الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحكمة الدستورية من جديد

جيلاني الهمامي
كاتب وباحث

2020 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


المحكمة الدستورية
من جديد

نظرت الجلسة العامة لمجلس النواب على امتداد يومي الأربعاء والخميس 7 و8 أفريل الجاري في مشروعي قانون لتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المنظم للمحكمة الدستورية في محاولة جديدة لحل معضلة المحكمة الدستورية التي ينص الدستور في فصله 148 في باب الاحكام الانتقالية، النقطة الخامسة " يتم في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ الانتخابات التشريعية إرساء المجلس الاعلى للقضاء، وفي أجل أقصاه سنة من هذه الانتخابات إرساء المحكمة الدستوري ".
ومعلوم أن هذا الاجل لم يقع احترامه من البرلمان طوال المدة النيابية 2014 – 2019. ومازال البرلمان حتى الان وبعد انقضاء أكثر من ست سنوات لم يركز بعد هذه الهيئة التي تعتبر أهم وأعلى مؤسسة دستورية في البلاد. الاشكال هو أن القانون الأساسي للمحكمة نص على ان تركيبتها تتكون من 4 أعضاء ينتخبهم مجلس نواب الشعب و4 يعينهم المجلس الأعلى للقضاء و4 يعينهم رئيس الدولة. غير ان مجلس النواب لم يتمكن بعد تسع محاولات الا من انتخاب واحد من الأعضاء الأربعة الذين يمثلونه في هيئة المحكمة والسبب في ذلك هو عدم حصول توافق بين الكتل البرلمانية يوفر عدد الأصوات اللازمة (145 صوت) لنجاح بقية الأعضاء. وما لم يقع انتخاب الأعضاء ممثلي البرلمان لا يمكن تعيين بقية الأعضاء ممثلي المجلس الأعلى للقضاء من جهة ورئيس الدولة من جهة اخرى.
طوال المدة المنقضية منذ انتخابات 2014 قامت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين مقام المحكمة الدستورية للبت في الطعون في عدم دستورية بعض القوانين كما قامت مقامها فيما يتعلق بمعاينة الشغور في منصب رئيس الجمهورية إثر وفاة السيد الباجي قائد السبسي. ولكن في خلاف ذلك فإن غياب محكمة دستورية من شأنه أن يسبب إشكاليات دستورية تزيد في تعقيد الازمة السياسية التي تعيش البلاد على وقعها والتي تشير الكثير من المعطيات إلى انها يمكن ان تفتح على مصادمات حادة بين مؤسسات الحكم. نعني بذلك الصراعات بين رئيسي الجمهورية والحكومة والتي كشفت في المدة الأخيرة عن نوع التنازع في الصلاحيات يبدو أنه سيصبح مع مرور الوقت إلى واحد من أبرز عناصر الازمة السياسية في تونس.
للخروج من هذا المأزق كانت حكومة يوسف الشاهد تقدمت منذ أكثر من سنة بمقترح تعديل يقضي باعتماد الأغلبية المطلقة (109 أصوات) بدلا عن الاغلبية المعززة بالثلثين (145 صوتا). وفي المدة الأخيرة تقدمت الكتلة الديمقراطية في المجلس الحالي بمقترح تعديل يقضي بإلغاء كلمة " تباعا " من الفصل 10 من قانون ديسمبر 2015. هذه المقترحات لتسهيل عملية تركيز المحكمة الدستورية. ولكن ذلك لم يمنع بعض الكتل النيابية من الاعتراض عليها وعدم المشاركة في التصويت. لذلك فشلت الجلسة العامة مرة أخرى في توفير النصاب القانوني المطلوب (109) للمصادقة على ما اتفقت عليه لجنة التشريع العام.
مرة أخرى إذن يقع تأجيل حسم هذا الملف الذي لم يخرج من أنفاق التعطل إلى أجل غير مسمى.
لكن وبالنظر للكثير من الاعتبارات السياسية الجديدة المرتبطة بنوعية الصراعات الجديدة/القديمة التي تشق أقطاب الحكم (الرئاسة والحكومة والبرلمان) فإن أجل غلق ملف المحكمة الدستورية لا يمكن ان يتأخر كثيرا. فالجميع في حاجة لهذه المؤسسة. فمن يفكر في الطعن في بعض القوانين، ومن يخطط لتنقيح الدستور وتغيير النظام السياسي، ومن يفكر في تنحية رئيس الجمهورية وغيرهم لن يمكنه تحقيق أي من هذه الأهداف في غياب المحكمة الدستورية. هذا والحال ان مثل هذه التطورات باتت واردة ولا شيء يمنع حصولها في ضوء ما تشهده علاقات طرفي السلطة التنفيذية من تعكرات.
غير أن حسابات الربح والخسارة في كل عملية تصويت مازالت تشكل عائقا رئيسيا امام الانتهاء من اختيار بقية الأعضاء ممثلي البرلمان. فالتخفيض في نسبة الأغلبية المطلوبة (من الثلثين إلى الثلاثة اخماس إلى الأغلبية المطلقة) لا يمنع في نظر البعض من ان تكون هذه الكتلة أو تلك هي المستفيدة من عملية التصويت. هذه التخوفات دفعت مثلا بالكتلة الديمقراطية والدستوري الحر إلى عدم المشاركة في التصويت مساء يوم أمس الخميس 8 أكتوبر. والحقيقة ان حركة التي تبدي حماسها إلى تبني مقترح حكومة يوسف الشاهد وتدعو للتصويت على اعتماد اغلبية 109 فقط تطمح في ّان ينجح مرشحيها بالنظر لكونها رشحت في كل اختصاص من الاختصاصات الثلاث المتبقية مرشحا وحيدا. ومن هنا نادى البعد إلى عدم الاقتصار في تنقيح القانون عدد 50 لسنة 2015 على مسألة الأغلبية ومنهم من يطلب مثلا إلغاء ترشيح الكتل وجوانب أخرى من القانون.
الأكيد أن المعركة حول ممهدات تركيز المحكمة الدستورية ستستمر لفترة أخرى ولكنها لن تطول لأن استحقاقات أخرى لم يقع الإفصاح عنها بعد تضغط بكل قوة من أجل الانتهاء من هذه المسألة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا