الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السكران لا يكذب ابدا … ! ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 10 / 18
الادب والفن


توجس وخيفة … تقظّان مضجع زينب ، وتقفان حائلا ، وسدا منيعا بينها ، وبين النوم … ارق شبه دائم … تتقلب على جمر النار … والاستاذ فؤاد زوجها نائم في العسل … كانه طفل بعد الاستحمام … يغط في سبات عميق … تسمع له شخيرا منفِّراً … ربما من التعب ! تعب … ؟! اي تعب هذا … ؟ وهل يتعب هذا الناعم حتى يشخر ؟ ان في الامر سراً لا تعرفه … ! يا ترى اي نوع من التعب هذا ؟ عمله مريح ، ولا يستدعي هكذا شخير ، واستغراق في النوم كانه ميت … بعيد الشر … ! دخلت في طور جديد من القلق … ثم اخذت تنظر الى زوجها نظرات شك ، وريبة … وتهز راسها ، وتحرك يديها كأنها تريد خنقه ، وتقول : آخ … آخ منك … يا ابن نعيّمة !
فكرت … فكرت ثم قررت ان تدخل على گوگل ، وتكتب شخير الزوج … او شخير فقط بلا الزوج … بلا تبن ! حتى تعرف تفاصيل عن هذا الشخير ، هل هو من التعب ام من شئ اخر … انها تعرف ان في نهاية اي علاقة حميمة بينهما يستغرق زوجها في النوم … نعم ، ولكنه لا يشخر مثل هذا الشخير … ما الذي جرى ويجري دون علمها ، يا ترى ؟!
ثم دعونا من الشخير … ما سر هذه الهدايا التي يغدقها عليها دون حساب !
قررت اولا ان لا تتسرع ، وان تخصص له عين واحدة من الاثنين ، وتراقبه من بعيد لبعيد دون ان يشعر … !
فهي منذ اليوم الذي بدء يعاملها معاملة لطيفه ، ورومانسية لم تعهدها فيه سابقا ، وياتيها بالهدايا بمناسبة ، ومن غيرها حتى بدء الفار يلعب بعبها ، وبدءت تتسائل عن هذا الكرم الحاتمي ، وهذه المشاعر الفياضة التي هبطت عليه … فهي لم تعهده كذلك ، وتتذكر المرة الاخيرة التي اهداها هدية بمناسبة عيد زواجهما قبل سنتين او اكثر حتى قالت له مرة مداعبة ً بانه يكتب على سطر ، ويترك الاخر ، وتعني بانه قد ياتيها بهدية في مناسبة ، ويترك اكثر من مناسبة ، ولا يقدم لها شيئاً !
ثمة شئ يحدث من وراء ظهرها … ما هو ؟ لا تعلم لحد الان !
وفكرت في استشارة صديقتها الروح بالروح رغد على الرغم من ان زوجها كان قد نبهها منذ البداية بان لا تنشر غسيلهم على حبال الجيران والصديقات ، وكان يوصيها دائما بالحذر من الصديقات بالذات فهن لا يردن خيرا على الرغم من اظهارهن عكس ذلك … !
ولكنها قررت ان تتجاهل تحذيرات زوجها هذه المرة ، وتذهب لاستشارة صديقتها رغد … لانها فسرت تحذيره هذا محاولةً منه لحماية نفسه ساعة الزنقة … ولأنها بصراحة قد ناءت بحملها لوحدها ، ولا تستطيع تحمل المزيد … ستجن !
ماذا قالت لها رغد صديقتها الروح بالروح بعد ان شرحت لها الموضوع من البداية حتى النهاية … ؟ قالت لها رغد : بان زوجها اكيد عنده علاقة مع امرأة ثانية ، وانه يخونها … والرجل عندما يخون زوجته يغرقها بالمشاعر ، والهدايا من دون ان يشعر لان ضميره يؤنبه اذا كان عنده ضمير على هذه المغفلة التي تقبع في المطبخ مع البصل ، والباذنجان ، والبطاطا ، وهي لا تدري من الحياة شيئاً … !
جن جنون زينب ، واخذت ترغي ، وتزبد ، وتتوعد ، وتهدد … لكن رغد هدئتها ، وقالت لها … ما هكذا تورد الابل ، يا صديقتي ! دعينا نفكر حتى لا يؤدي التهور الى ان يكتشف الزوج المحتال اننا اكتشفنا الملعوب ، ويعود الى رشده ، ويوقف هذه الهدايا التي فضحته من دون ان يدري ، ويشعر … دعينا نضع خطة محكمة نستدرجه بها الى كمين يعترف هو بنفسه عن هذه العلاقة ، وبعدها نتركه لك لتفعلي به ما تشائين !
ولكن كيف … ؟ … كيف ؟ دعينا نفكر … نفكر … فاقترحت رغد اخيرا بعد تفكير طويل اقتراحا غريبا ، وتركت مهمة تنفيذه الى زينب … وبعد ان شرحت رغد الفكرة رحبت بها زينب ، واستلطفتها ، وقالت انها هي … هي التي ستكشف المستور ، وتُظهر الحقيقة ، وانها قدها ، وقدود … !
ما هي الخطة … ؟ ببساطة تعتمد الخطة على حكمة سمعتها رغد مرة ، او قرأتها لا تتذكر … تقول : من فضائل السكران انه لا يكذب … وان الخمر تشل الجزء المسؤول عن الكذب عند السكران … فيمتنع عن الكذب ، ويخرج ما بداخله بعفوية ، ودون قيود ، او تدخل منه … طوال فترة سكره ، وهذه واحدة من اهم نقاط ضعف الرجال … !
وما على زينب الا استدراج زوجها الى السكر ، وسيعترف لها بكل شئ … ولكن المشكلة ان فؤاد قد امتنع عن الشراب منذ فترة طويلة بسبب معارضة زوجته ، ونفورها من الشراب فكيف ستعيده اليه ثانية ، وباية حجة … تركت رغد لها هذا الامر ، وعليها ان تجد وسيلة ، وتدبر امرها !
وصادف ان كان عيد زواجهما على الابواب فقررت زينب ان تكلف شقيقها ان يشتري لها زجاجة خمر من النوع الممتاز ، والذي يفضله زوجها ، ولا يستطيع مقاومة تناوله عندما يراه … دهش الاخ من نوع هذه الهدية التي تريد شقيقته ان تهديها الى زوجها ، وهو يعرف زينب لا تحب الخمر ، ولا شاربها ! لكنه نفذ الطلب … اخذت زينب القنينة ، وهي متاففة ، ومنزعجة ، ولكن ما باليد حيلة …
وفي تلك الليلة هيأت زينب صينية ، ووضعت فيها ما لذ وطاب من طعام ، ومزة … جلس الزوج غير مبالٍ لانه في الحقيقة كان قد نسي هذه المناسبة اصلا ، ولم يهيئ لها هدية … فشعر بالحرج ، واعتذر من زوجته ، وقبلها ، ولكنها لدهشته ، وجدها سهلة ، ومتسامحة على غير عادتها ، وقالت له : ولا يهمك حبيبي … بسيطة … انا مسامحاك … انا هيأت لك مفاجأة حلوة ستعجبك … !
فدخلت الغرفة ثم خرجت بعد لحظات ، وهي تخبئ الزجاجة خلف ظهرها ثم قالت : حزر … فزر … ترام … ترام ، واخرجت الزجاجة ، واشهرتها امامه … ثم وضعتها على المائدة ، وسط دهشة زوجها بل صعقته ، وهو ينقل نظره بينها ، وبين الزجاجة فاغرا فمه دهشةً … فرك عينيه ، وكأنه لا يصدق ما يرى ، ولا ما يسمع … وقال بصوت خافت ، وكأنه يخاطب نفسه : معقول … !
حبيبي هذه مناسبة عزيزة ، وخاصة … يباح فيها المحظور ، وانا لا استطيع ان امنع عنك شيئاً تحبه ، ولا يهون علي … حرام … فاشرب ، وتمتع ، ودعنا نعيش ليلتنا هذه بفرح ، ومرح … وفؤاد يبحلق بها ، وكانه مصعوق بتيار عالي الفولتية من هول المفاجأة … حتى شعر بالحاجة الى من يقرصه ، او يدلق عليه دلو ماء ليستوعب الامر … ثم يتقدم بعد ان تاكد بان ما يحدث حقيقةً ، وليس حلماً ، ويفتح القنينة مستغرقاً في لحظته الراهنة يحدوه الفرح ، وهو يدندن بلحن خفيف … ثم يبدء ، والسرور بادياً على محياه … !
وبعد الكأس الثالثة ، والرابعة اخذ فؤاد يهز وسطه من دون موسيقى ، وبعد الكأس السادسة ثم السابعة اخذ يضع الكأس على راسه ، ويرقص رقص الحجالة ، وبعد كأس اخرى تحول الى الغناء بصوته الاجش القبيح ، وبعد الكأس ما قبل الاخيرة تحول فجأة … واصبح رقيقا ، ورومانسيا ، وبدءت الكلمات تتعثر على لسانه ، وثقل لسانه ، واصبح يخلط الشيش مع البيش ، ويقرأ الديك حمار … وهو يسير بقوة نحو الذوبان … حتى استوى على الاخر … نظرت اليه زينب بعيني صقر يتاهب للانقضاض على فريسته ، وقالت مع نفسها : دقت ساعة العمل زنوبة … !
تمدد فؤاد من الاعياء ، والخدر على ( القنفة ) مستسلما لعذوبة الاحلام الوردية التي بدءت تفور في راسه ، ووجدانه بتاثير الشراب ، وهو يبتسم مسرورا على الآخر …كانه يسترجع نوعا معينا من الذكريات … ثم استلمته المحققة الجنائية زينب كولومبو :
حبيبي … حبيبي … ؟ بمنتهى الرقة ، واللطافة المصطنعتين …
نننعمم … وهو يضع كفه حاجزا فوق عينيه كانه يمنع الضوء عنهما ليرى ما امامه جيدا … ثم يضيّق عينيه ، ويبحلق بها …
ننعععم حببيبببتي … وكانه يتعلم النطق لاول مرة !
انت تحبني … ؟
ها … انتتتِ … اننتتِ منو … ؟
همت بضربه بالقدح الذي بيدها ، ولكنها تمالكت نفسها …
نسيتني حبيبي بسرعة … ؟ وهي تضغط على اسنانها بعصبية …
لا … صدددگ انتِ منووو … آني ووين شايففچ … ؟ يجيبها ، وهو يتجشأ بصوت عالٍ … !
لا يا … ابن نعيّمة … ! قالتها بصوت خافت … ثم همت مرة اخرى بضربه بما بيدها … لكنها توقفت !
نععمم … ؟! يستفهم عما قالت !
آني زوجتك ، وحبيبتك زنوبة نسيتني … ؟
ززنووبة … زنووبة ؟ محاولا التذكر … ثم اخذ يغني … زنوبة آه زنوبة آه … ويطق الاصبع !
وهي متمالكة نفسها بصعوبة … زين حبيبي … آني شنو اسمي … ؟
ينظر اليها فؤاد بعينين يوشك ان يلتقي جفناهما … بتاثير النعاس ، والخمر … ثم تنفرج اساريره فجأةً … يبتسم ابتسامة عذبة … آه … آه … ثم ، وهو يحاول معانقتها … !
حبيبببتي ههداوووي !!
وعينك ما تشوف … الا النور … !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع