الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمسة آلاف عام من الحضارة، لكننا اليوم خلف التّاريخ

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في سورية " الياسمين" لو مررت بالقرب من نهر بردى فسوف تغلق أنفك من رائحة المستنقع فيه، لكننا لا زلنا نعبّر عن أنفسنا بأننا من بلد الياسمين.
نحن السّوريين أتينا من خلف التّاريخ -أتحدث عن نفسي- حيث لم يكن لدينا -أعني لديّ- منافذ لمعرفة ما يجري في العالم ، فاعتمدنا -أعني اعتمدت -على نظرية المؤامرة . ضعوا بدل كلمة نحن هي ، كي لا تصابون بالإسهال الكلامي، و تكتبون أساطير من صبيان أفكاركم حول ما أعنيه . أعني نفسي، لكن إن انطبق الوصف على أحدكم يمكنه القول بينه وبين نفسه: فعلاً أشبهها ، لكنني لن أعترف.
نحن-أي أنا- نمجّد الدكتاتور ، وهذا لا يعني أنّنا نمجد الأسد ، فالأسد العلماني على النمط الشيعي يحارب الأسد السّني على نمط ابن حنبل ، لكن الأسد العلماني يتعاون معه العالم للقضاء على الإرهاب، و لهذا تراه ينجح في قتل أكبر عدد من الشافعية، و الحنفية و الحنبلية ، هو يشبه الطالب الذي ذبح معلّم التاريخ في فرنسا، ذلك السّني أيضاً أراد أن ينصر الدّين برأيه، ويجب على القضاء الفرنسي محاسبة والديه معه .
اعتبر السّوريين الذين لهم صفحات على وسائل التواصل يصفون أنفسهم فيها بالأحرار بالتّحرك، وهنا يبرز دور القائد. قد يكون قائد المجموعة لا يؤمن إلا بمصلحته، ومصلحته تقتضي أن يجرّم أستاذ التاريخ، ويبرئ القاتل، لكن بصياغة بيان يبدو كأنه العكس، يسير الثوار خلفه مشرّعين سيوفهم يصرخون: الله أكبر، يطالبون بأن يكون الدين الإسلامي هو الحكم. ربما فاتهم أنّ الثورة الفرنسية لم تنجح إلا بعد أن صادرت أملاك الكنيسة وحيّدت الدّين عن الدّولة .
نحن هنا - أي أنا -علينا أن نقدم أنفسنا كثوار، لذا نتهم فرنسا في استعمارها لنا، مع أن الكثيرين يتمنون عودتها، ورغم أن فرنسا ليست ماكرون ، لكنهم يريدون أن تدينها من خلاله، ويقولون أنه عميل إيران، ونحن هنا-أعني أنا -لا ننفي ذلك، لكن هناك حدث فيه شخصان أحدهما قاتل و الآخر قتيل ، ماذا نقول؟
ربما نقول -أي أنا- كما يقول شبيحة الأسد حول ضحاياهم في سورية ، فإن الإسلاميين يقولون مثلهم: أن أستاذ التاريخ قد قتل نفسه ، لأنه هو كان السبب و القاتل بريء.
في صفحة الثوريين : يشتمون النساء، أمريكا، فرنسا، السعودية ، ويمتدحون إيمانهم ، يطلبون أن يسلم الغرب السّلطة للإسلاميين لأن الإسلام هو الحل؟
قالت لي صديقتي الهندوسية: نحن أكثر عدداً منكم! لن نسمح لكم بالاقتراب منا.
قال صديقي : سوف نتّحد نحن أصحاب الديانات البالغ عددنا عشرة آلاف ديانة ، ونفنيكم. قلنا-أي قلت-: حيّ على الجهاد ، خلال لحظة رأيت ملايين من الإسلاميين حافين عراة ، ثيابهم ممزقة يصرخون بملء حناجرهم وامعتصماه. أين أنت يا صلاح الدين ، أتى الجواب من السماء: لن يستطيع صلاح الدين القتل أكثر مما قتل، ابعثوا بينكم خليفة لا يرحم أعداء الدين. إياكم أن تقولوا أن تخلفنا شيء لا سمح الله سيئاً، بل هو منحة، وتكليف من الإله. خليفة الله على الأرض موجود على الأرض السّورية بشكله الشّيعي، السني، العلماني ، ونحن خاطئون- أعني أنا- إلى أن يثبت العكس، ولن يثبت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إضاءات حضارية- سيرة ومسار مع الدكتورة ألفة يوسف


.. فوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان في انتخابات الرئاسة




.. وفاة المستشارة الخاصة بالرئاسة السورية لونا الشبل تثير جدلا


.. وزير الخارجية المصري: يجب العمل على الوقف الفوري والمستدام ل




.. مشاهد لآليات مدمرة للاحتلال الإسرائيلي في رفح