الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمر أبيض

سليم البيك

2006 / 7 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


قبل انتهاء الدورة التدريبية أكلف الطلاب عادة بأن يقوموا بـ presentation, أن يتكلموا موضحين بالحقائق و الصور عن موضوع هم يختاروه. و "بحملن منية" كوني أتخلى عن الكرسي بكل "محبة و طيب خاطر", و أنبههم بأنهم "سيساءلون" من "الجماهير"!
اقترحت "بلؤم" على طالبة روسية بأن تتكلم عن تاريخ بلدها قائلاً بأن له تاريخ عظيم, و هذا اعتقادي, فوافقت. و كان ما أردت, فمن جملة ما تكلمت عنه كان روسيا في الحقبة الستالينية.
ذكرت جميلتنا بأن موسكو كانت تعرف بالمدينة البيضاء, لسبب أن معظم بيوتها كانت تبنى بحجارة بيضاء, و كان لذلك لمسة جمالية ميزت موسكو و خاصة حين تتزين هذه المدينة ببياض ثلجها فتزيد على جمالها جمال. لكن, و الكلام لها, لم يرق ذلك "لرئيسنا المرهف ستالين", فصبغ المباني بالأحمر. "فالأبيض ليس شيوعياً يا رفاق"!
بغض النظر عن مدى دقة كلامها, و يبدو معقولاً, أقول لستالين: "الله يكسر اديك و لا يرحم ترابك.. إزا مش على هالعملة.. على كتير غيرا".
كان ستالين و الستالينية أكثر من أوجع الماركسية بضرباته, فكانت بيد من حديد, تماماً كما حكمه, و ما يوجع أكثر هو ارتهان معظم الأحزاب الشيوعية العالمية للستالينية و التبني الكامل- بالجملة و المفرق- للقرارات الرسمية للإتحاد السوفيتي, و فُرضت الستالينية على الأحزاب الشيوعية التي لم تجد سبيلاً كي يُعترف بها إلا هذا الارتهان, أكان ذلك بالرضى أم بالإكراه. و كأن الحزب و المرء يحتاج وثيقة اعتراف بشيوعيته مصدقة من "الرفيق الأعلى" ستالين و حاشيته في روسيا و أوروبا الشرقية!
أما الأحزاب العربية, و الحمد لله, فقد وُسم الكثير منها بهذه الشهامة و "النخوَجة" بل و المزايدة, فنحن العرب إن تبعنا أحداً نخلص له و نزايد عليه, حتى لنتبعه من أمامه!
أُلصقت الشيوعية بالستالينية و أضفى الكثير من الأحزاب الشيوعية العالمية الشرعية على ذلك, في وقت لم تنتظر فيه لا الستالينية و لا الرأسمالية و لا الرجعية الشرعنة الطوعية التي تكرمت بها هذه الأحزاب, و كان العلماء السوفييت هم المشرعون الوحيدون للماركسية, و اغتيل أدبياً و فكرياً كل كاتب و مفكر كانت له مقارباته و فهمه لا أقول المختلف بل المستقل عن قرارات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي.
عانى الفكر الماركسي الكثير, إضافة إلى الأحادية الفكرية الستالينية التي تسلطت عليه آنذاك, و التبعية العوراء لها من قبل الأحزاب الشيوعية, كان لمحاولة فرض الستالينية على الجميع من شيوعيين و غير شيوعيين, على كل إنسان و حيوان و شجرة و حجر, كان لها آثاراً بشعة ظل يعاني منها هذا الفكر حتى لحظة قراءتكم هذه الأسطر.
من البشاعة ألا يُرى الجمال إلا في لون واحد, فجمال الأحمر يكمن في تجاوره مع ألوان أخرى غير الأحمر, و يزداد الأحمر جمالاً إن كان بدرجات متفاوتة, أما أن يطفح الأحمر, و بدرجة معينة, دون ألوان أو درجات أخرى, و أن يُفرض على الجميع, فذلك يغتال شرعيته و يشوه جماله, و يجعلني و قلمي, "نكايةً", نناوشه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر