الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة حلوة دائما

ساطع راجي

2020 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يحرص الناس على التقاط صور مع المشاهير كتعويض عن مجهوليتهم في عالم يقدر الشهرة كثيرا، ويتزايد هذا التقدير يوميا بتطور وسائل التواصل الاجتماعي، هذا نوع من الهوس المرضي يدفع بالشخص لافتعال علاقة وهمية مع الشخص المشهور.
شيوخ عشائر ومقاولون ومسؤولون يحرصون على التقاط صور مع المحافظين والبرلمانيين والوزراء ورؤساء الحكومة والجمهورية يدفعون اموالا ربما ويقيمون ولائم فخمة، هذا النوع يستخدم الصورة طريقا للنصب والاحتيال فهو يوحي لمجتمعه بإنه "مهم وواصل" ومحل ثقة كبار المسؤولين، ويصف الصور في مضيفه ومكتبه وفي صفحاته التواصلية ولا يتردد اذا كان ضيفه او جليسه معارضا للسلطة او منتقدا لها ان ينضم اليه في حفلة شتم بأقذع الالفاظ للاشخاص الذين يقف مبتسما وحميميا معهم في الصور التي تغطي الجدران حولهما، وكلما سقط مسؤول من كرسيه قام برفع صوره.
في السياسة، تكلف الصور البلدان سيئة الحظ كثيرا، فالحكام الفاشلون يريدون القول بإنهم كبار ومهمين لأنهم يقفون الى جانب الكبار والمهمين معتمدين على ان مواطنيهم لا يعرفون عدد المسؤولين البائسين الذين يلتقون بالرؤساء الغربيين يوميا، وهو ما يؤدي الى انفاق كثير من الاموال في سفرات غير مهمة لالتقاط الصور واحيانا يتم الدفع للمسؤول الغربي حتى لو كان سابقا مقابل زيارة للبلد التعيس.
أول وأكبر خلاف بين عادل عبدالمهدي وبرهم صالح كان بسبب الصور، فرئيس الجمهورية قام في أيامه الاولى بجولات خارجية لا سبب لها غير التقاط الصور، بعدما استهلك سريعا صوره الداخلية، لكن اثناء جلسات التصوير لابد من افتعال حديث ما وهو مادفع رئيس جمهوريتنا لتجاوز دوره فأزعج رئيس حكومتنا السابق ليس فقط لتحدثه في ملفات تعتبر من صلاحيات رئيس الحكومة وانما لأنه حرم رئيس الحكومة من جولات خارجية في ذلك الوقت فإضطر لتأخير صوره الخارجية واكتفى بصور داخلية كانت سيئة جدا.
رئيس حكومتنا الحالي تعلم الدرس من سلفه وليس من عمله السابق كإعلامي، ولأنه صديق رئيس الجمهورية المعجب ايضا بالصور فقد حصلنا على صور جيدة لحملة امنية في الجنوب لم تحقق شيئا، كانت كلفة الصور باهضة ماليا وسياسيا وامنيا، ولدينا ايضا الكثير من الصور العاطفية لرئيس الحكومة مع اهالي ضحايا الاغتيالات والخطف التي يكتفي الرئيس بكشف خيوطها ولايهتم بكشف الجناة فالمهم ان تطلع الصورة حلوة.
جولة الرئيس الاوربية الاخيرة هي جولة صور ايضا، فبرنامج هذه الحكومة وعمرها وظرفها لا تبرر هذه الجولة الا اذا اريد لصورها ان تحل محل صور الزيارة لواشنطن التي يبدو انها لم تحقق شيئا.
التاريخ السياسي المعاصر للعراق يمكن توصيفه بإنه ستوديو للصور المفتعلة والمزيفة التي تفشل دائما في حجب ازمات الواقع، صور حلوة ومكلفة لكنها بلا فائدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة