الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل هيلاري الافتراضية أسقطت أنظمة افتراضية ، فكيف لو إستخدمت كلينتون صواريخ البنتاغون ...

مروان صباح

2020 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


/ بين مقولات هيغل يوجد مقولة استحضرها مِّن مكتبته الفكرية ، تقول ( الحسد أغبى الرذائل ) وأنا بدوري سأقوم بإعادة استخدامها بطريقة تخدم مقالي هذا ، التفكير الغبي أغبى الرذائل ، وهذا يدعوا الجميع لكي يقدموا حسم حاسم للماضي لكي لا ينخرط الحاضر والمستقبل في ماضي مشابه للماضي الغبي ، لا شيء ، بالطبع ، بل لعل من البلاهة القسرية أن يفكر أي سياسي أن الدول الكبرى تتحرك بدافع نشر التبشير والخير تماماً كما تصنع الجمعيات الخيرية أو أن الدول الاقليمية ، ليست سوى جارات يرفعون شعار حسن الجيرة ويتمنون السكينة للجميع ، وبالتالي لم تكن إدارة الدول بالأمر السهل ، فكيف إذا كانت دولة كدولة مصر تتمتع بوقع استراتيجي ، تجعلها أم الاستراتيجيات ، فمصر بحجمها السكاني الكبير وموقعها الاستراتيجية ومسئوليتها التاريخية تعتبر هدف مؤكد لكل الدول الاقليمية ( المنافسة على القرار السياسي والنفوذ ) أو الدول الكولونالية ، إذن إدارتها في الأوقات الطبيعية ليس بالأمر اليسير ، فكيف إذا كان حالها ، حال اليوم ، تحديداً بعد الثورة الشعبية التى أطاحت بنظام حسني مبارك ، المكمل لنظام السادات ، عاشت مصر بغيبوبة في الحقيبتين ما بعد عبدالناصر ، ليس فقط سياسياً بل على الصعيد الإنمائي ، وبالرغم أن عبدالناصر ترك البلد على طريق الإنتاج المنافس ، كانت مصر تعتبر من الدول الخمسة في العالم الثالث ، الناهضة بالصناعات والزراعة والإنتاج ، ايضاً لم تتعدَّ ديونها الخارجية 2 مليار دولار بالرغم أن معظم الديون انفقت على 1200 مصنع منها السيارات والصواريخ المتطورة وغيرها ، والزراعة بشكل خاص وايضاً سد العالي الذي كان عبدالناصر يعتبره مشروعه الشخصي وحلمه الذي سينقذ الشعب المصري إلى عقود طويلة ، لكن سرعان أحوال البلد تغيرت في عهدين السادات ومبارك ، بلغت الديون في عهد الأول ب22 مليار والاخر وصلت إلى 80 مليار واثناء حكم مرسي أضيفت عليها 9مليار دولار حتى وصلت اليوم إلى 111مليار ، على الرغم أن عبدالناصر خاض ثلاثة حروب ، وحرب استنزاف وكانت حزينة الدولة تمول جميع حركات الوطنية العربية ، على سبيل المثال حرب اليمن لم تكلف الخزينة أموال كبيرة كما يروج لها ، بل في الحقبة الناصرية وصل الناتج المحلي المصري إلى 5,1 مليار دولار سنوياً ، وهذه الارقام صادرة عن بنك النقد الدولي ، أما في المقابل ، كورونا الجنوبية الدولة المنافسة لمصر حينها ، بلغ ناتجها السنوي 3 مليار ، وهذا الفضل يعود إلى تنفيذ الحكومة المصرية إلى أكبر قاعدة صناعية .

إذن ، خسر المصريون في العقود السابقة قطاع الصناعي والزراعي والتطوير العلمي والتنظيم السكاني ، وبات البلد على حافة الانفجار إلى حد أنه بالفعل انفجر مرتين وليس مرة واحدة ، الأول الذي اطاح الانفجار بمبارك والآخر بعد تنامي الخوف لدى المصريين من حكم الإسلاميين ، وبالتالي كل ما يقال في قضية رسائل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ، ليس دقيقاً بل معيب ، لأن التدخلات العالمية وفي مقدمتها قطر كدولة تحتضن حركة الاخوان المسلمين أو تركيا لاحقاً ، جاءت جميعها بعد ثورة الشعب على النظام ، بل السؤال الذي من المفترض طرحه ، لماذا نجحت التدخلات الخارجية في كل من اليمن وليبيا وسوريا ولم ينجح التدخل في مصر ، ببساطة لأن الجيش المصري كمؤسسة ومؤسسة المخابرات العامة تأسستين واستمرتين على بنيوية وطنية ، وليستا تابعتان إلى قبيلة أو طائفة أو عائلة ، وبالتالي عندما جاء الرئيس السيسي كان من السهل له الشروع في حركة إعمار البلد من الصفر دون أي إعاقة ، طالما الجيش والأجهزة الأمنية معه وأغلبية الشعب على الأقل ، وافقوا في إعطاء المرحلة الجديدة فرصة ، في نهاية المطاف الناس تراقب وتلامس حجم التغير الحاصل ، إذن ، تحميل فشل السابق على التدخلات الخارجية وحصرها برسائل هيلاري أو الاخوان أو قطر ، جميعها محاولات لا تقنع أي طفل في الشارع ، وكل من يتكاء عليها ، باختصار ، لا يوجد لديه حافز بالتغير ، لأن لا يصح ولا مقبول ولا معقول ، أن يواصل البعض تقديم مسلسل التبرير للمراحل السابقة التى كانت السبب في تخلف مصر وليبيا واليمن وسوريا وأن يضع الشعب بين الانحطاط السلطوي والتدخلات الخارجية ، فالمشاريع الاقليمية أو الخارجية الجميع يعلم بمخاطرها ومشروع الاخوان المسلمين واضح والتنظيم لا يخجل منه ، لكن السؤال المركزي ، هل الأنظمة العربية تعلم بذلك ، وإذا كانت على دراية لماذا أوصلت بلدانها إلى هذه المواصيل التى سمحت لعابر الطريق أن يتدخل في شؤونها ويحلم في السيطرة عليها .

لم تتوقف المكنة القديمة عن تجديد نفسها ابداً ، بدأت في الغرب مع صناعة الرأي الاستشراقي بين النخب والناس العاديين ، واستمرت في تجديد خطابها مع كل مرحلة لكي تتلاءم مع الحداثة التى تطرأ دون تحقيق من الأغلبية ، كانت تُقدم كما هي ، وتُقبل على ما هي ، وبالتالي ترسخ مع الوقت لدى الغربي نظرة ناقصة لكنها مرغوبة عن قصد ، لأسباب تتعلق بتاريخ صراع الحضارات ، أي أن الرأي المتجدد يقول بأن المسلمون ليسوا سوى مجموعات متعصبة كناتج طبيعي لايدلوجية قائمة على رفض الآخر ، وايضاً ، كل ما هو موجود في الدول النفطية لا يتعد سوى محاكة العصر ، أي أنهم عصريون بالفطرة ، وبالتالي المرأة مازالت مسلوبة الحقوق والديمقراطية غائبة ويكرهون كل من هو غير مسلم أو عربي .

غير أن المرء عندما يتأمل لسلسلة معطيات قاطعة وربما جوهرية ، سيخرج بقناعة بأن العقد والحل بيد البنتاغون ، وبالتالي الولايات المتحدة الأمريكية ، بوزارتها الشهيرة بالبنتاغون ، الذي يجمع ( الجيش والبحرية وقوات الجوية والبرية والفضائية ومكتب الوزير ) التأسيس منذ 245 عاماً ، الشعار المركزي ( هو هذا ما سندافع عنه ) ، اعداد الجنود والضباط في الخدمة 1,5 ، مليون ونصف المليون والاحتياطي 1,100 مليون ويزيد ، الموازنة 706 مليار دولار سنوياً ، إذن ، عندما تكشف رسائل هيلاري عن دعهما لأحمدي نجاد بالوصول للرئاسة ، رغم معرفة الإدارة الأمريكية فوز مير حسين موسوي بالانتخابات ، من الطبيعي للمرء أن يتفهم ذلك ، لأن لو لم تصنع ذلك سيكون الأمر غريباً ، بل كانت ادارة الرئيس اوباما على علم للعلاقة بين اسامة بن لادن والقاسم سليماني وكان الأول يمضي شهور طويلة في إيران لممارسة رياضة صيد الصقور ، لكن عندما أراد اوباما رفع أسهمه بالانتخابات ، قضى على بن لادن بتواطؤ إيراني باكستاني ، تحديداً أثناء رئاسة احمدي نجاد لإيران .

هنا ايضاً أشد وضوحاً ، بعيداً عن التفسيرات الاختزالية التى تشيعها بعض الأوساط بين الشعوب ، عندما قدم وزير الخارجية الأمريكية وليام روجرز مبادرته لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل ودفعهما للدخول بمفاوضات بناء على قرار الأممي 242 ، وافقت مصر وإسرائيل على وقف الحرب لكن اسرائيل استمرت بإطلاق النار ، الذي سبب ذلك خسائر كبيرة في طائراتها ودفعت الخسائر واشنطن بالتحرك نحو البحر الأبيض المتوسط ، هنا يعيدنا الحاضر إلى توثيقات هيكل ، قبل اليوم الأخير الذي رحل به عبد الناصر عن الحياة ، هاتف الرئيس جمال الصحفي حسنين هيكل وطالبه إيصال رسالة للبريطانيين عبر سفيرهم في القاهرة ، بقبوله بقرار 242 ، أي ضمنياً الإعتراف بدولة إسرائيل ، لكن الأمريكان طلبوا منه عدم نشر الصواريخ في صحراء سيناء ، فتساءل إذا كانت الحرب ستتوقف ، إذن ما يقلقكم بنشرها أو عدم فعل ذلك ، ايضاً ينقل الصحفي الأمريكي المعروف ماكس فرانكل ، هو من كبار محرري صحيفة نيويورك تايمز ، كان قد صاحب الرئيس نيكسون على ظهر حاملة الطائرات ساراتوغا التى كانت تنوي المشاركة في مناورات عسكرية ، لكن بعد يوماً واحد ، تلقى نيكسون خبر موت عبدالناصر ، فقال مقولته الشهيرة ، لا داعي للمناورات العسكرية في البحر الأبيض المتوسط ، كان الهدف منها إسماع القاهرة المدافع .

هناك إلى ذلك ، قبلئذ وبعدئذ في واقع الأمر ، حقيقة دامغة ، أمتدت التجربة الناصرية إلى 16 عام وكانت مليئة بالتجارب الناجحة وأخرى الفاشلة ، ابتدأت من تأميم القناة الممر بين البحر الأبيض والأحمر وليس اخيراً ببناء السد العالي ، خاضت التجربة معارك غير متوازنة ، كان الأولى قبل خوضها توفير التكافؤ اولاً وتوفير التحالفات الدولية ثانياً ، لأن إسرائيل كانت ومازالت تعتمد على تمويل واشنطن لها بالسلاح وبتزويدها بالتكنولوجيا أول بأول ، أما مصر كانت حينها تجول العالم لكي تحصل على بناء حائط الصواريخ ، وبالتالي ليس امام الدول العربية سوى مسابقة الزمن لكي تصل إلى مرحلة الإنتاج وجعل الوطن ورشة دائمة في كافة المجالات ، وقتها فقط يتحول المواطن جداراً منيعاً لأي تدخلات خارجية من أينما كانت . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال


.. عبر الخريطة التفاعلية.. تحركات عسكرية لفصائل المقاومة في قطا




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس


.. قصف إسرائيلي على حي الصبرة جنوب مدنية غزة يخلف شهداء وجرحى




.. مظاهرة في العالصمة الأردنية عمان تنديدا باستمرار حرب إسرائيل