الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية مقارنة لنهج الدعاية السوداء غربياً وعربياً

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 10 / 16
الصحافة والاعلام


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى منظومات الدعاية السوداء في العالم الغربي، وتلك القائمة في العالم العربي؟

مصعب قاسم عزاوي: في العالم الغربي، تم تعضي منظومات الدعاية السوداء لتتسق في كينونتها الإخراجية مع متطلبات الديكور الشكلي للعبة الديمقراطية في الغرب، بحيث أصبح جل عمل ماكينة الدعاية السوداء مرتهناً بيد مؤسسات خاصة، تتبع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لنسق مصالح الفئات المهيمنة على المجتمعات الغربية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ممثلة بالمجمعات الصناعية العسكرية التقانية وشركاتها العابرة للقارات في تلك الدول، وبحيث ارتقى ذلك التعضي المؤسسي خلال صيرورة تكونه وتطوره التاريخي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى درجة عالية من المخاتلة والدهاء والخبث في آلية استبطانه للحقائق وهضمها معرفياً وإعادة إنتاجها عبر وسائل الإعلام الخاصة بطريقة مفرطة في الانتقائية والتفسير الأحادي الاتجاه، بما لا يخالف النسق الضمني المتفق عليه بين كل المشتغلين في عملية صناعة الدعاية السوداء المواربة كجزء محوري من دور وسائل الإعلام في الغرب، وهو العرف المهني الذي يدركه سواء بشكل واع أو استبطاني كل مشتغل في الحقل الإعلامي في الغرب، إذ أن كل من يخفق في تفهمه أو استبطانه سعيداً أم مرغماً، مصيره اللفظ من بنيان العمل الإعلامي؛ حتى أصبح في المآل الأخير نموذج نتاج الدعاية السوداء الإعلامي في الغرب مفرط الحرفية وبالغ التبئير في قدرته على الفتك في انتقائيته وتزييفه للحقائق بطريقة شبه عصية على الاختراق. مع ضرورة الإشارة إلى بعض الاستثناءات لشخوص وهامات فكرية وصحفية خارجة عن الجوقة، دون أن يشكل أي منهما فعلاً حقيقياً موازياً بأي شكل من الأشكال لقدرة الفتك الإعلامي للوسائل الإعلامية المتسيدة في الغرب.

وكمثال مبسط تحتاج إلى النظر إلى التوصيف في وسائل الإعلام الغربية المسيطرة لأي فعل يقوم به مقهورو العرب تجاه الغرب ومصالحه، سواء في مظاهرة على حدود الاحتلال العنصري في غزة، أو في قوافل المهجرين المظلومين الذين لم يبق لهم من خيار للبقاء الكريم على قيد الحياة سوى في المخاطرة المهولة في رحلة هجرة مضنية إلى أوربا، لترى الرهاب والرعب الهذياني من طوفان الإرهاب الذي ينتظر على الأبواب ليبتلع مجتمعات غربية بأسرها حاضراً في التحليل وسرد آراء الخبراء والساسة المطلعين ضمن أي تغطية لذلك الخبر سرداً، أو تحليلاً، أو تنظيراً. أما أي سياسات إبادة جماعية يتبناها وكلاء المجمع الصناعي العسكري التقاني الغربي وشركائه العابرة للقارات ممثلة بالغول الصهيوني الارتزاقي بنيوياً ووظيفياً، فهي دائماً تقع في حيز الحق المشروع في «الدفاع عن النفس» وحماية المجتمعات الغربية من «طوفان المهاجرين» وما يحمله في طياته من خطر «تسلل الإرهابيين والمتطرفين بين أرتالهم وجحافلهم».

أما في العالم العربي، فالدعاية السوداء، لا زالت في طورها الجنيني المسخي الأول، الذي لما يبارح مستوى وحشية وصلف الدعاية السوداء النازية إبان الحرب العالمية الثانية، والتي تستند في أسها المنهجي والتكويني على علاقة لا تنفصم عراها بين آلية عمل أدوات الدعاية السوداء وكينونة الاستبداد المقيم في العالم العربي، وبحيث تكون الدعاية السوداء استطالة طبيعية للاستبداد العربي، وأحد تمظهرهاته المتعددة المتمثلة في استيلائه الكلياني على «السلطة والثروة والإعلام والمرجعية الفكرية» وفق توصيف المفكر الراحل طيب تيزيني.

وكما يسهر على توطيد دعائم الاستبداد بشكله العربي البائس مؤسسات أمنية وقمعية وسجون وعسس وبصاصون وجلاوزة وجلادون، فهناك طبقة متخصصة من الأبواق والمثقفين الخلبيين، والكتاب المرتزقة في مؤسسات إعلامية شكلية جوهرها مؤسسات أمنية متخصصة بالدعاية السوداء يقوم بتشغيلها رقباء متخصصون في ترسيخ هيمنة الطغاة والمستبدين إعلامياً، حتى لو كان بطريقة فجة، همجية، هذيانية في كثير من الأحيان، تخجل منها رقاعة الإعلام النازي في غير موضع زماني ومكاني من الخارطة العربية. وأمثلة التفتقات الأسطورية لتلك المؤسسات الإعلامية الأمنية العربية في التهم الفكرية الجاهزة لكل من سولت له نفسه بانتقاد الاستبداد وزبانيته، لتنهال عليه كل التهم «بالنيل من هيبة الدولة»، و «الاستقواء بالخارج»، و«التعامل مع جهات معادية لمصالح الوطن»، و «إضعاف الثقة بالاقتصاد القومي»، و«وهن عزيمة الأمة»، و«إقلاق السلم الأهلي»، وما شابهها من تخرصات أمنية بلبوسات إعلامية أو صحفية أو قضائية لا تبارح جوهرها الثابت في كونها تمظهرهات ولبوسات لاستبداد وحشي متغول على كل فضاءات الحياة العربية المختنقة عمقاً وسطحاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس