الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ أحمد الكبيسي وشركاه .. مناورات وعاظ السلاطين ؟

داود البصري

2003 / 4 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                           
 

ماذا يجري اليوم في ترتيبات الساحة الداخلية في العراق في ظل ربيع بغداد المغمس بالدماء ؟

وإلى أين تمضي حملة الشعارات والشعارات المضادة من القوى السياسية والدينية والطائفية والعشائرية والحزبية التي تحاول سريعا سد فراغ السلطة والمؤسسات بعد أن تبخر نظام صدام البائد وأضحى حزب البعث أثرا بعد عين في لحظات سقوط تاريخية سيخلدها التاريخ عن أكذوبة الحزب القائد ؟ وعن جماهيرية الأحزاب السلطوية التي تستمد وجودها وشرعيتها من ماكنة الرعب وأدوات الموت السلطوية ثم لتسقط في حبائل أكاذيبها مع أول لحظات المواجهة الفعلية ؟،

وليس سرا .. إن العراق يعيش اليوم على شفا مرحلة إنتقالية من شأنها إعادة تشكيل المشهد السياسي العراقي والعربي برؤى وتطلعات وآفاق جديدة ولربما بأدوات سياسية جديدة غير تلك التي أستهلكت منذ أكثر من ثمانين عاما من التشكيل السياسي العراقي الخاطيء والذي أعقب الحرب الكونية الأولى ونتائج المناورات والمؤامرات الإستعمارية في تشكيل مصالح الشعوب والأنظمة ، ومما أدى بالعراق إلى كوارث نتيجة لأخطاء النخب السياسية والفكرية والدينية وتخلف النظام السياسي الملكي الذي لم يستطع الحفاظ على ذاته بل سقط مع مطامع العسكريين الذين سلموا بغبائهم الشعب العراقي تحت رحمة تقاطعات فاشية عشائرية طائفية متخلفة أنتجت زمرة الموت الصدامية البعثية التي هيمنت على العراق لأكثر من ثلث قرن لتخلق أجيال عراقية لاتعرف من الدنيا شيئا غير النظام ومصطلحاته وثقافته وردود أفعاله وتقويماته للأمور ! لتصبح مهمة البناء النفسي والسلوكي والحضاري والمعلوماتي للشعب العراقي واحدة من أصعب المهام وأدقها وأشدها حساسية ؟ فكيف يمكن التخلص من رواسب عشرات السنين من التدمير الإجتماعي والمنهجي والسلوكي في أسابيع وشهور قليلة وفي ظل أشنع حرب نفسية موجهة ضد العراقيين الأحرار وحكومتهم الوطنية القادمة ؟ ، لقد إنتهى النظام وتوارى في غياهب التاريخ فعلا ولكن مالم ينته ولن ينتهي بسهولة تلك المخلفات الفكرية والسياسية والطائفية لعقلية وأسلوب النظام البائد ؟ وهذا تحدي حقيقي ينبغي على العراقيين جميعا كسب رهانات التحدي لتغييره والمباشرة بإنشاء نظام سياسي وإجتماعي ليبرالي متحرر يتسم بالشفافية ويحمي كل صور التعبير السلمية ، ويلغي كل الأحقاد والعقد الطائفية والشللية والعشائرية والمناطقية .. إنها مهمة صعبة دون شك ولكنها ليست مستحيلة أمام شعب تقاطعت كل المصالح الإقليمية الدولية للهيمنة عليه وإذلاله وسرق ثرواته ؟.

أما تحركات النخب السياسية والدينية في العراق خلال الأيام القادمة فهي تثير العجب وتطرح أكثر من علامة إستفهام ؟ ففي يوم الجمعة البغدادية العظيمة بزغ في بغداد فجأة صوت وصورة الشيخ أحمد الكبيسي قادما من تلفزيون دبي ! والذي تحدث وقتها بلغة تحدي بل إعلان حرب ضد الوجود الأميركي تحت صفة : ( رئيس رابطة علماء العراق )!! وقد هدد وقتها بالويل والثبور مادحا الشيعة داعيا لهم بأن ( يبيض الله وجوههم ) دون أن يقول كلمة واحدة ضد النظام الصدامي البائد ؟ .. ثم تحول المشهد شيعيا هذه المرة صوب مدينة ( كربلاء ) حيث يوم الحزن الشيعي الكبير في أربعينية الإمام الحسين ( رض) والذي شهد مناظرا تعبر عن حالة الحرية المفاجئة التي جاءت أولا وأخيرا بسبب العمل العسكري الأميركي الذي أسقط النظام وأتاح للجماهير العراقية حرية التعبير فإذا بشعارات طهران تظهر فجأة في كربلاء لتدعو  ( للموت لأميركا )!! والسقوط للشيطان الأكبر ؟ وفي مفارقة غريبة تداخلت فيها مناورات والأعيب ( إطلاعات ) ومخابرات الحرس الثوري مع سذاجة الجماهير المهووسة بنصرها الكبير والذي للأسف لم يحققه سوى الأميركان !! وهذه هي الحقيقة العارية دون رتوش! لتلتقي شعارات الكبيسي مع لافتات كربلاء! في وحدة تداخلية غير متجانسة النغمات ؟ فهتافات الشيخ الكبيسي وشعاراته مختلفة إتجاهاتها بالكامل عن أهداف المسيرات الكربلائية! إذ سرعان ماظهر الكبيسي مرة أخرى تحت صفة جديدة هذه المرة هي : (الجبهة الوطنية لمسلمي العراق )!! ليتراجع عن تصريحاته الحادة السابقة وليؤكد بلغة شفافة ومتسامحة من أن الأميركان لن يخرجوا من العراق إلا بعد أن يقيموا النظام الذي وعدوا العراقيين به ؟؟؟ وهو تحول سياسي خطير وملفت للنظر ويعبر عن مناورة سياسية بارعة تعيد للأذهان ذكرى المساومات التي قام بها علماء الدين المرتبطين بالدولة العثمانية سابقا والذين حولوا ولائهم لاحقا للبريطانيين بينما كانت المرجعية الشيعية وقتها تقاتلهم!! لتفوز النخبة العثمانية بالكعكة العراقية لاحقا تاركة للشيعة معارضة النظام الملكي الذي قام وليدفعوا ثمن ذلك الموقف السياسي القاصر حتى اليوم ؟ فهل يكرر التاريخ نفسه ولكن بصورة هزلية هذه المرة ؟ وهل سيندفع الشيعة في العراق صوب شعارات مستوردة وبائسة لاتعالج الخصوصية الحادة للمعضلة الوطنية العراقية ! خصوصا وأن العراق يتشكل اليوم وفقا لقواعد وأسس جديدة قد يكون فيها الشفاء التام للجسد العراقي المريض ، أو قد ينتهي العراق الذي نعرفه وإلى الأبد ؟ ففي الطريق إحتمالات وتيارات وإتجاهات وجميعها تؤشر على دقة وحراجة المرحلة الراهنة وحيث يعيد التاريخ العراقي تشكيل ذاته ؟

وفي معلومات موثقة وصلتني من داخل العراق إشارات تأكيدية على أن التيار الديني الذي يمثله الشيخ أحمد الكبيسي وبعض شيوخ سامراء وهيت وعانة ومناطق أخرى قد عرضوا خدماتهم على الأميركان للوصول لنوع من التفاهم حول طريق المستقبل !!! مؤكدين في الوقت ذاته للأميركان قدرتهم على ضبط إيقاعات تحرك الشارع الإسلامي في العراق ؟

فهل سيدفع الشيعة ثمن الشعارات غير المسؤولة التي ترفع هذه الأيام في شوارع بغداد ؟ وهل سيتم تقاسم (الكيكة العراقية ) بالطريقة المألوفة ! فيما لايظل للشيعة من وسيلة سوى اللطم والندب وشق الرؤوس ؟ لتكرر الفجيعة العراقية ذاتها الجريحة مرة أخرى ؟

في العراق براكين غضب وتوجس وإتجاهات وآمال ، ولكن هل سينجح وعاظ السلاطين في لعبتهم الجديدة ؟.

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة