الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس تحب الأساطير

حسن مدن

2020 / 10 / 19
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


تبدي كاتبة تركية معروفة، تقيم في ألمانيا، ولها موقف معارض من نظام الحكم القائم في بلدها بزعامة رجب طيب أردوغان، دهشتها من أن مواطنيها الأتراك المقيمين في ألمانيا، وفي بلدان أوروبية مختلفة، ومن عدة أجيال، يمنحون أصواتهم في الانتخابات التركية لأردوغان، رغم أن نمط المعيشة الذي ألفوه في ألمانيا، وعليه نشأ أولادهم وأحفادهم الذين ولدوا هناك، يتعارض مع نهج ورؤية أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه.
الكاتبة هي آسلي إردوغان التي ترى أن تصويت نسبة كبيرة من الأتراك المقيمين في أوروبا، قد تشكل الأغلبية، صادم جداً، وهي كانت ستتفهم لو أن الأمر اقتصر على الجيل الأول من المهاجرين الذين عانوا العنصرية وظلوا يواجهون صعوبات مع اللغة الألمانية، فصوّتوا لحزب العدالة والتنمية تحت تأثير القيم التقليدية التي حملوها معهم من بلادهم، لكن المدهش، من وجهة نظرها، أن الأمر لم يقتصر على هؤلاء وحدهم، وإنما شمل الجيل الثالث من المهاجرين الذي رأى النور في ألمانيا، وتلقى تعليمه في مدارسها وجامعاتها، فهؤلاء أيضاً صوّتوا بكثافة لأردوغان، رغم أنهم لم يعانوا ما عاناه أجدادهم من عنصرية، وينتمي أغلبهم إلى الطبقة الوسطى أو إلى الطبقة الوسطى العليا.
لا تعزو الكاتبة ذلك إلى الميول الدينية، بالنظر إلى الهوية الإخوانية لحزب العدالة والتنمية التركي، بل إنها ترى أن المجتمع البولوني أو الإيطالي، على سبيل المثال، أكثر تديناً من المجتمع التركي. «تركيا العميقة ليست متدينة جداً»، هكذا تقول الكاتبة، لكنها، أي تركيا، تقليدية، وهذا أمر مختلف عن التدين، فالكثير من الأتراك منغرسون في اليومي ولا يحيون وفق التعاليم الدينية.
هذا ما يعرفه أردوغان وحزبه، لذلك فإنه أدرك أن الخطاب الديني وحده غير كافٍ لتعبئة الناخبين حوله، فعمل على التحشيد القومي، من خلال مداعبة مشاعر الناس بالتبشير بتركيا القومية، العظيمة، صاحبة الإمبراطورية المفقودة التي يجب أن تبعث. وترى الكاتبة أوجه شبه بين خطاب أردوغان هذا وخطاب بوتين عن استعادة دور روسيا العظيمة، وخطاب دونالد ترامب عن استعادة أمريكا العظمى.
«الناس تحب الأساطير»، تقول الكاتبة، لذا تجد مثل هذه الدعاوى أصداء عند الناس الراغبين في أن يروا أنفسهم منتمين إلى هوية قوية أو بلد قوي، رغم أنهم، في حال المهاجرين كالأتراك في ألمانيا مثلاً، يعيشون في بلد آخر، وغير معنيين بثمار تصويتهم على أوضاع بلدهم الأصل، وبالتالي كأنهم بذلك يساهمون في تحميل الآخرين، ممن يعيشون في تركيا، تبعات ترجيحهم لزعيم بسياسات مضرة لمصالح البلد والعباد.
هذه الأقوال تحملنا على التفكير في العوامل التي تجعل المهاجرين إلى المجتمعات الأوروبية، بمن فيهم العرب، يظلون منجذبين للميول المحافظة في بلدانهم الأصلية، رغم أنهم «ينعمون» بثمار الحداثة والديمقراطية في البلدان التي فيها يعيشون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا