الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الأحزاب الاسلامية ومستنقع الفشل

الأسعد بنرحومة

2020 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الأحزاب والحركات الاسلامية تتخبّط بين حالتين ، لا تحسد الواحدة منهما الأخرى،فهي امّا حركات خالية من الفكر خاوية المحتوى تكتفي برفع الشعارات الغوغائية والعناوين الشمولية التي لا تفيد ولا تنفع في التغيير مثل الاخوان والنهضة والدعوة وطالبان والحركات السلفية ، أو هي ذات فكر ورؤية لكنها تقف عند ذلك ولا تتجاوزه لجعله واقعا معيشا لانها فاقدة للارادة الحقيقية في العمل ، وعاجزة عن خلق تصوّر عملي لكيفية تحويل ما عندها من فكر لأعمال سياسية مثل حزب التحرير....
هذه الأزمة وهذا القصور الذي تعيشه جميع الحركات والأحزاب الاسلامية حوّلها الى منصّات يسهل توظيفها واستغلالها امّا بالمساومة أو بالتضليل أو بالاختراق لتكون في خدمة أهداف غيرها من أعداء الشعوب والأمّة....
الحقيقة أنّه لا يكفي وجود الفكر والرأي السياسي لتكون حزبا سياسيا، كما لا يكفي رفع الشعارات والعناوين لتكون لك ارادة التغيير والنهضة بالناس مادامت تفتقر لارادة العمل وارادة التغيير ....
كما أنّ الحقيقة التي تتجلّى فيها معنى الارادة لا تكمن في كثرة الخطابات الرنّانة والاجتماعات ولا في اصدار الكتب والنشريات ، كما لا تظهر في كثرة أعداد المؤيدين والقواعد ، ولا في القدرة على تحريك الجماهير في المسيرات والمظاهرات ، الارادة الحقيقية لا تتجلّى في شيء منها لأنها ليست جميع هذا ....
الارادة السياسية أو ارادة التغيير والنهضة تتجلّى في ثلاثة أمور مجتمعة وهي :
* حسن فهم ما عندك من أفكار وحسن الاختيار منها ما تريد ايصاله للناس تحديدا كفكر سياسي يخلق الفاعلية فيهم والعمل ، اذ ليس المراد اسقاط هذا الكمّ الهائل من الثقافة جملة واحدة على المجتمع لان هذا لا يصنع قيادة ولا يحوّل الفكر لسياسة وبالتالي لا ينتج حركة.
* حسن فهم الواقع وما تجري فيه من أحداث وتطرأ عليه من وقائع وانتقاء الاحداث والوقائع "وليس جميع الاحداث " لتنزّل عليها ما تريده من أفكار وآراء امّا للعلاج او الكشف او اثارة السخط والامتعاض في الجمهور ...
* حسن تحديد الغايات وتعيين الاهداف الصغرى والمرجوّة من كلّ عمل سياسي ، مع ادراكنا لحقيقة لا غبار عليها وهي أنّ القدرة على فهم الافكار وانتقاء منها ما يلائم الاحداث الجارية لتُنزّل عليها من اجل تحصيل غاية منها هو ما يحوّل المرء من مجرّد قالب للأفكار الجاهز الى سياسي مقتدر في المجتمع ، وأنّ القدرة على تنزيل الفكر المراد تنزيله على ما يلائمه من حدث او واقعة هو الذي يصنع الفارق بين الفكر المجرّد والفكر السياسي ...
وهذه الحقيقة هي ما تفتقر اليها جميع الحركات الاسلامية والاحزاب لا فرق بين حركات شمولية وبين أحزاب مبدئية ، ولا يقال هنا انّ هذا الكلام لا ينطبق على البعض منها كحزب التحرير بسبب ما يظهر من قدرته على التأليف في التغيير وكيفية العمل السياسي والنهضة. لا يقال ذلك لأن الكتابة في التغيير وفي كيفيته وفي شروح كيفية العمل السياسي لا يدلّ على وجود ارادة التغيير في الحزب ولا يذلّ على انّ رجاله سياسيين او انه يتقن العمل السياسي مادام يعجز عن ترجمة تلك الكتابات والشروح لسلوك يومي يمارسه ...فالحزب وان أكثر في التأليف والكتابة والتخطيط ، وان وُجد فيه الخطباء والمناظرون وغيرهم ، ولكنه عجز عن ممارسة الفعل السياسي المنتج وفشل في اخراج سياسيين قادرين على ادراك ما يريدون وما يفعلون....
هذه الأزمة الخطيرة ليست خاصة بحزب دون آخر ،لكنها أزمة العمل السياسي اليوم في منطقتنا ، ولا يظهر أنها ستنتهي قريبا على المستوى العام في منطقتنا ، وهو ما يستمرّ في دقّ ناقوس الخطر لأنه يدلّنا الى أنّ جهود التوظيف والاستغلال التي يمارسها أعداؤنا لهذه الجماعات مازالت ستستمرّ وهو ما يعني مزيد من زرع الانتكاس والاحباط في الأمة....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر