الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف داخل الأسرة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 10 / 14
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


لا شك أن المواضيع التي نعيد طرحها مع أن الكثيرين أشبعوها نقاشاً هي مواضيع هامة ، وفي كل يوم تظهر لها آثار جديدة ، حيث أن الحياة تتغير باستمرار . قد تكون المعاملة الحسنة للطفل منذ قدومه إلى هذا العالم هي التي تساهم في تأسيس مجتمع سليم ، لكن هذا لا يحدث . إساءة معاملة الأطفال هي إساءة معاملة الطفل الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية أو العاطفية أو الجنسية. يعرض الطّفل للخطر و يضر بسلامته واحترامه لذاته ونموه. يشير الإيذاء العاطفي إلى الأفعال التي تضر بشعور الطفل بذاته بطريقة تسبب أو يمكن أن تسبب اضطرابات سلوكية ومعرفية وعاطفية. وهذا يشمل توجيه التهديدات لفظية والإهانات ، إجبار الطفل على العزلة الاجتماعية ،ترهيب الطفل أو استغلاله أو ترويعه .
يعتبر العنف ضد الأطفال من أكبر المشاكل التي تؤثر على الأسرة والمجتمعات. يحدث في جميع أنحاء العالم ، في جميع البلدان والمجتمعات .
ينص القانون الدولي بوضوح على حق كل طفل في الحماية من العنف. وهذا الحق مدعوم باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، و قد تبين أن الاتفاقيات هي مجرد بنود مكتوبة ينفذ جزء بسيط منها عن طريق إنشاء منظمة ما كي يقال أن الأمم المتحدة هي وسيلة فعالة، في الحقيقة لا قيمة للاتفاقية في بلاد مزقتها الحروب كسورية.
للعنف ضد الأطفال وجوه وأشكال عديدة: الاعتداء الجسدي ، والاعتداء الجنسي ، والإهمال أو المعاملة غير المستقرة ، والاعتداء العاطفي ، وأكثر من ذلك.
يمكن أن يؤثر العنف على الطفل لبقية حياته ، مع عواقب وخيمة على الصحة البدنية والنفسية والعقلية للطفل. بدون الدعم والرعاية الكافيين ، يمكن أن يكون للعنف والصدمات آثار طويلة المدى على نمو الطفل وحياته المستقبلية.
الأطفال الذين تعرضوا للعنف هم أيضًا أكثر عرضة لإدامة دائرة العنف ، ونقل أنماط العنف إلى أقرانهم أو للأجيال القادمة، فالبيت هو المدرسة ،حيث يتم فيه التعليم المصاحب ، فمن يعتدي والده على أمّه سوف يغضب في البدء ثم يتعود على الأمر فيرثه من والده في عقله الباطن بالنسبة للولد الذكر، أما الأنثى فتتعلم في تلك المدرسة أن تعنيف الأنثى و إهانتها أمر طبيعي ، كما أن التحرش طبيعي، وقد سمعت أباها يصف أمّها بالعاهرة مثلاً ، وهو يعتبر تحرّش ليس على الأم فقط بل على الأطفال أيضاً . هذا مثال فقط، المثال الآخر هو عنف الأطفال تجاه آبائهم، وهي ظاهرة آخذة في التزايد حيث يصل هذا العنف إلى درجة أن الطفل قد يقتل أحد والديه. إنها دائرة العنف!
قد يكون العنف الأسري من قبل أحد الوالدين ، أو كليهما، لكن بشكل عام يكون هرمياً حيث يكون العنف من الأب على الأمّ أمام الأولاد سواء بالإهانة أو الضرب ، تحاول الأم أن تستعمل الأولاد في حربها مع الأب ، فإما أن تضغط عليهم ليكونوا ناجحين وتفخر بهم، لكن الطريقة تكون غير صحيحة ، قد تكون عن طريق التهديد ، في جميع الأحوال من المهم أن تعرف أن العنف الأسري ليس خطأك أبدًا. الشخص الذي يستخدم العنف الأسري هو المسؤول عنه والطريقة التي يؤثر بها على أسرتك.
قد يؤثر العنف الأسري أيضًا على صحتك العقلية. من الشائع أيضًا أن يعاني الأشخاص الذين يتعرضون للعنف الأسري من الاكتئاب والقلق والتوتر واضطراب ما بعد الصدمة ومشاكل النوم، استخدام الكحول أو المخدرات الأخرى..

وإذا كنت تعاني من مشكلات نفسية مثل هذه ، فقد يكون من الصعب عليك التعامل مع تحديات الأبوة والأمومة. على سبيل المثال ، قد يكون من الصعب عليك :
إدارة الأنشطة اليومية مثل إطعام الأطفال، وإيصالهم إلى المدرسة واللعب معهم
ويمكن للعنف الأسري الذي يتخذ شكل الاعتداء الجسدي أن يتسبب في إصابات تجعل من الصعب عليك رعاية احتياجات أطفالك اليومية.
العنف الأسري بين الوالدين هو صدمة للأطفال. أن العنف الأسري يحدث بين الوالدين. وحتى لو لم يروه أو يسمعه أو يختبروه مباشرة ، فإنهم يتأثرون به.
هنا أرغب أن أضيف رأياً شخصياً قد لا يكون سليماً:
مع تزايد الصّراع في سورية قد يكون العنف ضد الأطفال هو في السماح لهم بالانضمام للمليشيا ، أو جعلهم يحملون لا فتات معادية أو موالية للآخر، أو يبثون لهم بثاً حياً يتحدث به الطفل عن شيء لا يفهمه بينما تم تلقينه إياه.
لا تغرّنكم صور الآباء الجميلة مع أبنائهم على الفيس بوك. هي صور للاستعراض فقط، من هنا نرى أن من هاجروا للغرب ، وتم سحب أطفالهم منهم يتهمون الغرب بالعنصرية مع أن القانون هو القانون، لكن عندما ينتقل الإنسان من بيئته قد يتعرض للاعتداء أكثر ، ومن آخر القصص في السّويد، وهي الدولة التي أعيش فيها : أن أزميرلدا ذات الثلاث سنوات من العمر كانت الدولة قد سحبتها من والديها لأنهم لا يصلحون للتربية، و استطاع الوالدان أن يستعيدا أزميرلدا إلى رعايتهما، لكنها توفيت ، وتبين أن في جسدها مخدرات حيث كانوا يسكتونها بالتخدير ، وغير أنه تمّ سجن الأم فقد حكم على البلدية بتعويض ضخم لأنهم تسببوا بوفاة أزميرلدا بإعادتها لعائلتها. في حالة أخرى تم تحويل أم و أب سوريين إلى السجن بعد أن أبلغت عنهم ابنتهم من المطار بأنهم مسافرون إلى تركيا كي يزوجوها ، فهل أقسى من ذلك العنف؟ مع استثناء أن هناك قضايا يتم فيها ظلم الأهل ، فلكل حالة استثناء.
الإساءة إلى الطفل تكون أيضاً عندما تجعل طفلك مادة إعلانية لك على الفيس بوك، أو وسائل التواصل الأخرى، وحتى الآن يتفاخر الأهل بأطفالهم عن طريق عرض نشاطاتهم وصورهم . الأطفال أبرياء، لكنّ الأطفال في الغرب عندما بلغوا سن الرشد أقاموا دعاوى على عائلاتهم لأنّهم وضعوا صورهم على الفيس بوك ، و تسببت لهم أحياناً بالإساءة، وحتى تم ملاحقة بعضهم جنسياً.
أعتقد أن العنف دائرة لن تخف في مجتمعنا السوري في الداخل ، و الخارج لأننا تربينا عليه ، وورثناه عن طريق العرف الاجتماعي ، مع وجود استثناءات طبعاً . لا زال الكثير من الآباء السوريين في الغرب يجبرون بناتهم على الحجاب وهن في سنّ الخامسة، أو العاشرة ، وهذا عنف ، لأن تلك الطفلة لا تعي لماذا أجبرت على ذلك ، ثم تتعود على كل ما تجبر عليه.
هل يمكن لذلك أن ينتهي في سورية ؟
العكس هو الصحيح، فهو سوف يستمر لأجيال إلى أن يأتي فيه يوم تتشكل فيه دولة مؤسسات عندها يمكن بناء الإنسان بدءاً من رياض الأطفال، ويستمر الأمر بعدها جيلاً أو جيلين حتى تصبح نسبة العنف العائلي مساوية لنسبته في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحظ يبتسم لمنتخب فرنسا في ضربات الترجيح ويتأهل لنصف نهائي ك


.. تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.. إليكم ما نعلمه حتى ا




.. مصر ومؤتمر الأزمة السودانية.. تحديات ملحّة تدفع للتحرك الفور


.. كيف يبدو المشهد في تل أبيب؟




.. تركيا.. طلاب جامعة ميديبول يتضامنون مع غزة في حفل التخرج