الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويعود الحب الى وصاله … ! ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 10 / 16
الادب والفن


تُلملم اغراضها ، محاولةً حبس دموعها … ثم تجهش بالبكاء … لقد طردها ناكر الجميل … اخذ اطفالها ، وتركهم عند امه … ليحرق قلبها … انه يعلم كم هي تحب اطفالها ، وكم هي متعلقة بهم … عصام ، وهشام … اه … ! كم احبهم … ! هذه المرة الاولى التي يبتعدون عني …يا ربي ؟ ولكني احب ابوهم هذا الملعون ايضا … احبه … يا ربي ! وقال لها انه لا يريد ان يراها عندما يعود … لقد سأم ، وتعب من غيرتها ، وشكها به … انه برئ من كل الوساوس التي تعبث في راسها ، وقلبها …
وساوس … عملت منها وساوس … يا غدار ! الله على الظالم … !
ولكنه سيندم عندما يعود ، ولم يجدني في البيت كما كنت كل يوم … يجد طعامه الشهي الذي افني نهاري كله في عمله ، وعمل كل الاكلات التي يحبها ، والبيت نظيف يتلألأ مثل المرايا … سيندم … اكيد ! الغدار !
تستمر في البكاء ، والنشيج اين هذا الشال … الشال … الشال … ها انه هناك … تاخذه ، وتضعه في الحقيبة … ماذا فعلت ليطردني … الجاحد البصاص … يقولون بان الكلب يشعر بالزلزال قبل وقوعه ، وكذلك المرأة تشعر بان امرأة في حياة زوجها ، ولا فرق بين الزلزال ، والمرأة في حياة الزوج … هذا زلزال وذاك زلزال … ما هذه المقاربة … يا نادية ؟! تجيب : والله الكلب اشرف من جنس الرجال … جنس نمرود … سلالة شياطين … فهو على الاقل وفيّ ، ولا يخون صاحبه ، ولا يبصبص لغيره …
اما هذا الجنس الكافر الملعون … مرة تشتم رائحة غريبة في قميصه ، ومرة لطخة تبدو حمراء ، وكانها روج … تتنشج … تتنشج ثم تنفجر ، وكأنها تتذكر شيئاً … مبرراته جاهزة ، وحاضرة … الكذاب … اكبر كذابين الرجال ، ومهرجين ! واولهم هذا ابو العين الفارغة ! تشهق شهقة قوية ، وكأنها تسترد انفاس الحياة … !
كيف تجرأ ، ونعتني بالكلب البوليسي لمجرد انه كبسني مرة ، وانا اشمشم بملابسه … تبكي ، وهي تحاول ان تستعيد تلك اللحظة باكملها ، وكأنها تشعر بالخجل مما قامت به … وماذا بها … ؟ زوجي واحبه ، واخاف عليه من الموظفات خطافات الرجال … لكن ليس الى هذا الحد … يا نادية صارت بلا ملح … ترد على نفسها … ! يقول اين اعمل … هذا عملي ، وهذه طبيعته … اين تريدينني ان اعمل … في جامع … ؟ لماذا لم تتزوجي شيخ … ؟ ولعلمك الشيوخ اكبر بصاصين ، وخونة اذا نحن مكتفين بواحدة فالشيخ سيأتي بثلاثة معكِ … وتشكلين معهن فريق … اربعة … اربعة … وهو يشير باصابع يده الاربعة ، ويلوح بهما في وجهي … ولن ياتي دورك الا بعد اربعة ايام … اما انا … وليد الوردة … فمتوفر اربعة وعشرين ساعة تحت الطلب ، وجاهز للخدمة … خاصةً خدمة الغرف … في اية لحظة … خدمة يومية … سوبر ديلوكس … ها وبعدين … لا تنسين … لا كرش ، ولا لحية تبزبز …
والبيرة اللي تبلع بيها اربعة وعشرين ساعة … ابو البيرة … ! تلاسنه !
ثم تعود الى التذكر … إحمدي ربك … إحمدي ربك يا مخلوقة ، وتعوذي بالشيطان من هذه الوساوس … او … اقول … اقتراح اخير … تزوجي جني صالح … تنفجر ثانية في البكاء تقطعه نشغات متتالية ، ولكن بدون دموع هذه المرة ، وشبح ابتسامة على وجهها … جني صالح … انا اتزوج جني صالح … يتمسخر جنابه عامل نفسه منكت … ثقيل الدم … المكروه … انتم يا جنس الرجال جنانوة … عندي جني لكن عاق ، وغير صالح … صالح بس لل … ولل … يا ربي ! كيف لي ان اتحمل فراق اولادي … اولادي … هشام ، وعصام احبائي ، حبايبي … وهذا الملعون … يا ربي !! تقوم متثاقلة ، وتتصل بخدمة تكسي كريم ، وتعطيهم العنوان … !
يطردني … سيندم ساحكي القصة كلها لابي ، وسياتي ليقتلع عينه هذه البصاصة … تنشغ نشغة واحدة ثم ثانية ، وتعود ، وكانها تذكرت أمراً … ثم تهدء … وتناجي نفسها ، ولكنها تبدو محبطة هذه المرة : لكن ابي … انا اعرفه … دائما ياخذ جانب الأزواج هكذا مع كل اخواتي ، ويقول بان المرأة مهما اختلفت مع زوجها ستعود له في النهاية … فلم اذن ياخذ هو جانبها ، ويؤزم الوضع ، ويكون هو السبب بما لا تحمد عقباه … هذه فلسفة ابي … ابي لا يعول عليه … اخواني … لا لا لا انهم متهورين ، واخاف ان يقطعوا شعرة معاوية بيني وبين زوجي ، وانا احبه ، واريده هذا النمرود … ابو الريحة الحريمي ، والروچ … اه يا ربي … ! تبكي هذه المرة ، ولكن بدموع !
هذا الغدار … أنسي ايامنا الحلوة … ؟ أنسي كم اعطيته من حب ، واهتمام … ؟ ايفرط بكل هذا بهذه السهولة … أنسي الورود عصام ، وهشام … الهدية الجميلة التي اهديته اياها … ؟ كان يحلم بظفر ولد ، وانا اعطيته اثنان هذا الرافس للنعمة … تنفجر في بكائها … ثم تعود الى لملمت اغراضها ، وهي تواصل البكاء …
تسمع هورن سيارة … تنظر من الشباك … تشاهد السيارة واقفة امام الباب … تقفل الحقيبة ، وتنزل بدون رغبة … تقدم رجل ، وتؤخر اخرى … لماذا اتردد … ؟ جبانة … طول عمري جبانة … انظري الى اختك وداد عاملة من زوجها محمود خروف ، تعال محمود ياتي محمود ، اذهب محمود يذهب محمود ، نام محمود ينام محمود … مثل الطلي … تحركه بالرموت … اما هذا النمرود لا استطيع ان افتح فمي الا ، والجواب جاهز ، ولسانة متر ونص … يا ربي ! تمسح دموعها ، او ما تبقى منها … !
تنزل … يستقبلها السائق ، ويأخذ الحقيبة … تصعد في السيارة ، وتنطلق بها الى البيت القديم … الى بيت اهلها ، والالم يكاد يعصر قلبها … انها المرة الاولى التي تترك بيتها ، واطفالها ، وزوجها … !
تستقبلها الاسرة بلا مبالاة ، وبدون دهشة ، وهم ينظرون الى الحقيبة اكثر مما ينظرون اليها … تستقبلها امها ، وتقبلها … ثم ياتي ابوها … يستقبلها ببرود ، وكأنه لم يفاجأ … وكأنه يعرف كل شئ … تجهش في البكاء … يقول والدها اذهبي الى غرفتك ، وارتاحي … لا تزال الغرفة كما هي تنتظرك … تصمت ، ولكن في قلبها احتجاج ، ولكن هذا ابوها ، وليس وليد حتى تحاججه ، وتلاسنه ، وتاخذ وتعطي معه … تصمت ، وتطيع ، وتنفذ … ثم يغمز الاب زوجته التي تبدو انها هي الاخرى تعرف كل شئ ، وهو يقول : دعيها ترتاح كم يوم ، ويحلها الحلال … !
تمر الايام ثقيلة ، وهي لاتزال مرمية في غرفتها كسلعة فائضة عن الحاجة … مستعيدة ًذكرياتها الجميلة مع زوجها ، واطفالها … مستسلمةً لعذوبة الأحلام … تخرج من نوم ، وتدخل في آخر … ولا حس ولا خبر … تكلم والدتها … تشمشم الاخبار … تتحجج بالحنين الى اولادها … حتى بلغت بها الأشواق منتهاها … في جو من الصمت ، والقلق ، والوالد كابو الهول لايبدو منه اي شئ ، والام مطيعة ، وتنفذ الاوامر … تشعر ، وكأنها تغوص في الحصار الذي ضربه الجميع حولها … نادية في ورطة الان ! هل تتراجع … ؟ لا تستطيع بعد ان اجتازت كل ذلك المشوار … يا ربي ؟
كيف القت بنفسها في هذه الورطة ، وكيف الخلاص … انها في شوق الى بيتها ، واولادها ، وحتى الى هذا الملعون ابو المشاكل !
وذات مساء تناهى الى سمعها طرقا خفيفا على الباب … تفتح ، واذا به ابوها … تُطرق ، وكأنها تشعر بالخجل … يتكلم الوالد : ارتاحيتي … ؟ وليد جالس في الصالون ينتظرك … خفق قلبها خفقة مفاجئة عند سماعها اسم وليد ، وكأنها تسمعه لاول مرة ! وقد اخبرني بكل شئ ، ولعلمك انا اعرف الموضوع منذ بدايته … ثم يلقي عليها محاضرة في العلاقات الزوجية ، ويدعوها الى ان تحرر نفسها من هذه الوساوس ( حتى انت يا ابي عملت منها وساوس … هل اصابك هذا ابو البيرة بالعدوى ) ولكنها مطرقة ، وهي تسمع بنصف عقل ، وقلبها بدء يرتجف مذهولا ، وقد هرب في أعماقها عندما سمعت باسم زوجها وليد ، وحبيبها ، وكأنها تريد ان تطير … غريبة لقد شعرت بانها تحبه اكثر مما كانت ، ولا تستطيع الاستغناء عنه ، وعن اطفالها لحظة … مستحيل … لقد قضت تلك الايام في عذاب ، والم … وكم افترس الخوف ، والقلق ، والحنين قلبها … ! اليس الجميع يقولون وساوس … ربما هي مخطئة ، وهي فعلا وساوس … فلتكن اذن : وساوس وساوس وساوس … …
ويعود الحب الى وصاله … !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا