الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- فلتسامحونا -

رندة المغربي

2006 / 7 / 10
الادب والفن


أكتبُ لك الآن في اللحظة الأخيرة ..
اللحظة التي يبرق بها نصل السيف فوق عنقي ، مسافة أقصرُ من ربيع العمر
ومن نفس عميق يملأ به جلادي رئتيه فتهوي ذراعاه بقوة على نحري المكشوف ليُدشن نهر الدم ..
**
أكتبُ لك و لا رجاء لي في الكتابة إلا أن أتطهر واستغفر الله وأغمض عيني متمتة بالشهادة ..
قريباً جداً بأقل من ثانية املأ بها صدري من هواء كوكبنا ، وأقل من ساعات المخاض تعذبت بها أمي لتضعني بين راحتي العذاب وأقل بكثير من تقرير إخباري يرصدُ مجازر الدم وتدحرج الرؤوس على سطح كوكبنا سيرتدُ رأسي بين حدة النصل و أقدام جلاديّ فيا لصلابة الرأس و نزق الفكر كيف يتحايل الآن على معصميّ المشدودين خلف ظهري ؟
على عصابة عيني و سواد عميق تنوس به نجمتك فأوشك أن أصدق بأني سأولد من جديد!
أوشك أن أتعجل كؤوسهم المترعة أن تفرغ لينهضوا للوقوف على موتي !
**
هو الأمل يحدونا لعل رجفة الخوف تطلق أمشاط الضلوع !
عل المسافة المتقلصة بين الوريد و نصل السيف تتسع ليرف بها سرب الحمام ويشرق فجر جديد !
عل انكساري على تُراب نعالهم يذكرهم بأم بأخت بابنة بحبية برمز يفوق الجنة نسميه وطن!
**
الآن أمسك بصورتك المعلقة على الجدار أشد عليها قبضتيّ يحتدم القصف وتهتزُ الجدرات
وأخاف على صورتك أن ينول منها معول سقوط!
الآن و النفوس الخائفة شكلت جوقة لتترنم بالصُراخ لترد الزوايا الشرقية على الغربية و ليلعب الصغارلعبة جديدة تُدعى الهلع!
الآن ..
ولا رجاء لنا إلا أن نُسدل الأجفان ونستعطف ملائكة الموت أن ترحمنا!
أن تترفق بميتتنا فلا تهتك لنا ستراً ولا تنثر لنا أشلاء ولا تشفي صدوراً غلّت علينا .. أن تجيء بسرعة تفوق سرعة رصاصة و قذيفة مدفع وأن تحرس أجساد أطفالنا من خناجر مدببة يحملها سفاحونا ليلهوا بنزع حبات عيونهم
ببتر أناملهم الصغيرة و تحزيز وجناتهم الحمراء .
نريدُ لجثامين صغارنا أن تبق كما أودعناها في أسرتها تحتضن دمية صنعناها لهم من أثواب قديمة .
بجفونها المسدلة و زغب أصداغهم المبللة بعرق النوم بدعة الابتسامة تنتظر عيداً لن يجيء وأرجوحة لم تتدل من غصن شجرة !
**
فسامحونا يا صغارنا يا جيلاً لم نورثه إلا الموت ولم نغسله إلا بالدم ولم نعلمه إلا لغة الصراخ ولم نقوده إلا لخندق !
سامحونا لأننا كنا صغاراً بأعينكم لم يكن أبوكم فارساً لخيالكم ولم ترتقِ أمك بحضنها لمستوى درع يذود عن لحمك الطري !
لأن الخلق غير الخلق والناس غير الناس و الأرض لم يعد يروي ظمأ ترابها إلا دم آدمي يهرق ..
لأن الله لم يبعث بكبشي فداء لإبراهيم لم يبعث إلا بواحد ينجو به بعنق ابنه ، أما نحن فلا أكباش تتنزل علينا من سمائه لننجوا برقابكم !
سامحونا لأننا حشرناكم بين رحم يدفع وقبر يبلع وما بينهما أحداقكم تتسع لتحتوي هلع الموت!
ولتسامحني أنت لأنني لم أكن على قدر المسئولية التي أنطت بها إلي لم أغسل مواجع المكلومين بماء عمدتها بحبك ولم انتهي من الربت على كتف ملهوف ولم يسعفني زمني لأطعم عصفوراً حط على الشرفة!
لم أعش كثيراً لأكتب أكثر ، لم أحكم الإمساك بزمام اللغة ليصل حرفي إلى أطراف الدنيا ..
فلتكن أقربنا للتقوى ولتغفر لي وأنا أمد عنقي لضربة سيف!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي