الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا دفاعا عن العلمانية الفرنسية ولكن دفاعا عن الحقيقة

حسان جمالي

2020 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


اصبح من المألوف اليوم الكتابة عن العلمانية الفرنسية سلبيا واطلاق صفات عليها لا تمت لها ولا بقوانينها بصلة.
كتب احد علماء الاجتماع: " العلمانية الفرنسية نوع متعصب من العلمانية لا يتعامل بحياد مع الديان بل يكرهها بالتساوي". وتابع: "الدولة ترفض تعليم الدين ولكنها تعلم شتم الدين".
ادركت حين قراءتي لعبارات كهذه ان الكاتب لم يطلع على القانون الفرنسي الاساسي رقم 1905 الذي كرس العلمانية الفرنسية ( صادق البرلمان الفرنسي بشبه اجماع على القانون ورضيت به الكنيسة الكاثوليكية وممثلي الديانة اليهودية).
كيف يمكن اطلاق اتهامات كهذه على قانون تنص فقرته الاولى على: " تؤكد الجمهورية على حرية الضمير وتضمن ممارسة الشعائر الدينية ضمن القيود المذكورة في الفقرة التالية المتعلقة بالنظام العام".
وفي خطاب أمام اعضاء البرلمان, القاه الزعيم الاشتراكي الديمقراطي جان جوربس, الذي صاغ مسودة القانون 1905, قال هذا الاخير:
" لم اعتقد يوما ان وراء الديانات الكبرى حسابات او دجل. انها جاءت من اعماق النفس البشرية".
هذا بالإضافة الى ان العلمانية الفرنسية, التي هدفت الى ضمان حياد الدولة تجاه الأديان والمعتقدات, لم تهمل امورا يعتبرها المؤمنون أساسية لممارسة شعائر دياناتهم او لتامين تربية دينية لاولادهم, لذلك تتكلف الدولة بترميم اماكن العبادة وتسمح بالمدارس الخاصة الدينية وتمولها بنسبه 80%.
لم يكتف الكاتب بتلك المغالطات بل ازاد التالي: " الدولة ترفض تعليم الدين ولكنها تعلم شتم الدين".
لا ادري على ماذا استند عالمنا ليصل الى هذه النتيجة الخطيرة.
بالطبع لا مكان للتربية الدينية في مدارس فرنسا الحكومية, ولكن هناك مادة الفلسفة وبين الفلاسفة مؤمنون وملحدون يعرض المدرس آراءهم. هل المطلوب ان يعرف المدرس الطلاب بآراء الفلاسفة المؤمنين فقط ختي لا يتهم بانه يعلم شتم الدين؟ وهل نقد الاديان يعتبر شتما للدين؟ اعتقد ان الكاتب حقق سبقا فكريا لم يكتشفه احد قبله.
من المؤكد ان فرنسا وعلمانيتها مستهدفة من الاسلاميين والاصوليين, خاصة بعد التصديق ( بشبه الاجماع ايضا) على القانون الصادر سنة 2004 والذي يمنع المظاهر الدينية في مدارس فرنسا الحكومية, لا الخاصة.
المعروف ان لجنة ستازي, الذي كان محمد اركون عضوا فيها لم ترغب في البداية, بتوصية الحكومة بمنع الرموز الدينية. ولكن تلميذات مسلمات محجبات طلبن من اللجنة الاستماع اليهن في جلسة سرية. ذكرت الفتيات ما تتعرض له, في بعض الضواحي والأحياء, الفتاة المسلمة التي لا ترتدي الحجاب من ضغوط وتهديدات سواء من الاسلاميين والمتعصبين دينيا او من الاهل بسبب ما يسمعه الآباء في المساجد. قال الفتيات لاعضاء اللجنة: رجاء دعونا نتنفس في المدرسة!
بعد ذلك جاء إحصاء للرأي بين ان 74% من تلميذات المدارس الثانوية المحجبات يؤيدن القانون المذكور.
هل من المسنغرب اذن ان يحمل الاسلاميون والاصوليون هذا المقدار من الحقد على العلمانية الفرنسية وقوانينها؟
اخيرا, لا يقتصر الهجوم العنيف على علمانية فرنسا على الإسلاميين والاصوليين. بل يشارك فيه ممثلو الديانات الاخرى الذين يحاولون الاستفادة منه لتعزيز وجودهم على الساحة العامه. كذلك تخلى اليسار الماركسي, الذي اصبح هامشيا عن العلمانية بسبب تحالفه مع الاخوان المسلمين. وبالطبع هناك بين الكناب العرب ومفكريهم من يحاول إرضاء البعض على حساب العلمانية, ربما جاهلين انهم يهددون بذلك اسس الديمقراطية نفسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا