الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة حول الآليات الدولية والمحلية لمحاربة الافلات من العقاب ( 41 / 16) ..ه

أرام عبد الجليل

2006 / 7 / 10
حقوق الانسان


الفقرة الثالثة: دور محكمة يوغسلافيا في إزالة التفرقة

لقد ساهمت المحكمة الجنائية ليوغسلافيا في إرساء القواعد القانونية التي تحكم النزاعات المسلحة الدولية على النزاعات والحروب الداخلية، فمثلا فقد تضمن النظام الأساسي للمحكمة المادة الخامسة الخاصة بالجرائم ضد الإنسانية فتلك الجرائم من الممكن أن ترتكب إبان نزاع مسلح سواء كان ذا صبغة دولية أو داخلية…

وقد حاول ممثل الادعاء في محكمة يوغسلافيا أن يتبع استراتيجية قانونية ليصل إلى تذويب التفرقة بين النزاعين، وذلك عبر طرق ثلاث:
1- بسط القواعد التي تحكم النزاعات المسلحة الدولية لتشمل النزاعات المسلحة الداخلية، ومنها محاولة تطبيق نصوص الانتهاكات الجسيمة الواردة في اتفاقيات جنيف التي تطبق غالبا على النزاعات المسلحة الدولية لتطبق على النزاعات المسلحة الداخلية.
ففي قضية تاديتش الشهيرة نجح المدعي العام في إقناع غرفة المحاكمة أن اختصاصها على الانتهاكات الجسيمة ليس متوقف على وجود صراع دولي مسلح(1). وعلى الرغم من أن غرفة الاستئناف قد خالفت هذا القرار، حيث انتهى الرأي الغالب لقضاتها إلى أن الانتهاكات الجسيمة لا يمكن تطبيقها إلا على النزاعات المسلحة ذات الصبغة الدولية، إذ حسب المحكمة أن العرف الدولي المستقر لم يتغير بعد، وانتهت في الأخير إلى رأي راجح يقر بتواجد قواعد عرفية يمكن تطبيقها على الانتهاكات الأخرى (غير الجسيمة) أثناء النزاعات الداخلية، وأن هذه القواعد العرفية تغطي العديد من المشاكل ، كحماية المدنيين من العمليات العدائية من الهجمات غير المميزة، وحماية الأهداف المدنية ،وبصفة خاصة الممتلكات الثقافية، وحماية الأشخاص الذين لا يشتركون في العمليات العدائية، وأيضا حظر وسائل الحرب المحرمة في النزاعات المسلحة الدولية ومنع بعض الطرق المستخدمة في العمليات العدائية(2) .

2- يقوم المدعي العام من أجل تطوير قالب من القواعد المشتركة الموحدة لتطبق على نوعي النزاعات، بالاعتماد على المادة الثالثة من قانون المحكمة المتعلقة بمخالفة قوانين وأعراف الحرب لتطبيقها على النزاعات المسلحة الداخلية التي حدثت بيوغسلافيا السابقة، التي قامت غرفتها الاستئنافية في قضية تاديش بتبني هذا الاتجاه، وذلك كالتالي:
أ‌- لقد أوردت الغرفة الاستئنافية أن المادة الثالثة من القانون الإنساني الدولي والتي لم تشملها أحكام المواد الثانية والرابعة والخامسة من هذا القانون.
ب‌- قررت الغرفة الاستئنافية للمحكمة "أن المادة المشتركة من اتفاقية جنيف الأمر قالبا من القواعد المشتركة التي يمكن تطبيقها على نوعي النزاعات معا، وإن تلك المادة لاتحوي فقط قواعد موضوعية تحكم النزاعات المسلحة الداخلية، بل أيضا آلية إجرائية تدعو أطراف النزاع الداخلي إلى الموافقة على أن يلتزموا بباقي القواعد الواردة باتفاقيات جنيف"(3).
وبالتالي، فإن الاستاذ عادل ماجد يرى أن تلك المادة يمكن اعتبارها كنص احتياطي يتيح مد حالات الاختصاص ،عندما تعجز النصوص الأخرى الخاصة بالانتهاكات الجسيمة والإبادة الجماعية ،والجرائم ضد الإنسانية عن تغطية ذلك.

ج- لقد انتهت الغرفة الاستئنافية إلى "أن العديد من المبادئ التي يتضمنها نص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقية جنيف لسنة 1949 والتي تحمي ضحايا النزاعات المسلحة الداخلية قد ارتقت إلى مرتبة قواعد القانون الدولي العرفي، وبالتالي، فإن نص المادة الثالثة من قانون المحكمة والتي تردد حكم المادة سالفة الذكر تعطي أي انتهاكات شديدة لقواعد القانون الدولي العرفي والتعاهدي، ومن الممكن أن تؤدي إلى تقرير المسؤولية الجنائية الفردية في حالة مخالفتها"(4).

3- محاولة التعويل على فكرة الجرائم ضد الإنسانية لتطبق على جميع أنواع السلوك الإجرامي أثناء تلك النزاعات باعتبار أن أي سلوك إجرامي يرتكب أثناء النزاعات المسلحة الدولية أو الداخلية غالبا ما يشكل جرائم ضد الإنسانية، حيث يمكن أن يفهم من منطوق الفقرة 141)، أن الجوهر العام للعديد من القواعد والمبادئ التي تحكم النزاعات المسلحة الدولية أصبح من الممكن الآن تطبيقه على النزاعات المسلحة(5)

هوامش
1 . لقد أوردت غرفة المحاكمة في قضاء غير مسبوق أنها تختص بنظر ما ورد بقائمة الاتهام من جرائم حرب الانتهاكات الجسيمة وفقا لاتفاقية جنيف (المادة الثانية من قانون المحكمة)، وانتهاكات لقوانين وأعراف الحرب (المادة الثالثة من قانون المحكمة)، وجرائم ضد الإنسانية (المادة الخامسة من قانون المحكمة).
2. إضافة إلى ذلك فقد ردت غرفة الاستئناف على الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت للمحكمة أثناء نظر تلك القضية رأيا استشاريا فيما يطلق عليه (رأي صديق المحكمة AMICUS CURIAE ) الذي جاء فيه "بأن نصوص الانتهاكات الجسيمة الواردة بالمادة الثانية من قانون المحكمة الدولية تنطبق على النزاعات غير ذات الصبغة الدولية كما هو الحال في النزاعات ذات الصبغة الدولية، حيث أقرت المحكمة في ردها بأنه "يبدو أن عدم الأخذ بذلك الرأي لا يتمشى مع الاتجاه السائد حاليا لممارسة الدول وفقه حقوق الإنسان الذي يرمي إلى محو التقسيم التقليدي بين الحروب الدولية والنزاعات الداخلية، فضلا عن أن التصريح المتقدم يعلن بوضوح عن وجهة النظر القانونية لأخذ أعضاء مجلس الأمن الدائمين في مسألة قانونية غايةفي الحساسية، ومن هذا المنطلق يقدم أولى الدلالات لإمكانية التغيير في رأي قانوني مستقر لدى الدول، وإذا ما قدمت دول وكيانات دولية أخرى على مشاطرة هذا الرأي، فإن تغيير ا في العرف الدولي فيما يتعلق بمجال تطبيق نظام الانتهاكات الجسيمة قد يتجسد تدريجيا.
- انظر قضية تاديش الفقرة 83 ورد في المرجع السابق، ص 58.
3 . قضية تاديش، الفقرة 103، نفسه ص 59.
4. قضية تاديش، 102 و 134، وأيضا الفقرة 132 من قضية فورونذريا أكتوبر 1998، نفسه.
5 . وهذا ما طرحه Fisccher Horest في كتابه Scope of jurisdiction ، حيث جاء في الفقرة 141 ما يدعم هذا "الطرح" أنها قاعدة مستقرة الآن في العرف القانوني الدولي، إن الجرائم ضد الإنسانية لا تتطلب صلة بنزاع دولي مسلح .. بل إنه وفي حقيقة الأمر، فإن العرف القانوني الدولي لا يتطلب أية صلة بين الجرائم ضد الإنسانية وأي نزاع على الإطلاق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد


.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06




.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في


.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس




.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على