الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من رسائل البحر

هيام مصطفى قبلان

2020 / 10 / 15
الادب والفن


أعود للرسائل ،، لا تزعجوا النهر دعوه يمرّ ،، كما العمر وهو يمرّ ...يخطف من القلب رعشة..
ماذا في سلتي يا " عوليس" ؟؟ وقلمي المراوغ يفيض شوقا اليك ...لن أحدثك عن حزني
سأحدثك عن سعادتي الأولى وجنوني الأول : عندما اهتز فؤادي للمرة الأولى لم أكن طفلة شقية ولا مراهقة ولا شابة فتية,بل كنت أختلف عن غيري من بنات جيلي ، فشوقي مختلف ولهفتي لا تعرف الحدود ولا الأنانية، لهفة مجردة من العناق والعبث بمشاعر الآخرين ، غذيت هذه اللهفة بالعطف والحنان ، وارتويت من نهر البراءة وظلال الصنوبر وشممت عطر النرجس الجبلي وفي كرمنا الغني بالرمان والعنب والمشمش كانت تمتد يدي لتداعب نوار اللوز ويختفي ظلي وراء غيمة رافقتني في طريقي من بيتنا القديم الى الكرم.
كانت الغيمة تعرفني جيدا وتعرف لحظة ميلاد الفرح بي ، بدأت تمطر وعدت أدراجي دون أن أعانق الوجه الماثل أمامي ، الساكن بي ، لم أملك القدرة على مقاومته وهو يتحرك كما يسري الدم في شراييني ، وسماعه لغنائي أنا وسعادتي ، كانت العصافير تبكي فرحا وقصائدي تنطلق بخفة عبر النافذة لتعانق البحر والشمس والشجر وقطرات المطر تتراقص، تبلل شعري المتطاير فوق ظهري.
عشقت سعادتي كنت أكبر وهي تكبر تتسلق ذراع القمر تأخذني من يدي نلهو على رمال الشاطىء نضحك بصوت عال والناس ينظرون من حولنا بدهشة فالبحر بين مد وجزر ولعبتنا الطفولية لم تعد طفلة حيث اتخذنا من ضحكاتنا أجنحة لا تتكسر .
ذات شغف جلست وسعادتي على صخرة نلطّف أقدامنا من حر الصيف ونرمي بحجارة صغيرة الى قاع البحر كم خشيت الوحدة حين كانت تعتريني تلك الأفكار السيئة بأن سعادتي في حبي الأول ستنتهي ويلفظها الموج ،، أخرجت منديلي من جيبي خبأت شعري المتطاير والعاشق كقلبي النديّ الصغير وأحلامي المحلقة الخارجة عن القانون ، كان ذلك اليوم من الأيام الخالدة، لم أكن أتحدث عن ولادة السعادة لأنني فزعت من غيرة عمياء قد تحطمها ومن يد تغتال جنوني ، ولأن حلمي كان أكبر من أن تطأ قدماه الأرض فيتلوث بوسخ الطريق ويرتعش من نسمة هواء وينام على أعتاب السفر ، يتجول بين حقائب المسافرين ويطوف أرصفة المدينة يراقب المارة يتعثر بابتسامات فارغة من المعاني ومن فصاحة الكلام المتعطشة لشرب كأس من نبيذ العافية ، فيغفو دون ادراك ويضيع ،، يضيع ،،، ولأنني حرصت على حماية سعادتي كما تحمي الأم طفلها من نائبات الزمن والضياع ،، ننام جنبا الى جنب ، نتعطر بنفس العطر ، نرتدي ألوان الفرح ،، ونسمو بسعادتنا فوق الغيم ،، عشقت سعادتي وخبأتها داخل خزانة خشبية ورميت المفتاح خوفا من يد البطش تحرق المسافات الفاصلة بين قلبين ووطنين .
والآن يا صديقي " عوليس" أيها النهر ،،يا فارس القصيدة ،، ها أنا أقف كالغريبة أنتظر قدوم الفجر أعدّ ذيول الليل أتأمل فرار سعادتي من بين يديّ واحتراق المسافة الأخيرة بيني وبينها حين لامست قدماها أرض اليابسة وانتعلت حذاء المساء ولبست قناع الشهوة لم يعد بجعبتي ما أمليه على مسمع العصفور المهاجر ولا ذلك الفيض من البهجة والشوق لأن عناق روحي ساعة الولادة يختلف عن عناق طيفه البعيد البعيد ، بعد أن اغتيلت فيّ البراءة بدافع الشريعة ، شريعة الجنون ، جنون النصف الآخر ،، أرنو اليك لتسافر بي في رحلة بحث جديدة ، ما أصعب أن يفارق المحب سعادته وأحلامه الكبيرة في لحظة طيش وساعة احتضار فيصرخ الغياب ....!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟