، ففخاخ الديكتاتورية منصوبة في كل مكان وهي كالألغام الموقوتة التي تهدد بالانفجار مع أي خطوة باتجاه البديل ما دامت أسباب بروز الديكتاتورية مستمرة وجذورها  مغروسة عميقا في الواقع العراقي ،، فالعشائرية  ،، والاتجاهات الدينية ،، والاقتصاد المركزي  والجهاز الإداري الفضفاض والنظام التعليمي ،، وما غلى ذلك من مكونات  أجهزة الدولة ومن مكونات الواقع العراقي ،، الذي   يشبه الآن بالون ينتفخ ويهدد بالانفجار في  أي لحظة؛ هذا الانفجار الذي قد يحدث نتيجة تناقضان الواقع نفسه أو بتأثيرات الدول المجاورة التي لا تخفي طموحاتها ومطامعها في العراق سواء إيران أو السعودية أو تركيا وغيرها من البلدان المجاورة والتي تشتبك مصالحها وتفترق وفق موازين القوى السائد أنيا أو مستقبليا، ووفق تقلبات النظام العالمي الجديد الذي تريد إرساءه الولايات المتحدة الأمريكية ،، فهذه العوامل التي تؤثر  على الوضع في العراق بشكل أو بآخر تعمل كعوامل جذب أو طرد بين اتجاه أو آخر ،، وهي نفس العوامل التي تؤدي إلى الاستقرار بالنهاية .
 إن إزالة الديكتاتورية بالشكل الذي تم به أدى إلى أن يكون المجهول ،  وعدم وضوح البديل المطروح ،، فعلى الرغم من أن أمريكا ما تفتا تقول ويردد معها المرددين  غنائياتها عن التعددية والديمقراطية، أسهم بشكل واضح بوضع العراق على حافة الهاوية وأوصل الأمور إلى الدرجة التي وصلت إليها من الخطورة كون التغيير تم بمعزل عن  حركة الجماهير في العراق  وتمت بعيدا عن مشاركة الجماهير في عملية التغيير هذه المشاركة التي لو اتيح  لها   لأصبح الوضع غير ما هو عليه الآن ،، فالجماهير التي عزلتها الديكتاتورية بعيدا عن بقية الحركات السياسية التي بدورها لم تبذل أي جهد   لإيصال وأدامت روابطها مع الشعب العراقي إذ بان الفترة الماضية وانعزالها عن نبض حركت الشارع العراقي الذي لا زال يجهل الكثير من هذه الحركات التي ظهرت كإفراز للتناقضات التي كانت موجودة بين النظام السابق وأعدائه الخارجيين، فإلى الآن تنظر الجماهير إلى هذه الحركات وقياداتها كعملاء للأمريكان ، وكلمة مثل عميل ذات وقع سيء في نفس جماهير العراق ولا يخفى ما يعني العميل ،، فا نفصال الحركات السياسية عنة حركة الجماهير ومخاوف أمريكا من  حركة الشيعة في الجنوب هو الوجه الأخر لتزعم رجال الدين لحركة الشارع الآن ، والمطالبة بإقامة دولة إسلامية في العراق  ، فالجماهير برفضها لأمريكا والديكتاتورية ترفض معهم الطرح الذي تطرحه أمريكا والقوى التي سارت مع أمريكا للحرب ،  مما يعكس  عمق الأزمة التي تعيشها هذه الحركات  وإشكالية تكوين حكومة عراقية على المدى المنظور دون وجود المشرف الأمريكي ودون الحماية الأمريكية المباشرة للحكومة القادمة  فلن تكون الحكومة القادمة أكثر من أداة  بيد الأمريكان ولن تكون أكثر من ديكتاتورية بشكل جديد .   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة