الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زعماء الطائفية يحضرون لحرب اهلية

رزاق عبود

2006 / 7 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


بصراحة ابن عبود
بعد سقوط الصنم يوم 9 نيسان 2003 رفضت قوات الاحتلال الانكلو امريكي تشكيل حكومة وحدة وطنية من قوى المعارضة لحكم صدام، والتي سبق واجتمعت في صلاح الدين ثم لندن. وكان المفروض، والممكن، والافضل لعراق ما بعد صدام ان تتولاه حكومة انتقالية تحافظ على مؤسسات الدولة، ومنشاتها، ومصالحها لحين استتباب الامور لاجراء انتخابات حرة وديمقراطية. ولكن قوات الاحتلال ابت الا ان تقوض مقومات الدولة العراقية الحديثة، التي تاسست رغم انف الاحتلال البريطاني بعد ثورة العشرين المجيدة. ويومها اصدروا قانون العشائر، ورسخوا الاقطاع، واتبعوا سياسة فرق تسد من اجل اخضاع العراق الثائر ابدا. يومها تقصدت بريطانيا، واعطت الانطباع، ان السنة العرب هم الذين سيطروا على الحكم، بعد ان قاومهم الشيعة. في حين ان الوفد الذي ذهب لمبايعة فيصل كملك على العراق كان اغلبه من الشيعة. كما ان المرجعية الشيعية ايدت العرش الهاشمي ثم تراجعت ودعت اتباعها الى عدم المشاركة في الحكم رغم ان زعماء من الشيعة تولوا رئاسة الوزارة اكثر من مرة. ولم تكن رغبات الشاه، ودسائسه، وقتها، بعيدة عن ذلك القرار، حيث كان يطمع بضم جنوب ووسط العراق الى ايران بعد ان ضم امارة الاهواز.

بعد سقوط الصدامية الفاشية تحولت الاسطوانة على موجة اخرى حيث صوروا الامر، وكان الشيعة استاثروا بالحكم، وان السنة كانوا جميعهم من اتباع صدام. في حين ان اغلبية البعثيين هم من الشيعة. بل هم من اسسوا حزب البعث، وزعماء الدين الشيعة هم من اسقطوا ثورة 14 تموز بتحالفهم مع البعث، ومع الاقطاعيين عربا، واكرادا. فاستغل زعماء الدين السياسي هذه الصورة الجديده المشوهة، والمقلوبة. وظهر لاول مره الاستقطاب الطائفي في العراق، ومورست المحاصصة الطائفية في الحكم، كمحاولة قذرة لتمزيق الشعب العراقي، ووحدة اراضيه، وضمان سيطرة الزعامات الدينية على الحياة السياسية. وبقاء قوات الاحتلال كصمام امان مفترض، وحارس لهذه المحاصصات البغيضة. وربما اتفقت القيادات الشيعية، والسنية من وراء ظهر اتباعها مثل جرير، والفرزدق لسحب الجماهير المظللة وراءها. حتى فلت الامر، وصار الاحتقان الطائفي هو السائد. وتحولت الشوارع العراقية الى قنابل موقوتة، وساحات حرب، وانتشر القتل على الهوية من الجانبين، وانتشرت المليشيات التي تمارس كل انواع الجرائم، وافظعها محاولة اثارة الفتنة الطائفية ليتسى للزعماء من كلا الطرفين تنفيذ مشاريعهم الخبيثة بالتتويج ملوكا على طوائفهم. وكل منهم تعاون مع صنفه من خارج الحدود لمحاولة اثبات قوته، ومن اجل فرض الامر الواقع.

لقد ساعدت اجراءات بريمر، ونصائح بريطانيا، وسلبية "الزعماء" الاكراد، وجرائم الصداميين والتكفيريين، والمصالح الشخصية لزعماء الطوائف، وتصعيدهم الخطاب الطائفي المريض على الوصول الى حافة الحرب الاهلية التي يحذرون منها قولا، ويحضرون لها عملا، ويشتمون تجربة البوسنة في حين يريدوها مثالا لمشاريعهم الاثمة. والحرب الاهلية الطائفية في الواقع قد بدأت رغم الصخب الاعلامي بوحدة المسلمين. واليوم ما ان يقتل سني حتى تتهم المليشيات الشيعية، وما ان يقتل شيعي حتى تتهم المليشيات السنية. انهم يخططون في الخفاء معا لضرب وحدة الشعب العراقي ووحدة اراضيه، وحدوده. ويحولوا الامر الى واقع على الارض بعمليات التهجير، والارهاب المتبادل والناس البسيطة ضحية هذه المؤامرات الحقيرة، التي تتفق مع مشاريع، وخطط التكفيريين، والصداميين. والا لماذا لم نسمع أي مرجعية من الطرفين تدين الحرب الطائفية وتحرمها؟ لماذا هذا الصمت على التهجيرعلى اساس الانتماء الطائفي؟ لو كانت مرجعيات النجف ومرجعيات غرب العراق مخلصة في الحفاظ على وحدة العراق، لافتوا بحرمة التهجير، والقتل على الهوية. ولوقفوا سوية امام الناس، والاعلام، وشجبوا الاعمال الطائفية، وكفروا من يقوم بها. انهم مشاركون فعليون في القتل اليومي للناس من كلا الطائفتين وبقية جماهير العراق، والا لوقفوا سوية وطمروا الفتنة، كما فعل زعماء الاقباط، والمسلمين في درء الفتنة في احداث الاسكندرية الاخيرة في مصر. وكما خرج علماء الازهر، وقساوسة الاقباط، وهم يهتفون: "عاش الهلال مع الصليب" يوم حاول المستعمر البريطاني زرع الفتنة بين الشعب الواحد بديانتيه في بداية القرن الماضي.

ان زعماء الدين الشيعة والسنة في العراق يتحملون مسؤولية القتل اليومي لمئات الابرياء، والتصفيات، والاختطاف، والسبح في دماء المؤمنين من اجل الوصول الى شاطئ اغراضهم الانية، وتتحمل المرجعيات الشيعية بتقديري القسم الاكبر من المسؤولية الاخلاقية، والشرعية لانها تدعي تمثيل الاغلبية، وتدعي العراقية، والحرص على ارواح العراقيين. وكل المليشيات تعلن خضوعها للمرجعيات. ولم نسمع او نقرأ فتوى حرمت القتل على الهوية، والتصفيات، والتهجير على الهوية فما الفرق بين تعريب صدام، وتهجير زعماء الطوائف؟ ان السكوت من الرضى، كما يقول شعبنا الطيب. ولن يتغير هذا الانطباع حتى يرى الشعب تحركا ملموسا ممن يدعون الحرص على دماء المسلمين، والتحدث باسمهم، واسم ربهم، ونبيهم؟ فهل انتم وكلاء الرحمن ام وكلاء الشيطان؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟